آخر تحديث :الاثنين 27 مايو 2024 - الساعة:23:03:14
محاذير
صلاح السقلدي

الاثنين 00 مايو 0000 - الساعة:00:00:00

    الإصرار من قبل السلطات اليمنية على عرض مناصب عليا بحكومتها  لقيادات بالثورة الجنوبية لهم مواقف معروفة وقناعة واضحة بمسألة استعادة دولة الجنوب, وخطابهم الإعلامي والسياسي يعرفه القاصي والداني, هي مكيدة خطيرة وحفرة عميقة تحفرها السلطات اليمنية, وتستهدف منها أمرين: أولا: في حال قبلت هذه القيادات بتلك المناصب وضعفت أمام عسيلتها وسال لعابها تجاه إغراءاتها, فسيكونون في صدام صريح مع نشطاء الثورة الجنوبية وقطاع كبير بالجنوب, وستبدو هذه القيادات في نظر الداخل والخارج على السواء بانها قيادات تطلب مناصب وتنشد مكاسب, مما سترتب على ذلك تبعات خطيرة ليس فقط على مستوى الداخل الجنوبي الذي سيتم إضعافه والانتقاص منه والاستهزاء بتضحياته ,بل ستكون النُخب العربية المتعاطفة مع مطالب الجنوب التحررية في وضع محرج وسيضعف من مواقفها الداعمة, ما يعني ذلك إعراض هذه النُخب عن الوقوف مع الجنوب ,كونها ستبدو ان لم تصرف نظر عن ذلك  ملَكـية أكثر من الملك نفسه, وستكون داعية للفرقة والتمزق بين اليمنيين حسب الخطاب الاعلامي اليمني الذي خبرناه كثيرا بمثل هكذا مواقف , والتجارب كثيرة بهذا الشأن. وهذا بالضبط ما خططت له السلطة اليمنية منذ عام 2007م, ولا تزال سلطة اليمن المتواجدة بعدن  تمشي على خُـطى سلطة 7يوليو وتقتفي اثرها بإتقان.!

   ثانيا:  في حال ان رفضت هذه القيادات لتلك المناصب ستعلن السلطات اليمنية بانها قد عرضت على الحراك الجنوبي شغل مواقع رفيعة وهو الذي رفضها. هذا بالفعل ما تخطط له هذه السلطات وهي تسلك اسلوب قديم عقيم اثبت فشله وبلادة أصحابه بالسنين الخوالي ونقصد هنا أسلوب شراء الذمم والاغراءات المادية والمالية لغرض شق الصف الجنوبي والاجهاز على قضيته السياسية الوطنية.!

  سيقول البعض ما الضير ان قبل قادة الحراك بهذه المناصب لتوظيفها بخدمة القضية الجنوبية. نقول لمثل هكذا قول: ان كانت هذه السلطات جادة بالفعل بإعادة الكوادر الجنوبية الى مواقعها ويتريد تنتصر لها ممن ظلمها مع انها هي جزء من سلطة 7يوليو, وتريد ان تمنح الجنوب سلطة فعلية بالمواقع القيادية في الوزارات والمحافظات وغيرها من المناصب فلماذا لا تختار الكفاءات  الجنوبية المدنية المتخصصة المتواجدة داخل الوزارات والمرافق, من العناصر المهنية ذوي الاختصاص المهني والتخصصي, وليس البحث عن رموز سياسي ثورية مواقفها السياسية معروفة تجاه السلطة اليمنية كسلطة احتلال قابعة في أركان العاصمة عدن ؟. فهذا الاصرار الغريب والمريب لا يعني إلا استهدافا سياسيا للقضية الجنوبية.   

ولماذا كل هذا الاصرار على  اعطاء مناصب وزارية لقيادات حراكية سياسية جنوبية ليس لكثير منها أي ارتباط بتلك الوزارات, في الوقت الذي يوجد عشرات بل مئات من الكوادر الجنوبية المتخصصة بكل الوزرات بإمكانها شغل المناصب والنجاح بمهمها؟. إذاً المسألة هي استهدافا سياسيا  للقضية الجنوبية  كما اسلفنا , ولا يحتاج الى ذكاء وفراسة لاكتشافه, وهي محاولة لئيمة لاستدراج الرموز الثورية الجنوبية الى شرك خطير, وفخ قاتل في وقت لم تبدو فيه أي ملامح لحل القضية الجنوبية, وتحدق بهذه القضية المؤامرات من كل الجهات.!

  2- منذ اشهر دخل الخطاب الإعلامي والسياسي الجنوبييَن في حالة ارتباك وتناقض خطيـرَيـَـن حول مسألة تواجد الجماعات المتشددة بالجنوب. يتجلى هذه التناقض وهذا الارتباك بين نفي وجود هذه الجماعات تارة وبين اثبات وجودها تارة أخرى.!

    ففي الوقت الذي ظل الخطاب الجنوبي بشقيه السياسي والإعلامي- وهو محقا وصادقا في ذلك- يعلن للعالم منذ عام 1990م كيف ان القوى الشمالي رمت بكل ثقلها الارهابي وألقت بحمل إسلاميها السياسي على كاهل الشعب بالجنوب  من خلال ارسالها لجماعات تكفيرية متطرفة قدمت من كل الاصقاع لتقويض امنه وتفتت وحدته الوطنية وتمزق نسيجه الاجتماعي, ظهر فجأة خطاب اعلامي جنوبي غريب المنطق وخصوصا في غمرة الحرب الاخيرة  التي شنتها قوى الغزو اليمني في مارس الماضي على ارض الجنوب وحتى اللحظة ينفي جملة وتفصيلا أي وجود لهذه الجماعات في الجنوب. وهذا النفي ينم عن غباء لا حدود له ,ويصيب مستقبل الجنوب في مقتل سواء عن قصد أو بدون قصد. فهو لا يعطي  فقط براءة للسلطة اليمنية التي طالما اتهمها الجنوب بانها جلبت الجماعات الى أرضه ونشرت في ارجائه هذه الجماعات المتشددة, بل يضر الجنوبيين انفسهم ويستهدفهم أمام المجتمع الدولي  حين يصور القوى الجنوبية وثورته ومقاومته وكأنهم  متسترين على وجدود هذه الجماعات والتي يعلم القاصي والداني بوجودها بالجنوب مثلما هي منتشرة بكل بقاع العالم.

   حين تحاصر الحقائق هؤلاء الذين ينفون وجدود هذه الجماعات بالجنوب تراهم يقولون فجأة ان هذه الجماعات هي قاعدة عفاش وداعش عفاش وعلي محسن وحميد الأحمر والحوثي. حسناً, فلو افترضنا  صحة هذه القول. فالسؤال الذي يجب ان  يجد له جواباً  هو: لماذا الجنوبيون يتركون هذه الجماعات العفاشية الاحمرية الحوثية تسرح وتمرح  أمام أعينهم وتتحرك بقضها وقضيضها بمواكب ضخمة وبأسلحتها الثقيلة, ناهيك عن المتوسطة والخفيفة وتتنقل من منطقة الى أخرى ومن محافظة الى محافظة مع قدرتهم -أي الجنوبيون -على التصدي لها أو على الاقل كبح اندفاعها وتمددها؟. الجواب سيكون هو ان هذه الجماعات و معها علي عبدالله صالح وعلي محسن الأحمر والحوثي والجنوبيون انفسهم متآمرون على الجنوب.!

  ولو ان هذه القول- أي قول تبيعة هذه الجماعات لعفاش والاحمر والحوثي- غير صحيح بنسبة 100% وهو فعلا كذلك, وأننا نُكابر على قول عكسه, فهذا يعني اننا نعلق فشلنا بنسبية كبيرة على غيرنا ونبحث لأخطائنا وتقاعسنا أمام أمر خطير كهذا على شماعة , ونصمت على المرض حتى يستفحل ويفتك بخلايا جهازنا المناعي كما غلط غيرنا ممن يفترس مدنهم وعواصمهم  الإرهاب, وليس صنعاء عنا ببعيد.!

- الغاية النبيلة لا تحققها وسيلة رذيلة .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل