آخر تحديث :الخميس 08 اغسطس 2024 - الساعة:00:16:25
هذه رسالتي لـ"بن دغر" وأعضاء حكومته : " اللي استحوا ماتوا! "
جيهان ماجد

الاربعاء 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

في الماضي الغير بعيد جدا كانت هناك حمامات عامة منتشرة في الأسواق يستحم بها الناس ، وحدث ذات مرة أن شبت النار بواحد من تلك الحمامات والناس بداخله عرايا !، فانقسم هؤلاء المستحمون إلى قسمين، قسم خرج مهرولا عريانا كيوم ولدته أمه لا يلوي على شيء خلفه، همّه النجاة بروحه غير مبالٍ بفضيحة عُريّه ، وقسم فضل الموت حرقا على أن يخرج على الملأ عريانا بدون شيء يستر ما طلب الله ستره. وبعد أن خمدت النار سأل الناس صاحب الحمام عن القتلى ، من هم؟ فأجابهم بكلمتين تختصران مشهدا كاملا وقيمة إنسانية لا يدركها إلا من علم معناها بأن : "الذين استحوا ماتوا ! "

هو مثل أضربه وأضرب به وجوها تجمد الدم في عروقها فتبلد لديها الإحساس، فلم تعد تشعر بذل الانكسار ولا بهوان التخاذل ولا بمرارة الظلم الذي يمارس عليها!.

ضاقت الدنيا بما رحبت بشباب خرجوا إلى الحياة ليجدوا أنفسهم في مواجهة الفقر وانسداد طرق العمل أمامهم لم يقبلوا بقدرهم المرسوم ولم يستطيعوا أن يغيروه، إلا أن إحساسهم بكرامتهم وإنسانيتهم المهدورة لم يسمحا لهم بقبول هذا الواقع المرير إذا ما تعرضوا للظلم يمكنه أن يقلب موازين الدنيا كلها. ، حتى وصل الأمر إلى أطفال الجنوب الذين سمع العالم بهم، كانت  مجرد طفولة عابثة أحبت أن تقلد غيرها وتقزم لعبة الكبار حتى تتناسب مع سنها، فنال هؤلاء الأطفال ما نالوا من صنوف العذاب الذي كان يُقدم لهم بدل وجبات طعامهم ، وعندما لم يقبل أهلهم وذووهم بهذا الظلم رفعوا شعار "الموت ولا المذلة"، فجاءهم الموت من كل جانب واستقبلوه بصدر رحب بل وفي الوقت الذي يتأخر عنهم كانوا هم يخرجون لملاقاته، ولا زال مسلسل "الموت ولا المذلة" مستمرا إلى هذه اللحظة .

قد يسأل سائل ، ما مناسبة هذا المثال وهذا الكلام ؟ فأقول له : عشرون عاما قفراء قاحلة مرت، دمر الشماليون فيها الحجر والشجر والبشر، نهبت ثروات ما فوق الأرض وما تحتها، ، فلا تاريخ حماهم ولا جغرافيا وقَتهم، منهم من تشرد في منافي الأرض متذللا للغريب كي يأويه قانعا بأقل القليل، ومنهم من آثر البقاء والعيش على أرضه ليعيش عليها كالغريب مذموما مدحورا من غاصب حاقد كريه، لازالت حكومته تحدد له ما يجب عليه أن يأكل أو يشرب من خيرات بلدهم وتسرق الباقي، ولا زالت عسسهم وجواسيسهم يحصوا عليهم أنفاسهم التي يجب أن يتنفسها! ،

ومنهم  الكثير ممن يقولون من اتباع الحكومة  أنهم ناضلوا وقدموا الكثير ويتباهوا برفقائهم وبدربهم الطويل والشاق ويتغنون ببطولات  ، فأقول لكم يا من تتباهون برفقائكم : قد أخاطوا عباءات مجدهم على مقاساتهم هم ليلبسوها على مر التاريخ، فإن أردتم أن ترتدوا مثل تلك العباءات فعليكم أن تفصلوها على مقاساتكم أنتم بأعمال يظهر أثرها على ثرى الأحواز الطاهر، حتى تناسبكم .

إن المطالبة بالحقوق والحصول عليها تتطلب صبرا وتضحيات كبيرين و إرادة قوية لتفويت الفرصة على الخصم من الاستفادة من أي خطوة ناقصة وغير مدروسة الأبعاد ، ومع ثقتي الكبيرة بشعب الجنوب أتمنى أن لا يقع في فخ الاقتتال  والدماء والفتنة  والخراب الذي يحاول بعض الأشقاء قبل الأعداء أن يوقعوه فيه ، خاصة من خلال بث الإشاعات والأكاذيب والشائعات التي يبثونها عبر إعلام  وجواسيس وايادي حاقدة بعناوين عريضة بالإضاءة المستمرة عليها وتضخيمها وتصويرها كعدو متربص بهم للانقضاض عليهم.

وأمام هذه الملمات الصعبة أرى من الضروري الإشارة إلى ما قد تتعرض له قيادات أو أفراد أو مجموعات من مغريات وضغوطات للتكاسل والتخاذل أو لخيانة القضية والانحراف عن محورها .

ومن هنا أوجه دعوة إلى الشعب الجنوبي للإمساك جيدا بزمام الأمور لمواصلة المسير متكاتفين موحدين عاملين على تذليل الصعاب لأجل تحقيق الهدف والتعاهد على رفع الصوت عاليا بقلب واحد ويد واحدة وجسد واحد.

و لطالما بقيت القلوب مؤمنة بقضيتها ورامية وراءها الأحقاد والغايات والمناصب والأمور الخاصة ، تجابه مخاطر أو ملمات صعبة ، مضحية بمكاسب  ومغريات لأجل هدف عام تتطلع إليه كل العيون وتتوق لتحقيقه.

في خضم هذه الأحداث ، أمنيتي إلى الشعب الجنوبي الذي تستمر معاناته أن يتحلى بالصبر والحكمة والقوة والاتحاد والإصرار على السلمية ليصبح على حرية.

حماكم الله جميعا وبلغكم مقاصدكم...

* (كاتبة لبنانية)

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص