آخر تحديث :السبت 23 نوفمبر 2024 - الساعة:23:56:25
عن عودة الرئيس هادي إلى عدن
د. عيدروس النقيب

السبت 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

تباينت التناولات التي أتت بها المواقع الإعلامية الإلكترونية والصحفية والمحطات الفضائية عن عودة الرئيس عبدربه منصور هادي صباح هذا اليوم إلى عدن، حيث سمتها معظم المحطات والمواقع، بـ"زيارة الرئيس عادي" بينما سماها قليل من المواقع الإلكترونية "عودة الرئيس" والفارق اللغوي بين المفردتين واضح فالزيارة لا تكون لرئيس أي بلد إلى عاصمة بلاده بل إنها تكون عند ما يغادر هذه العاصمة إلى مكان ما أما ذهاب الرئيس إلى بلاده فلا يسمى إلا عودة بعد زيارة وليس زيارة، حتى لو كان وجوده خارج عاصمته هو بسبب النزوح الإجباري.
ربما يكون هذا الأمر ليس مهما في هذا المقام وفي الظرف التاريخي الحرج الذي تمر به البلاد شمالا وجنوبا، وبعد انسداد كل آفاق الحل السياسي بسبب إصرار الطرف الانقلابي على أن لا مخرج للأزمة إلا بهيمنتهم على كل شيء في هذا البلد من السلطة بكل مؤسساتها، إلى الأرض بكل مساحاتها، ومن الثروة بكل قطاعاتها إلى رواتب الموظفين الحكوميين بكل فئاتهم.
يقول الكثير من المتابعين أن عودة الرئيس إلى عدن جاء من أجل المتابعة عن كثب لمجريات العمليات العسكرية في جبهات المواجهة، ويعرف الجميع أن رئيس الجمهورية لن يذهب إلى الجبهة ليقاتل الانقلابيين رغم انحداره المهني من فئة المقاتلين واشتراكه في العديد من المواجهات في مراحل مختلفة من عمر البلد، لكن الأمر الطبيعي أن رئيس الجمهورية ـ الذي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ـ هو المشرف المباشر على كل العمليات العسكرية، ويقيني أن الرئيس هادي وباقترابه من مواقع المواجهة وإعادة توزيع القوى والقطاعات والمتابعة الدائمة لمجرى العمليات، والكشف عن أسباب التلكؤ والفشل الذي يجري هنا أو هناك من مناطق التماس، يستطيع أن يضاعف من مستوى أداء المقاتلين وتغيير النتائج المنتظرة بالاتجاه الذي يجبر الطرف الآخر على الإذعان لصوت السلام واحترام دماء وأرواح المواطنين وفي مقدمتهم مناصروه الذين يسوقهم إلى حتفهم كما تساق الأنعام إلى المسالخ.
لقد برهن الانقلابيون أنهم لا يتفاوضون إلا عندما يتغير ميزان القوى على الأرض في غير صالحهم، لكنهم لا يتفاوضون من أجل تحقيق السلام وصيانة أرواح ودماء المواطنين ، بل للاستفادة من الوقت في إعادة تموضع قواتهم وفتح جبهات جديدة، ولا أعتقد أن الرئيس هادئ ومؤيديه يسيرون على نفس النهج، لكن طالما أصر الانقلابيون على أن لا تفاوض إلا في ظروف هزيمتهم فلتكن الهزيمة أعمق وأكبر وأشمل وهذا أمر ممكن وليس بالمستحيل غير إن تحقيقه يتطلب شروطا كثيرة هي متوفرة لكن لا يتم التعاطي معها بالمستوى المطلوب والفعال، وأهم هذه الشروط التخلص من القيادات الفاسدة التي حولت الحرب إلى ساحة للاستثمار لأن هذه العناصر ليس من مصلحتها إنهاء الحرب إذ إن نهاية الحرب تعني نهاية هذا الاستثمار المربح لتلك العناصر التي يتبوأ الكثير منها مواقع قيادية عليا، ويشرف الكثيرون من هؤلاء إشرافاً مباشراً على النفقات والتسليح والتمويل والتموين، وكلها نوافذ عندما يشرف عليها من لا ذمة لهم يمكن أن تعود عليهم بملايين الريالات السعودية والدراهم الإماراتية في اليوم الواحد، كما إن توفير حقوق المقاتلين من تغذية ولوازم المعركة وتسليمهم مرتباتهم كاملة وتأمين حقوق الشهداء والجرحى يعزز من الروح المعنوية ويرفع من مستوى أداء هؤلاء المقاتلين فضلا عن العنصر الأهم والمتمثل في تثبيت أركان الدولة في المناطق المحررة والشروع بإعادة الإعمار  وخلق بيئة استثمارية تسهمفي امتصاص البطالة وتحسين دخل المواطنين ومواجهة التسكع والعبث والتلاعب بالأمن وغيرها من العوامل.
وغاية ما يتمناه المواطنون هو أن لا تكون هذه زيارة لفخامة الرئيس بل عودة دائمة وبقاء مستمر في العاصمة عدن لا تمنعه بطبيعة الحال من الزيارة لأي مكان في العالم، فبقاء رئيس البلاد بين الناس ومعايشته لحياتهم ومشاركته همومهم أمر مهم جدا لأنه يجعل الشعب يشعر بأن قيادته تعيش حياته وتشاركه سراءه وضراءه والبقية يفهمها فخامة الرئيس.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل