آخر تحديث :الجمعة 03 مايو 2024 - الساعة:01:08:19
عن دور القضاء العادل والمستقل في حياة الناس
محمد سعيد الزعبلي

الجمعة 00 مايو 0000 - الساعة:00:00:00

ما من شك إذ نقول بأن القضاء العادل والمستقل حقاً له مكانة عظيمة وأهمية كبرى في حياة الناس في هذا المجتمع  أو ذاك ولأهمية ذلك المبدأ السامي فقد بات العدل هو الغاية في رسالات الله تعالى حيث وأنه قيمة من القيم الإسلامية العليا باعتبار إقامة الحق والعدل هي التي تشيع الطمأنينة وتنشر الأمن وتشد علاقات الأفراد بعضهم ببعض وتقوي الثقة بين الحاكم والمحكوم وتنمي الثروة وتزيد في الرخاء وتدعم الأوضاع فلا تتعرض إلى خلخلة واضطراب وبالتالي يمضي كل من الحاكم والمحكوم إلى غايته في العمل والإنتاج وخدمة البلاد دون أن يقف في طريقه ما يعطل نشاطه ويعيقه عن النهوض وإنما يتحقق العدل بإيصال كل حق إلى مستحقه والحكم بمقتضى ما شرع الله من أحكام ويتجنب الهوى بالقسمة بين الناس بالسوية وما كانت مهمة رسل الله تعالى إلا للقيام بهذا الأمر وتنفيذه وما كانت  وظيفة إتباع الرسل إلا السير على هذا النهج لكي تبقى النبوة تمد الناس بظلها الظليل لقوله تعالى لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط سورة الحديد آية (24) ..

ولذلك كان القضاء في الإسلام يتبع أهم الوسائل التي يتحقق بها القسط وتحفظ الحقوق وتصان الدماء والأعراض والأموال وهي إقامة النظام القضائي الذي فرضه الإسلام وجعله جزءاً من تعاليمه وركيزة من ركايزه والتي لأبد منها ولا غنى عنها. ولهذا قال الله تعالى لنبيه الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما) سورة النساء: آية (105) ونظراً لجسامة المسؤولية في تولي مناصب القضاء في عصر أسلافنا الأوائل بناة نهضة هذه الأمة في ذالكم العصر كان الكثير من الأئمة يرفضون الدخول في القضاء خوفاً من العجز عن القيام بالقضاء على الوجه الأكمل والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو أين نحن من ذلك؟ الجواب أننا لم نجد اليوم من يخاف من تولي المسؤولية في القضاء وغير القضاء بل نجد الكثير من الناس يلهثون ويركضون وراء المناصب ومنها القضاء حيث يسعون إليها سعياً حثيثاً للوصول إليها بأي طريقة كانت فأصبح المنصب مغنم وليس مغرم في وقتنا الحاضر والسبب في ذلك هو غياب عنصر المحاسبة ومبدأ الثواب والعقاب الثواب لمن أحسن والعقاب لمن أساء وما غياب ذلك إلا نتيجة حتمية لطغيان وفساد وهيمنة وجهل الأنظمة السياسية الحاكمة في بلادنا والتي جعلت القضاء مسيراً بيدها يعمل بأمرها وينتهي بنهيها فأفقدته استقلاليته وحياديته كما كان يجب أن يكون وما نظام صنعاء القديم الجديد من ذلك ببعيد، ذلك النظام الذي طغى واستكبر وظلم واستبد وعاش في الأرض فساداً باسم الثورة والجمهورية والديمقراطية والتعددية السياسية قولاً : وفي العمل والممارسة على الواقع عكس ذلك تماماً ولهذا السبب وذاك غاب دور القضاء العادل والمستقل في بلادنا وسيظل كذلك ما دامت عقول الجهل والتخلف وعصابات النهب والفيد وتجار الحروب هي السائدة والمسيطرة على المشهد السياسي مهما كانت الشعارات البراقة والزايفة المرفوعة هنا وهناك لقول المثل العربي الشائع ( أن كل أناء ينضح بما فيه) وأنك لن تستطيع استخراج الزبدة من الماء ولله الأمر والنهي .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل