آخر تحديث :الاربعاء 29 يناير 2025 - الساعة:00:59:40
وحين يبكي الحرف على الوطن
ماهر العبادي

الثلاثاء 00 يناير 0000 - الساعة:00:00:00

عند الحديث عن الجنوب فإن اللسان يعجز عن التعبير والعقل يتوقف عن التفكير، الجنوب كلمة كبيرة عندما نسمعها تشتعل قلوبنا بالمحبة وتدمع عيوننا الحائرة فرحا وحزنا وتتوقف ألسنتنا عن الكلام مثل شخص محب يريد أن يبوح لحبيبته بكلمة أحبك، وحين تتحول الكلمات لدموع وآهات وأنين يملأ الحزن القلوب وتضيق
الصدور ، وحين يبكي الحرف على الوطن يكون الجرح أعمق والأسى أشد وهل بعد حب الأوطان من حب.
الوطن هو عزنا وهو الامان لنفوسنا به نحتمي وبه كرامتنا حماك الله يا جنوبنا الغالي واعاد الله لك أمنك وأمانك، الوطن غالي لمن يعلم ما هو الوطن، وعزيز لمن لدية العزة وكرامة النفس فكلمّا حاولت أن ابتعد قليلاً عما يدور من احداث في جنوبنا الحبيب ، أجد نفسي مع أصدقائي نعاود الكلام ونتحدث عن الأزمات التي تعصف هذا البلد الغالي وندور في دائرة الأزمة . فإذا تحدثت عن الحبّ وجدت أن حب الجنوب يفوق حب جميع الأشخاص الذين مروا في حياتي، فهو حبّ خالد ودائم الوجود وأبدي فأنواع الحبّ كثيرة جميعها متغيرة تبعاً بمرور الوقت والظروف .إن حب الجنوب وحده باقٍ لا يحتاج إلى مستند موثق يعطيك الحق فيما تستدل به. الشوق والحنان إلى جنوبنا يزداد لهيباً، لا يبرده أي لقاء وإذا بحثت عن السكن وجدت الجنوب مكاناً للسكينة والراحة . وإذا وقفت عند الانتماء، وجدت انتمائي إلى الجنوب تعدّى الشعارات ، وهنا احتبست دموع الــوطـن الجريــح في الأحداق حزناً وألماً على فقدان أبناءه فلـذات أكـبـاده ( الأبناء ) وحراس ربوعه وحماة ذرات ترابه وغاصت الغصة في دواعي الحزن والمرارة والألم.
فلك كل ليلة قبل النوم دعاء و دمعة وحسرة، دعاء ان يحفظ الله شعبك و يفرج الله عنك، ودمعة تحكي عن حزني على وطن يذبح والعالم يتفرج ، وحسرة تمزقت أوتار قلبى على كل بناء يدمر وعلى كل طفل يقتل وعلى كل شاب يفارق الحياة وتندفن معه آماله وأحلامه وعلى كل أم فقدت ابنها وكل أسرة فقدت عائلها .. وها هى دعواتى تتعالى على كل يد مرتكبه أحرقت ممتلكات الوطن وانحنت بسببها الظهور والقامات وعميت العيون وعلت الآهات فى كل مكان . 
الجنوب الذي كان بالأمس شمعة تضيء في العالم، فإذا هو اليوم اصبح مكان للإرهاب المصطنع والفساد والفقر والجوع و كان العالم يحسدوننا على أمننا وأماننا وعلى بهائنا وخيرات بلادنا التى يشع منها الأمان فى كل مكان ويتناثر الحب منها فى كل زمان... ماذا فعلت بك ياجنوب هذه الوحدة المشئوم ومنذ متى كانت مدنك يسيطر عليها من يسمون انفسهم القاعدة  وطن خانه الجميع، وجيش يرمي ملابسه في الشوارع ويهرب ويكتفي بتغير الملابس من عسكري الى مدني ؟! ماذا حل بك يا جنوب ؟! ما الذي أصابك؟ متى سننعم بحقن الدماء؟ ومتى ستختفي خفافيش الظلام ومتى ينتهي هذا الصراع السقيم وتعود لنا دولتنا الجنوبية وامننا واستقرارنا ؟ ومتى سنملك خطوط مدارك أيها الوطن ونحفر اسمك على كل سطر وعلى كل جبل وفي كل زاوية لتعبر بنا إلى بر الأمان وينتهي نزيف الدم ،الدماء تسيل والشعب يقهر وتبددت الأحلام والآمال فجأة  وتبخرت معها أيام وأفراح الغد القادم والخوف من الآتي كبير، أما بعد الضيق إلا الفرج ، فقد أشبعتنا بكاءً وحنيناً ! أما آن للدمعة أن تتبدل إلى بسمة وضحكة ؟ 
أقول للقادة السياسيين!!! الجنوبيين ( المبالغين في الكذِب والتَّمويه ) . كفاكم صراعاً من أجل كرسي أو منصب وهو زائل وبعدها (معاقب) مهما طال الأمد، كفاكم خيانة للوطن  وبيعه بأرخص الأثمان فهو حاميكم، ففي سوق النخاسة السياسية كل شيء جائز حتى بيع المبادئ والقيم ، وتجاهل الوطن، سرقتم آمال الشعب، ونهبتم أحلام الشباب، كفاكم عشوائية وارتباك فى اتخاذ القرارات دون دراسة كافية والتي ينعكس بالسلب على قضيتنا وعلى حياة ومعيشة معظم الشعب المطحون، كفاكم زرع الفتن واللعب في خندق اختلافاتكم المملة فى وقت تعانى فيه البلاد من الانقسام والعنف وفقدان الأمل فى المستقبل وبالتالي تودي الى تدمير الحياة الاجتماعية التي أورثونا إياها اجدادنا وآباؤنا وحققوا فيها نجاحات على دروب الوحدة الوطنية الجنوبية.
وضعتم الوطن بأكمله امام تحديات صعبة ومواقف لا يحسد عليها اذا لم يتلافها الجميع بمواقف قوية وجسورة، وطن غني أفقروه وطن قوي أضعفوه وطن كان له سيادة وهوية والآن ليس له لا سيادة ولا هوية، وطن كان له تعليماً عالياً عالمياً لأبناء شعبه ،والآن تعليماً فاشلاً وتحقيق مصالح شخصية فاسدة. أما آن الأوان لتوحيد الصفوف  وانتصار الحق، أما أن ننسى أيام الظلم والغدر.
الإنسان بطبعه يتفاءل عندما تلوح أمامه فرص في الآفاق، ولأن هذه الفرص تحتاج إلى جهود متواصلة، فإن ذلك يتحول إلى طاقة تبدع وتتحرك نحو هدفها باستمرار،ونحن ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ حامل سياسي حقيقي ﻳﺘﺸﺪد ﻓﯿﻪ اﻻﻧﺪﻓﺎع ﻧﺤﻮ اﻟﺼﺪق ﻟﯿﺸﻜﻞ ﻓﺮﻳﻖ ﻋﻤﻞ ﻣﻨﺴﺠﻢ ﻳﻤﻠﻚ رؤﻳﺔ واﺿﺤﺔ وﻣﺸﺮوﻋﺎ لإعادة دولتنا المسلوبة.
وبناء الجنوب ﻓﻲ ظﻞ دوﻟﺔ ﻋﺼﺮﻳﺔ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻓﯿها اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واحترام وقبول الرأي الآخر ﻟﺒﻨﺎء اﻟﻮطﻦ واﻟﻤﻮاطﻦ وﻟﻦ ﻳﺘﻢ ?ﺬا اﻷﻣﺮ إلا بتوحيد الصفوف والكلمة وتحرير العقول المتحجرة مما هي عليه.      
والله من وراء القصد

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص