آخر تحديث :الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - الساعة:19:33:01
وطـــــــنٌ لا نحميــــــه .. لا نستحقــــه ؟ !
احمد محسن احمد

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

كان ذلك شعارا ً ساحرا ً تردده الجماهير في الجنوب,وعلى اختلاف أمزجتها كانت ترى في هذا الشعار رباطها الموثوق بالوطن الذي تؤمن به وتناضل لكي تكون جديرة بالانتماء إليه .. لا شك بأن هناك من الناس من كان يردد ذلك الشعار وهو يعرف أنه شيء جميل في مضمونه غير أن الواقع الذي يعيشه الناس مختلفا ً بعض الشيء !.. مع كل ذلك فالجميع يرددون ذلك الشعار حبا ً أو قبولا ً مفروضا ً على الجميع ؟!..

فالوطن هو غطاء العيش الكريم متى ما كان هذا الوطن في مأمن ومنأى عن شرور الحياة وأشرارها الذين يعيثون ويعبثون بالأوطان ويقلبون حياة الناس من الإستكانة والهدوء إلى القلق والاضطراب !..

في عدن والجنوب كان الناس على اختلاف أمزجتهم لا يبعدون عن تلك المشاعر والأحاسيس التي يشترك فيها الجميع .. وهي المشاعر التي تجمع الناس حول حبهم لوطنهم .. وطنهم المصان والمُعزّز والقوي بثقة الناس به وثقته ببعضهم حينما يشعرون بأن هذا الوطن هو ما يجمعهم ويحقق لهم الاستقرار والأمان الذي يحلمون ويجهدون أنفسهم لتثبيتها كواقع عملي لسير حياتهم الزاخرة بالعطاء ؟!... وهذا ما يحلم به الناس .. يحلمون بأن يكون وطنهم مُعافى وخال من الشوائب وتقلبات الأحوال التي تسبب له ولهم التصدع وتنغـّص حياتهم وتقلق الاستقرار والأمن لوطنهم بالمقابل !..

عندما نقول بأن الناس تحمل الشعار ( وطن لا نحميه لا نستحقه ) حبا ً أو كرها ً تكون الصورة في السابق وعند ارتباط ذلك الشعار بحياة الناس يكون الحال لا يوحي بان كل ما يتعلق بالشعار هو الصدق بعينه ـ لكن وبعد مرور السنين والأيام تأتي أوضاع مختلفة تجعلنا نعيد النظر فيما كنا فيه وعليه لنتأكد بأن ما كان وكنا عليه هو الصح .. وهو ما لم نكن ندركه بصورة جيدة .. وهو أيضا ًكمن كان سعيدا ً .. ولم يذق طعم السعادة إلا بعد أن تغادره ويصبح مفتقدا ً لها ؟!..

تجارب الحياة تعلـّمنا دروس بالغة الأهمية .. فحياتنا السابقة بحلاوتها ومرارتها هي حياتنا نحن وليست حياة غيرنا !.. لكن الخطأ كل الخطأ أن نتنكر لكل إيجابياتها ونبقى على خط السير المعاكس بان لا نعطي شيئا ً من المصداقية لشيء كان ذات يوم إيجابيا ً ؟!.. بعبارة أخرى .. لماذا نقسّم أو نفصل حياتنا السابقة ونسدل الستار عن كل ما كنا فيه وكأن ذلك لم يكن ؟ لماذا لا نتواصل ونواصل خط سيرنا الجديد في الاتجاه الذي كان هو الخط الإيجابي في حياتنا ولو كان بسيطا ً ؟! ... فهل نحن في هذه الأيام لا نستحق وطنا ً حميناه وصنّاه بأرواح شهداء من أبنائنا .. بل وكنا وقودا ً لثورة هدّت قلاع وحصون الأشرار الذين كانوا ولا زالوا الخطر الأول والأخير على وطننا الذي هو حياتنا ؟!..

لنختلف .. ونتباعد بعض الشيء عن الاقتناع بهذا أو غيره من الشعارات الوطنية المعبرة عن مواقف الجماهير تجاه كل تيار قد يمس ويضر سيرنا نحو وطننا الذين نسعى لصيانته وتجنيبه شرور من يتآمر عليه !... فقد يقول البعض هذا ليس طموحي في تجديد هوية وطني المنشود .. لكن عندما نسأله : أي وطن يحلم  به ؟!.. سترى أن جوابه هو ما ينشده في حياته .. نجد أن هذا الفهم يقتصر على قناعة ذاتية بعيدة عن إجماع الناس أو الغالبية العُظمى من الناس ؟!.. وليس أصدق من قول الشاعر الذي رسم الصورة الصحيحة لما تشير إليه بقوله .. وطني وإن جار علي َّ عزيز ٌ ... وأهلي وإن جاروا عليَّ كرام " ؟!..

لن نأتي بشيء جديد ومختلف عما تؤكده المواقف البطولية للناس على اختلاف مشاربهم ( شباب .. رجال .. نساء .. شابات ) كانوا في الصدارة للذود عن وطنهم وهو يعاني من تصدع أوضاعه وانتشار جحافل الشر والأخطار المحدقة به والخطيرة على سلامته .. كنت أحني رأسي إجلالا ً وتقديرا ً لذلك الشاب الذي ذهب إلى الجبهة للدفاع عن وطنه في الحرب اللعينة عام 1994م ( حرب الشمال على الجنوب ) !.. ألم يكن الحزب الاشتراكي حينها هو المتصدر للمواجهة في تلك الحرب .. لكن ذلك الشاب الذي استشهد في المعركة التي خاضها دفاعا ً عن عدن لم يكن عضوا ً في الحزب الاشتراكي !.. لقد أبكاني ذلك الشاب ( رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ) عندما علمت أنه طلب إجازة ليوم واحد من قائده الميداني ليذهب إلى منزله في مدينة المعلا / عدن ليزور أسرته التي أبلغته بأن الله سبحانه وتعالى قد رزقه طفلة !.. ذهب ليراها ويزور أسرته ليوم واحد ثم عاد إلى الجبهة في(دوفس). وكانت فلول الشر من جحافل الرئيس (المخلوع) علي عبد الله صالح قد هيأت له رحلة الذهاب المباركة لجوار ربه الأعلى وخالقه ليكون من الأخيار .. شهيد الوطن .. ومن الذين اصطفاهم المولى ( عز وجل ) ليكونوا إلى جواره في أعلى السماوات حتى تكون الروح مستكينة هادئة وراضية من رضاء الخالق الأعز .. فهنيئا ً لكل من قدم روحه فداء لوطنه,وهو في بُعد عن التيارات الحزبية أو المناطقية أو الفئوية .. لا أدامها الله .. ولنــــــــا لقــــــــــاء ؟!

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص