آخر تحديث :الاربعاء 07 اغسطس 2024 - الساعة:13:57:41
حان الوفاء لعدن
أحمد ناصر حميدان

الاربعاء 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

وسط الأزمات والمحن دائما ما يخرج الإنسان أفضل ما لديه، الكوارث الحروب تعزز الروابط الإنسانية , ويشعر الفرد بواجبة ومسؤولياته اتجاه مجتمعه في مواساة المتضررين ويتجاوز مصائبه ليرى مصائب الآخرين , عكس فترة الرخاء والسلم حيث يتوه الإنسان في الحياة الدنيا لا يرى مصائب غيره ويعتقد البعض أن من حقه أن يكون الأفضل في ظل تنافس غير عادل ليتربع مكانة اجتماعية وموقع مرموق حتى وان كان على حساب الآخرين والمصلحة العامة والوطنية , فتمتلئ الحياة بمفاهيم السلب المسيطرة على الإنسان، كالكراهية والبغض ، والتناحر ، وتتسيد قيم ، كالسيطرة ، والجاه والغطرسة ، وحب الظهور ، وإشباع الرغبات والشهوات التي كانت ، وما تزال ، دلائل عنف وشر .

كانت عدن في فترة الحرب الظالمة عليها , مثال لتآزر والرحمة والرأفة لبعضنا البعض , حيث نزح الساكنين من مناطق المواجهات في خورمكسر وكريتر والمعلا والتواهي إلى المناطق الآمنة في المنصورة والبريقة والشيخ عثمان , واتسعت النفوس , واستقبل ساكنوها إخوانهم بالرحب والسعة , وتقاسموا لقمة العيش وفرش المنام , وكانوا معا في الضراء والمواساة , وتجاوزوا أضرار الحرب والحصار والجوع والتهديد والقصف , ضربوا مثلا طيبا لمجتمع إنساني متعايش ومتحاب ومتآزر , مدافعين عن مدينتهم عدن في كل الجبهات , متسامحين متجاوزين كل اختلافاتهم الفكرية والعقائدية والطائفية , وصمدوا صمودا أسطوريا في وجه أعتا قوة بربرية متسلطة طاغية , وحرروا أرضهم بأسلحتهم الشخصية البسيطة وبمساعدة ودعم إخواننا في دول التحالف ,  برهن  أبناء عدن أن مدينتهم عصية على الغزاة وأنهم وقت السلم حمام و وقت الحرب صقور .

اليوم يحز في النفس أن ترى عدن ,تعيش واقع مؤلم , تدمى وتهدر حياة الأبرياء على قارعة الطرقات وفي الشوارع , مؤلم أن تتحول هذه المدينة المسالمة الطامحة للأمن والأمان والسلم والاستقرار, لمدينة موت فيها أشباح القتل والاغتيالات تجوب الشوارع وترمي الرصاص لصدور الأبرياء , من كوادر الأمن والقضاء والمقامة الجنوبية ,المعنيين بتطبيق النظام والقانون , لم أتصور أن أعيش يوما في عدن مهدد , ومعرض للموت في أي لحظة وأنا أعزل أسير في الشارع بأمان الله وحفظه , الخوف صار رديف للمعانات اليومية ,البحث عن الراتب ودبة غاز وارتفاع الأسعار , وقيادتي الشرعية في نعيم وأمنها مصان  .

المعيب في كل هذا هو السلبية القاتلة التي تشاهدها اليوم من المارة , الصمت المخزي , والعجز الحكومي في تفعيل دور الاستخبارات والبحث والتكنيك الجنائي والقضاء , تحدث الجرائم أمام مرأى ومسمع المتواجدين في محيط موقع وقوع الجرائم , دون ان تحرك فيهم واجبهم الإنساني والأخلاقي للتصدي لها بما استطاع له سبيلا , في مطاردة المجرمين أو وتوثيق الجريمة ومعرفة هويتهم , أو الإبلاغ عن المشكوك منهم , أو المبادرة في حماية مناطقهم وشوارعهم ولاحيا السكنية , أو حتى إنقاذ المجني عليه والمصاب في لحظة فارقة قد يكون إسعافه كفيل بإنقاذه .

لا دور يذكر للمنابر الثقافية والفكرية والمساجد لمواجهة الفكر المتطرف والغلو والتعصب فيما نذر وعلى خجل واستحياء , في تنوير العقول وحماية الشباب من الانجرار وتغريرهم ليكونوا وقودا للإرهاب  

 والمعيب ان الخوف سيطر على معظمنا , وصرنا سلبيين وبائسين ومشتتين مندهشين مما يحدث دون أن نكون جزءا من الحل صرنا جزءا من المشكلة ذاتها ,مستسلمين للواقع متعايشين معه باعتباره قضاء وقدر .

الأمن مسؤولية جماعية ,ما لم نحمِ عدن من هذه الظاهرة الخطيرة ويتحول المواطن لتحري وشرطي مساند للقوة الأمنية المكلفة بحماية عدن , هذا أبسط واجب وطني وإنساني مفروض علينا , ما لم سنكون نحن الضحايا التالية للإرهاب , هل نفوق من غفوتنا ، ونؤدي  واجبنا اتجاه عدن مدينتنا الفاضلة ؟

عدن مصانة وتجاوزت أعتى المحن , وصبرت وصمدت أمام جبروت وطغيان نظام ديكتاتوري عسكري و لن تهزم عدن ستنتصر وأبناؤها كفيلون بذلك , وأنا على ثقة أنها تأوي أبطالا وشجعان غيورين على مدينتهم وأمنها واستقرارها ,ربنا يحميك يا عدن من كل حاقد وباغي .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص