- مجلة أميركية ترجّح دعم إدارة ترامب للانتقالي الجنوبي والقوى المناهضة للحوثيين
- في بيان شديد اللهجة.. نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين بالعاصمة عدن ترد على تصريحات رئيس الحكومة
- تعرف على سعر الصرف وبيع العملات مساء السبت بالعاصمة عدن
- تحليل أمريكي : جماعة الحوثي أصبحت تشكل تهديدًا استراتيجيًا عالميًا للولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط
- قيادي حوثي يقذف ويسب إعلامية يمنية ويهددها بالقتل
- ناشطة حقوقية تطالب برفع الحصانة عن البرلماني الإخواني عبدالله العديني
- الداخلية السعودية تعلن تنفيذ حُكم إعدام بحق 3 أشخاص بينهم يمنيان
- توقيع اتفاقية لبناء أكثر من 100 منزل للأسر المتضررة من السيول في حضرموت بدعم سعودي
- وضع حجر الأساس لمشاريع تطوير مستشفى الجمهورية في عدن
- "الحوثي" منظمة إرهابية بنيوزيلندا.. ما تأثير القرار على المليشيات؟
الاحد 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00
يحتفل شعبنا في الجنوب في الثالث عشر من يناير الحالي (2016م) بمرور عشر سنوات على انطلاق دعوة التصالح والتسامح من جمعية أبناء ردفان الخيرية في عدن، في مثل هذا اليوم من العام 2006 التي تحولت خلال زمن قصير إلى حركة وطنية وانسانية عامة، عمت الجنوب من عدن الى الضالع ولحج وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى بوصفها حركة للمحبة والسلام, وللتسامح والتصالح بين أبناء الشعب الواحد, ولنبذ العنف والأحقاد واهالة التراب على صراعات الماضي, فجسد أبناء الجنوب بهذا المعنى النبيل أعمق صور الوحدة الوطنية الجنوبية.
كانت الدعوة التي انطلقت من مدينة عدن, رائدة الحداثة والتنوير والتعايش بين كل الأفكار والثقافات, في جوهرها تهدف إلى سد باب الصراعات المؤلمة والمأساوية التي أُبتلي بها الجنوب منذ استقلاله من بريطانيا عام 1967م, مروراً باحداث يوليو 1978م ويناير 1986م وغيرها من الاحداث، وقد أصبحت اليوم ذكرى من الماضي يأخذ منها شعبنا الدروس والعبر. وقد حاول البعض استثمار تلك الأحداث بمناسبة وغير مناسبة, والابقاء عليها كحالة دائمة تسهل لهم الهيمنة على الجنوب ومقدراته وابقاءه في حال ضعف دائم. لذلك فان اختيار الثالث عشر من يناير يوماً للتسامح والتصالح الوطني لم يكن مجرد صدفة, ولم يكن دون دلالات وطنية وانسانية واجتماعية عميقة، بل تمثل بداية عهد جديد من الوئام والتوافق الوطني الجنوبي وطي صفحة الصراعات المؤلمة.
واذا ماحاولنا اليوم بعد مرور عشر سنوات من أنطلاق دعوة التصالح والتسامح إستيعاب نتائج وآثار هذه الحركة العظيمة, فيمكننا القول بدون أدنى تردد بأن تلك الدعوة النبيلة, قد أسست لمشروع وطني جديد على المستوى السياسي والاجتماعي والانساني وعلى كل المستويات, ودخل شعبنا بهذا المشروع الحضاري الحياة بعقل جديد وروح جديدة وإرادة جديدة أيضاً لأنها كانت وماتزال وستظل دعوة تنطلق من إرادة الناس الخيرة, وتلامس حياتهم, وحاجتهم إلى المحبة والسلام, ونبذهم للعنف والأحقاد ورغبتهم الصادقة في تجاوز آثار والآم صراعات الماضي القريب منه والبعيد, والاستفادة من دروسه وعبره بعيداً عن الحسابات السياسية الضيقة وتحاشي تكرار ذلك مرة اخرى هذا أولاً ..
وثانياً , فإن التصالح والتسامح , قد هيأ الأرضية الصلبة لانطلاق للحراك السلمي الجنوبي الذي انطلق عام 2007م, أي بعد عام واحد على انطلاق تلك الدعوة, كوسيلة نضال سلمية لاسترداد حقوقه المسلوبة, ولمواجهة ماتعرض له الجنوب وشعبه من اصناف الظلم والقهر والإقصاء والتهميش والالغاء منذ حرب صيف العام1994م على يد نظام صنعاء.
ويمكن القول بأن الحراك, استطاع خلال مسيرته الوطنية السلمية أن يحقق نتائج هامة برغم ماتعرض له من مؤامرات وقمع, وتهميش, وقتل واعتقال لنشطائه.
ولعل أهم انجازاته الاعتراف بقضية شعب الجنوب العادلة وجعلها حاضرة في المشهد السياسي اليمني, وفي الحسابات الاقليمية والدولية بحيث غدا الحراك رقماً صعباً لايمكن تجاهله أو تجاوزه في أي حل للقضية الجنوبية.
ثالثاً, برهن الحراك السلمي الجنوبي خلال مسيرته الطويلة المستمرة وهو يدخل عامه العاشر, ان التعدد والاختلاف في الرأي, أو تعدد الرؤى والمكونات, لايمكن أن يقف حائلاً دون الإتفاق على وحدة الهدف, وعلى عدالة القضية الجنوبية, وهو أحوج مايكون إلى وحدته التي هي مصدر قوته اليوم اكثر من أي وقت مضى لتحقيق هدف شعب الجنوب العظيم في تقرير المصير واكدنا مراراً ومازلنا نؤكد بأن قوة الحراك في وحدته, ومقتله في تفرقه وتشرذمه.
ولعل من المناسب ونحن نحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاق فكرة التصالح والتسامح التي غدت حركة جماهيرية واسعة النطاق, أن نعيد إلى الأذهان ماجاء في البيان الصادر عن القيادة المؤقتة للموتمر الجنوبي الأول في الذكرى الثامنة للتصالح والتسامح الذي أكد بأن : "الوحدة الوطنية الجنوبية ستظل كما كانت على الدوام هدفاً سامياً لشعبنا في الجنوب, وسنسعى بكل مانملك من قوة وإرادة لتمتينها والعمل على وحدة الصف الجنوبي قيادة وقواعد مع احترام التعدد والتنوع".. كما نشدد مجدداً على الدعوة التي أطلقها ذلك البيان لكل القيادات الجنوبية في الداخل والخارج وكافة الوان الطيف الجنوبي السياسي والاجتماعي بأن يرتفعوا الى مستوى المسؤولية التاريخية وأن يتجاوزوا إختلافاتهم الثانوية ويغلبوا المصلحة الوطنية العليا لشعبهم في الجنوب فوق كل مصلحة شخصية أو حزبية أو فئوية من منطلق المسؤولية الوطنية والتاريخية.
باتت هذه الدعوة اليوم ملحة اكثر من أي وقت مضى, وخاصة في الظروف الراهنة والمستجدات المتسارعة التي طرأت على المشهد السياسي والعسكري والامني في اليمن برمته, والعمل على إستثماره لمصلحة ايجاد حل عادل للقضية الجنوبية يتناغم ويتفق مع نبض وارادة الشعب الجنوبي الحر وحقه في تقرير مصيره بنفسه.. ولا يوجد ما يبرر تخلي تلك القيادات والمكونات الحراكية عن واجباتها ومسؤولياتها تحت اي ذريعة.. ونتمنى من الله العزيز القدير أن تكلل الجهود التي تبذلها بعض القيادات الجنوبية في الداخل والخارج, وكل الخيرين من أبناء شعبنا والرامية إلى عقد مؤتمر جنوبي جامع تنبثق عنه رؤى سياسية واحدة ومرجعية سياسية واحدة بالتوفيق والنجاح.. انه قادر على كل شئ... آمين . فيكفي ما اضاعوه من فرص تاريخية خلال السنوات الماضية لإمتلاك رؤى استراتيجية لحل القضية الجنوبية وقيادة واحدة تواجه مع شعبها التحديات ومتطلبات الحاضر والمستقبل.
رابعاً, علينا أن نأخذ في الحسبان, ونحن ننظر ونتابع باهتمام إعادة تشكيل الواقع السياسي الجديد, أن هناك قوى عديدة سوف تسعى كما كان دأبها دائماً إلى تجاهل القضية الجنوبية وعدالتها, أو تقديم حلول ناقصة ومجتزئه لها.. ونحذر بأن مثل هذه المحاولات التي لاتبصر ولا تقر بأن القضية الجنوبية العادلة هي جوهر الازمة التي تمر بها اليمن وهي التي أوصلته إلى ماهو فيه من مآسي والآم وحروب, وانعدام للأمن والاستقرار ليس في اليمن وحده بل في محيطه الإقليمي. وهذه الجزئية بالذات, وتتطلب من القيادات الجنوبية وكل مكونات الحراك وشعبنا في الجنوب أن يكونوا في غاية الحذر وأن يسارعوا إلى عقد مؤتمرهم الجنوبي الجامع في أسرع وقت ممكن حتى لا تضيع الفرصة التاريخية السانحة كما ضاعت العديد من الفرص قبل ذلك. وإن المرحلة الحالية هي مرحلة الشباب الذين لابد أن نقدم لهم كل الدعم لكي يتمكنوا من بناء مستقبل جديد ونرى أن يختار مؤتمر جنوبي قيادة شابة وأن تكون القيادات التاريخية داعمة ومساندة لهم، وهو ما اكدنا عليه في المؤتمر الجنوبي الاول عام 2011م.
نحن في حاجة ماسة للتأسيس لثقافة جديدة تقوم على التصالح والتسامح, ونبذ ثقافة الكراهية وإشعال الحروب, ثقافة تعترف بالأخر, وبالتعدد وبحق الاختلاف, وبالرأي والرأي الأخر, وبمعالجة المشاكل والخلاف عبر الحوار وبالطرق السلمية والديمقراطية, بما في ذلك حق تقرير المصير أو بما يرتضيه شعب الجنوب.
بهذا وحده نوصل الوطن والشعب إلى بر الأمان لبناء الحياة التي تليق بانسان القرن الواحد والعشرين.
في الأخير.. نقف وقفة إجلال واعتزاز للشهداء الأبرار, ونحيي أرواحهم الطاهرة, ونبتهل إلى الله العلي القدير أن يتولاهم برحمته الواسعه ويسكنهم فسيح جناته, وأن يشفي الجرحى ويفك أسرى المعتقلين, وأن يلهم أهل الشهداء الصبر والسلوان, انه على كل شيء قدير..
وفي الختام، نتقدم بالتحية والتقدير إلى شعبنا العظيم في الجنوب صاحب التراث والتاريخ, الذي قدم للعالم تجربة إنسانية عظيمة في المحبة والتسامح والتصالح, بديلة لتجربة الكراهية والعنف والأحقاد, ونحيي نضاله البطولي وتضحياته العظيمة, وصبره الطويل.. فمثل هذا الشعب جدير بالحياة الحرة الكريمة, وكل من يتوهم انه قادر على هزيمته فهو واهم.
* خاص بصحيفة "الأمناء"