آخر تحديث :الجمعة 22 نوفمبر 2024 - الساعة:23:31:26
الرحيل القاسي
فضل مبارك

السبت 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

ما أشبه الليلة بالبارحة مثلما تربصوا لوالدك الدكتور صالح هادي  في أسفل  عقبة ( ثرة)  بمحافظة أبين  في سبعينيات القرن الماضي  تربصوا لك، فقط اختلف المكان والزمان.. فيما تشابهت الأيادي التي ارتكبت الجرم وتلطخت بالدم الطاهر وبذات الوسيلة وعلى ذات الأسلوب الغدر والخيانة، اغتالوك  في محاولة هوجاء فاشلة لاغتيال البراءة والطهارة والموقف.

أبيت على نفسك أن تسقط في مستنقع العار وهي من عاشت عزيزة كريمة نقية تخدم الجميع دون منة أو أذى.

أردت أن تكون مثل والدك رحمة الله عليه

لقد خلقت منك الظروف القاسية وعيشة الضنك رجلا ولا أي الرجال كبرت قبل الاوان  ونضجت مبكرا وتحملت المسئولية وبرزت كرجل موقف يحظى باحترام الجميع دون أن يعرفوك.

كم هي عظيمة تلك الأم التي أنجبتك وشقيقك هاني أختنا الحرة الكريمة بنت الأصل والحسب ( ابنة عبدالله المجعلي) لقد صمدت  وتحملت أقسى ظروف الحياة وضربت بالعروض المغرية عرض الحائط لتتفرغ لرعايتكما وتربيتكما.

كان الجميع يضربون بها المثل ويحنون الرأس لها.

 ولا أنسى تلك الجدة العظيمة عيشة بنت سعيد  التي أبت الاستسلام وطوال أكثر ثلاثين سنة  من الزمن كذبت خبر مقتل والدك ابنها الوحيد وظلت على أمل بأن يعود إليها وإليكم ذات لحظة فارغة من الزمن.. توسلت وطرقت باب كل قيادي ومسئول ولم تكل أو تمل..

لم أر أو أسمع عن جسارة امرأة بمثلها وصبرها الطويل الذي ضاهى صبر أيوب بمقياس  زماننا الحاضر

حين أتذكر طفولتنا في قريتنا الحبيبة  ( المدارة ) التي أنجبتك وأنجبت هامات اخرى منهم الشهداء الابطال ومنهم المناضلين الجسورين ومن القيادات والرموز والمبدعين..

واتذكر ظروف الحياة الصعبة التي عشناها معا وكيف كان الجميع يتقلب على قساوتها بالصبر والرضاء.

لقد بكيتك كما لم ولن ابك عزيزا اخر.. لقد كان

  الخبر حين بلغني فاجعة لم استوعبه او قل هي نفسي التي تحبك ترفض تصديقه ومثلي الاف كذلك.

اعلم جيدا ان القتلة المأجورين كانوا يرقبون ويرصدون لحظات وداعك من طرف خفي وكم يزعجهم ويورقهم هذا المشهد المهيب لقد خذلوا ولم يتحقق مأربهم فيما انت فزت وعلوت ميتا مثلما علوت ونجحت وسموت همة ومكانة وانت حيا.. لقد ارعبهم وافزعهم كفاحك وعملك في خدمة الاخرين بصمت.

لذلك ارادوا لك ان تغادر المشهد حتى لا تسحب البساط عليهم بقدرتك على كسب حب الناس الذي يفتقدون له.

لقد اعتقد هؤلاء القتلة الذين لا يعلمون من هو المقتول ولماذا يصوبون اسلحتهم نحوه اعتقدوا انهم قد حطموا فينا الكبرياء والشموخ وانهم بأفعالهم الدنيئة تلك يصادرون حقنا المشروع في حياة امنة كريمة مستقرة مقابل حفنة المال لا تكاد تكفيهم  ( قات)  يومهم فيما يسعى من يقف خلفهم ويحركهم الى محاولات خلط الاوضاع وزعزعة الامن وتقديم رسالة للخارج ان الاوضاع في عدن واخواتها لازالت غير امنة وغير مستقرة.. حتى تظل  عجلة التنمية واعادة الاعمار  متوقفة ولا تبدأ في العمل خدمة لمصالحهم.

حين حملت سيارة الاسعاف جسدك الطاهر المسجى لم احتمل ان اراها  وهي تتحرك لتأخذ من منزلك بعيدا عنا.. اشحت بوجهي الى الجانب الاخر. عجزت عن الوقوف كان جسدي التي انهالت عليه هموم الدنيا واحزانها ملقيا على الرصيف اشلاء متناثرة قبل ان يجمعني في اضمامة صدر خالك ابا صلاح لنتبادل النشيج قهرا وكمدا عليك بعد ان يبست الكلمات في حناجرنا.

وفي المسجد عجزن قدماي ان تسابق على الصفوف الاولى للصلاة وانزوت بي بعيدا حتى لا اراك نعشا.. وحين توارى جسدك في التراب وعلت روحك الى باريها مع يقيني ان الموت حق وان الله جل جلاله يختار من يحبهم الى جواره كنت حانقا مخنوقا اتساءل لماذا احمد صالح بالذات؟  لماذا لم يأخذ الموت عشرة او عشرين من هؤلاء بديلا عنك؟.

دعني ابوح لك بما في صدري، لأني اعلم جيدا ان احدا غيرك لن يسمح لي بالبوح...

اخي ابا صالح ما اقسى رحيلك عنا رغم ادراكنا انه راحة لك.

لقد ارتقيت  بموتك شهيدا أخي أحمد صالح الحيدري  منزلة عالية في الفردوس الأعلى _ بإذن الرحمن الرحيم _ فيما هوى القتلة إلى الدرك الأسفل من الجحيم..

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل