آخر تحديث :الاربعاء 07 اغسطس 2024 - الساعة:23:00:50
مواقف مشهودة : يوم أنقذ اللواء المحرمي حياة وزير الدفاع ومرافقيه
عيدروس باحشوان

الاربعاء 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

حريّ بنا في هذه اللحظات الحزينة ، والنكبة التي منينا بها برحيل أحد كبار القادة الجنوبيين ، والمحنة الكبرى التي يمر بها شعب الجنوب أن نتذكر بعض مواقف الرجل الهمام والهامة العسكرية والقائد المغوار اللواء / أحمد سيف المحرمي اليافعي الذي استُشهد فجر الأربعاء في ميادين الشرف .

ففي شهر نوفمبر من العام 1988م كنت مرافقاً إعلامياً لوزير الدفاع العميد / صالح عبيد أحمد ومرافقيه من قادة وحدات الوزارة والأركان العامة في زيارة تفتيشية لوحدات القوات المسلحة بمحافظة شبوة ..وهي الزيارات الدورية التي عادةً ما يجري وضعها ضمن برامج التفتيش على مدار العام ويحرص الوزير ورئيس الأركان العامة ومدراء الدوائر أن يكونوا خارج عدن مع القوات في مناطق عديدة من البلاد .

وخلال زيارتنا لمحافظة شبوة في ذلك الشهر والعام صادفنا موقفاً صعباً بل كميناً عسكرياً كاد أن يبيد كل من في الموكب العسكري لولا لطف المولى تعالى وحنكة واحترافية القائد العسكري العقيد/ أحمد سيف المحرمي الذي كان يتبوأ قيادة المحور الأوسط في شبوة .

فأثناء زيارة الوزير / صالح عبيد لمديرية بيحان واللقاء بضباط وأفراد وحدات من الجيش والانتهاء من الزيارة اتجه الموكب صوب منطقة الإنتاج النفطي المشتركة مع الشمال في وادي (جنة) ، وهناك تحدث قائد المحور الأوسط أحمد سيف إلى الوزير صالح عبيد عن الوضع العسكري في منطقة التماس بين وحدات الجيش الجنوبي والشمالي الذين تفصلهم مترات محدودة .. وحين انتهى من حديثه اتجه الموكب عائداً إلى بيحان عبر الوادي المعروف بوادي بيحان .. وأثناء السير فيه انطلقت نيران كثيفة صوب الموكب الذي يتقدمه طقمان ومؤخرته بالمثل ..وازدادت النيران كثافة مما أدى توقف حركة السير وخروج كل القادة والضباط والجنود من الآليات العسكرية ، وأتذكر جيداً صوت هادر مصدره أحمد سيف : " انتشروا ..خذوا موضع انبطاح على الأرض .." ، تحسبا لأي تطور للموقف من رمي قنابل أو قاذفات آر.بي.جي.. ثم شاهدته بأم عيني وهو ينادي عامل الاتصال اللاسلكي "الإشارة" للاقتراب منه .. وحين اقترب المجند عامل الاتصال انتزع المحرمي منه جهاز اللاسلكي وأخذ يوجه نداءات عاجلة إلى مركز قيادة المحور وبأرقام وشفرة غير معروفة .. عرفنا بعدها أنه أبلغهم أن موكب الوزير يتعرض لهجوم مسلح وكثافة نيران من مرتفعات في الوادي .

الأطقم العسكرية المرافقة توزعت المهام فيما بينها ، أحدها يرد على النيران وأخرى في حماية الموكب داخل الوادي ، لكن سرعان ما سمعنا أزيز الطائرة العمودية تقذف نيراناً كثيفة في مرتفعات الوادي لتسكت نيران المهاجمين للموقع ، ولم تمضِ ساعة من الحادثة المريبة إلا والقائد المغوار المحرمي - بعد تلقيه اتصالاً من جهاز الإشارة- أن الطيران تمكن من إسكات نيران المهاجمين وإحراق طقمين كانوا على متنهما .. وتعانق الوزير عبيد بحرارة مع القائد المحرمي ولسان حاله " أنت ومرافقوك وموكبك تحت حماية المحور الذي أقوده ".

وكانت العملية عبارة كمين نصبته عناصر مأجورة وفي إطار الاحتراب القائم بين الشمال والجنوب حسب معلومات استخباراتية تلقتها قيادة المحور لاحقا.

هذا هو القائد العسكري الأنموذج الذي يجيد التصرف واتخاذ القرار في أصعب المواقف .

رحمك المولى تعالى وطيّب ثراك وأسكنك الجنة .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص