آخر تحديث :السبت 23 نوفمبر 2024 - الساعة:10:18:29
كيان وطن .. وحلم شعب
ياسر الأعسم

السبت 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

إن عدالة قضيتنا ،وحقنا في الحرية ،والاستقلال ثوابت جسدتها تضحياتنا خلال ربع قرن،فقد بصمنا على النصر بدم أشجع رجالنا ،وزينة شبابنا،وفلذات أكبادنا ،ولا نحتاج إلى فرصة ننتهزها،وإنما إلى إرادة سياسية تنتزع حقنا. 
الجنوب الوطن الذي ناضلنا ،ومازلنا من أجل استعادته،ليس مشروع(عدني)أو(بدوي)أو(ضالعي)أو(حضرمي)أو (سقطري)أو (مهري)أو(لحجي)أو(يافعي)،ولكنه حلم شعب بكامله ،وبرجاله ،وحرائره،وشيوخه ،ومواليده،وأيتامه ،وأرامله ،ورويناه بدماء آلاف الشهداء،ودموع آلاف الأمهات ،وآلاف الجرحى ،والأجساد التي بُتِرت أطرافها ،وقهر المعتقلين خلف زنازين الشمال ،كما أن مستقبله ليس رهينة شخص أورمز أو مكون أو مقاومة أوسلطة  أو قيادة تاريخية أو وزير،ورئيس ،ولكنه ملكنا جميعا.
الحرب لم  تنتهِ ، وحجم المؤامرات كبير، ولكن الحقيقة أننا انتصرنا ،وأصبحنا وحدنا في الجنوب ،وسلطتنا  تحكمه ، وتديره، رغم أنف زعيمهم ،وسيدهم ،وإخوانهم ،وأكبر شنب فيهم ،والذي كان شيئاً من الخيال بات واقعاً ،وكل هذه الإنجازات تجعلنا جديرين بانتزاع دولتنا أكثر من أي وقت مضى ،ودون أن نلتفت للوراء أو ننظر تحت أقدامنا .

إن الدعوة التي أطلقها محافظ (عدن)،وقائد المقاومة الجنوبية ،ورمزها اللواء (عيدروس الزبيدي) لتأسيس كيان سياسي جنوبي موحد حركت مياه السياسة الجنوبية التي كانت تعيش حالة من الركود،وانتظار الأماني!.. كما أن قيمتها تكمن في أنها جاءت بعد دحر الاحتلال ،ودكّ أوكار الإرهاب ،وتستمد عنفوانها من مواقف قائد فذّ يثق كل جنوبي شريف بشجاعته،وصدقه ،ويدرك العدو قبل الصديق مكانته ،ووزرنه ،وتشهد الحرب ،والسلام بأن لحم كتفه لا يؤكل ،ولا تحركه مقاليد السلطة ،وشهوة الزعامة ،ولكنه مؤمن حتى النخاع بقضية شعبه ،وحقه في حريته ،واستقلاله.

 إن ولادة كيان سياسي موحد تحدي لكل جنوبي حر من أصغر مواطن إلى أكبر رمز قيادي ،ورأس سياسي ،فإذا نجحت عملية ولادته ، فكلنا شريك في أبوته ،وإذا ـ لا سمح الله ـ  أجهض ،فلا يعفي أحد نفسه من المسؤولية!..لا ندعي البطولة أو ننقص من شأن أحد ،ولكننا نعتقد بأنه إذا لم نتعلم من التجربة ،والدروس القاسية ،ونحترم تضحيات من سبقونا ،ونكافح من أجل حقنا في حياة كريمة ،ومستقبل أفضل لأطفالنا ،فماذا يتبقى لكي نعيش لأجله أو نستحقه!…
  
 المثالية في السياسة أمر معقد،ونحسب أن نقاط الاتفاق أكثر من الاختلاف ،فإذا استمر بعضنا يقلب كفه ،ويسأل عن حظه،وسبقه النضالي،وجدل الاسم، والشكل ،لن نبرح مكاننا ،فمن المهم أن  نبدأ،ونتجاوز تفاصيل الفشل، فالغاية واضحة ،والرأس الذي كنا نبحث عنه سنوات طويلة أصبح موجوداً ،ولم يتبقَ إلا الجسد الواحد ،والصوت الواحد. 

كسبنا ثقة الأشقاء ،واستطعنا أن نكوّن حليفاً رئيسياً في مواجهة المد الفارسي ،وطهّرنا شوارعنا من (بُعبُع)الإرهاب ،وأثبتنا للعالم بأننا شريك حقيقي في محاربته ،ومعركتنا القادمة على طاولة سياسية ، ومع مراكز صناعة القرار الإقليمية ،والدولية ،والتي تحركها مصالحها لا ضميرها!..علينا أن نقدم أنفسنا للعالم بصورة محترمة،لكي يطمئن لنا،ويفتح أبوابه الخلفية ،ودهاليزه السرية.
    
 على رعيلنا الأول الذين لم يفارقنا نضالهم في كل مناسبة ،و مرحلة،و منعطف تاريخي ،أن يحترموا تضحياتنا ،ويتحرروا من ذاتهم النضالية التي جرعتنا المرّ منذ فجر استقلالنا الأول!..خمسون عاما ،ونحن نعيش في جحر خيباتكم ،وصراعاتهم ،وحساباتكم ،وأزاماتكم،حتى أمسَت أعمارنا ،وأحلامنا وراء ظهورنا ،وعارٌ عليكم ،وعلينا أن يتجرع أطفالنا من نفس الكأس!..اختموا حياتكم بإنجاز يحفظ لكم ماء الوجه،واصنعوا شيئاً يجعلنا نغفرلكم ،قبل أن تلاحقكم لعنة التاريخ إلى قبوركم!..

عشنا الكابوس حتى النهاية ، ونزفنا بما فيه الكفاية ، ولا نشك أبداً بأن الكيان السياسي الجنوبي الموحد هو الجسد الذي سيولد من رحم تضحياتنا ،وانتصاراتنا ،و أحلامنا الكبيرة. 
 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل