آخر تحديث :الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 - الساعة:12:14:34
التخلص من ثقافة المنتصر الحل للأزمة اليمنية
فائز سالم بن عمرو

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

لوَّنت  " ثقافة المنتصر " المشهد اليمني بالسواد خلال حقبه ثورية تاريخية مليئة بالحروب والصراعات والتناحر السياسي والحزبي والقبلي .
في رأيي المأزق الحقيقي للنخبة السياسية التي تنتظر ولادة اتفاق وشيك في جنيف 2 ينهي العدوان العسكري على اليمن هو ادعاء كل أطراف الصراع بالنصر الوهمي في معركة تحطيم الوطن ، فالأحداث والثورات التي مرت باليمن ابتداء من ثورة سبتمبر وأكتوبر مرورا بحرب صيف 1994م وأخيرا بأحداث ثورة 11 فبراير 2011م وما نتج عنها من تداعيات لنجد أنفسنا محاصرين بما يسمى ثورة 21 سبتمبر 2014م . كل تلك الأحداث والوقائع تعاملنا فيها بعقلية المنتصر ولم تستطع النخبة الحاكمة إدارة تلك الثورات بطرق ووسائل ناجحة لنصل في نهاية المطاف لدولة المواطنة والمؤسسات .
فقدت تلك الثورات والانتصارات عذريتها وروحها وصارت مسرحا لصراعات وحروب تشظي الوطن وتعصف بنسيجه الاجتماعي والثقافي والسياسي ، وبما إننا نشهد مخاض اتفاق جنيف 2 لإنهاء الحرب العسكرية سنوضح أضرار ثقافة المتنصر على موروثنا الوطني من الصراع والخلافات وإدارة الدولة ومؤسساتها باستعراض أهم الأخطاء الاستراتيجية في مسير الحركة السياسية للجمهورية اليمنية :
أولا : تعاملنا مع نتائج حرب صيف 1994م بالتطبيل لانتصار الشرعية على الانقلابيين والانفصاليين ، وهذا التفسير البسيط القائم على منطق الصح والخطأ ، ووحدوي انفصالي ، صحيح خطأ ؛ أدى لترسيخ الأخطاء التي ينظر لها بأنها إنجازات وطنية لا تقبل النقاش أو الجدال واختفت الأحقاد وتراكمت التجاوزات التي لم تعالج ، حتى تحولت قضية الانفصال من قضية سياسية الى قضية مجتمعية وصارت تكبر إلى أن تحولت لقضية ثقافية طائفية مذهبية بقدوم عاصفة العدوان .
ثانيا : نظرت أحزاب اللقاء المشترك للاتفاق الخليجي لإنهاء الازمة اليمنية بأنه انتصار سياسي وحزبي على الحكم أنذاك " المؤتمر وحلفائه " وفهموا من اتفاقية الخليج بأنها تمكنهم من انتقال السلطة للمعارضة ، وفهمها الحزب الحاكم بأنها مخرج مقبول للأزمة وأوصلتنا ثقافة المنتصر الى أحداث ثورة 21 سبتمبر وانتهت بالعدوان السعودي على اليمن .
ثالثا : إذا نظر أي طرف سياسي أو حزبي لاتفاقية جنيف 2 بأنها انتصارا له ولجماعته وحزبه ، فإنها ستعيد المشهد اليمني لنقطة الصفر وستعيد الصراعات الحزبية والسياسية والعسكرية مضافة إليها صراعات طائفية ومذهبية أشعلها تحالف العدوان وسنؤسس لحروب قادمة كثيرة تخلق واقعا ميدانيا معقدا لا تنقع معه الحلول السياسية ولا التوافقات الدولية .
رابعا : لكل حرب أهداف خفية وغير معلنة ، فالعدوان فشل في أهدافه المعلنة من إعادة شرعية هادي وجحافله بالقوة العسكرية ، ولكنه نجح في نشر الطائفية والمذهبية والطائفية بين أبناء الشعب اليمني . فلا يصح وصف العدوان بالفشل او النجاح ، بل الوصف الصحيح بأننا كلنا اشتركنا في الاخطاء الاستراتيجية دون استثناء ويجب علينا أن نستغل الفرص لخلق دولة مواطنة ومؤسسات تتجاوز كل مخلفات الماضي وتخفف من تراكم الموروث السياسي والحزبي .
خامسا : نترك للتاريخ والأجيال القادمة الحكم بالانتصار والهزيمة ، فلا يصح توصيف اليمنيين بمناصر للعدوان ومناهض له ونوظفه سياسيا وحزبيا ، بل نترك الحكم للتاريخ وإن أردنا توظيفه سياسيا وحزبيا فالانتخابات والجماهير هي التي ستقرر من تعطي صوتها .
سادسا : علينا مغادرة سياسية اللعب بثقافة الهزيمة والنصر وأن نفهم بان الوطن المواطن والنسيج الاجتماعي والسياسي وصل لأشد حالته وهناُ وضعفا ، فهو لن يحتمل صراعات أخرى أو دورات من التناحر الحزبي والسياسي والعسكري .
سابعا : ثقافة تحميل الآخر أخطائنا تفيدنا نفسيا وتبرر هزيمتنا في إدارة دولتنا ومؤسساتنا ، ولكنها تبعدنا عن النظر لأخطائنا والاستفادة من تجاربنا المرة وتصحيحها وتجاوزها وتشخيص الواقع على أسس واقعية وليس على نظرات خيالية أو تصورات غيبية تبيعنا الوهم وتبعدنا عن واقعنا المعقد والمبكي . 

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل