آخر تحديث :الاربعاء 07 اغسطس 2024 - الساعة:13:57:41
التقاعد في بلدي مأساة
أحمد ناصر حميدان

الاربعاء 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00


التقاعد ليس نهاية الحياة , مع العلم إن الإنسان يصبح أكثر حساسية عندما يصاب بالعجز و الكهولة , لهذا كلمة ” التقاعد ” .. أو ” الإحالة إلى المعاش ” ..  لها تأثير في النفس وتولد مشاعر نفسية سلبية غير مرغوبة لدى البعض ، وكثيرا ما يستسلم البعض للتقاعد ويخضع لفكرة انه صار دون عمل وأصبح زائداً عن الحاجة, و مقبل على مزيد من المتاعب , بينما الإنسان دوره في الحياة مستمر حتى يأتيه الأجل , ويستطيع أن يتكيف مع متغيرات الحياة , ويتفاعل مع دوره فيها , والإنسان المحال للمعاش ثري بالخبرة والمهارة وتجارب الحياة , كتله عجنتها الحياة بماسيها وحلوها ومرها , قابل معضلات ومشكلات واستطاع تجاوزها , ويملك مفاتيح الحل لكثير من أمور الحياة ,هو المرجع والمستشار لشباب اليوم في حياتهم الواعدة .

هناك من ينتظر الموت , ويستسلم للكسل والخمول ويصبح عالة على أسرته ومجتمعه  ,ولو حاول ان يكتشف ذاته من جديد سيجد أن التقدم بسن  العمر هو أكثر المراحل إبداعا للإنسان , بعد التقاعد تكتشف مواهبك المغمورة في زحمة العمل والبحث عن لقمة العيش , لم أفكر بالكتابة الصحفية سوى بعد أن أكملت مهمتي التربوية والتعليمية كوظيفة , وبدأت أمارسها كرغبة وموهبة وتجربة وخبرة في تقديم النصح والمشورة والتعبير عن حال الناس ومظالمهم ومشاكلهم وهموم الوطن والمشاريع الوطنية .

ما اسعد المتقاعد في الدول المتقدمة , يبدأ حياته الحقيقية عندما يتقاعد , ليزور العالم , ويقدم عصارة خبراته في مراكز الأبحاث والدراسات واللجان الاستشارية , يبدأ يشعر باهتمام الدولة وصندوق المعاشات به كانسان وكثروة بشرية , فصندوق المعاشات وجد ليسهل حياة المتقاعدين , ويوفر لهم الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية , لأتاحت الفرصة لها لتقديم خلاصة تجاربها ومهارتها العملية والمهنية والفكرية , ليكن رافدا مهما في تطور وتنامي المجتمع وبالتالي الوطن .

نحن في اليمن استثناء بائس , المتقاعد في اليمن كارثة , يوجه حياة ومعضلات وماسي تقوده للموت مباشره , فيصاب  بالإهمال ومتاعب تؤدي لأمراض نفسية تخلق أمراض عضوية وتبلد , يتمم حياته من معاناة إلى معاناة, وما أسوى استغلال معاناة المتقاعد في بلدي البائس , ممن يفترض بهم ان يكونوا مدافعين عنه وعن حقوقه .
.
انظر للراتب ومعاناة المتقاعدين واستغلال السماسرة والبريد , حكايات يندي لها الجبين , لكل أسرة تعتمد على معاش التقاعد حكاية مع سمسار حقير , ولصوص أبواب البريد , والمعنيين عن كل ذلك غافلين , حكاية إمرة عجوز كادت أن تحرق جسدها المثخن بالأمراض والشيخوخة أمام بريد كريتر لولا ستر الله والمتواجدين في موقع الحادث ,انه ناقوس ينذر بخطر هل نتنبه له ونعالج مشاكل المتقاعدين ونوجد الحلول لها أم الإهمال واللامبالاة كظاهرة تعودنا عليها في مثل هكذا ماسي كالجرحى والشهداء والمعوقين .

المستقبل يحتاج لصناع الغد وهم يحتاجون لتجارب الماضي ودروس وعبر ابائهم وأسلافهم , والنتيجة التي يؤول إليها من سبقهم تعطي حافز لهم لتقديم المزيد , لكن حال المتقاعد اليوم يقول لجيلنا ,مهما بذلت من جهود نهايتك مزبلة التاريخ التقاعد وهذا هو حال اليمن , فأي مستقبل ينتظرنا ونحن نقدم نماذج سيئة للجيل ونغرس فيهم التذمر واللامبالاة والرعب من التقاعد والعجز والكهولة .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص