آخر تحديث :الاربعاء 07 اغسطس 2024 - الساعة:11:56:29
الإعلام سيف ذو حدين !
احمد محمود السلامي

الاربعاء 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

خلال هذه الأيام يتم تداول مجموعة من الصور و "البوستات" والنكت الساخرة عبر الواتس اب و الفيس بوك تنتقد وبشكل ساخر الأفعال التي يقوم بها  الحوثيون  ! وهي حالة صحية جيدة أن يعبر الناس عن آرائهم السياسية بهذه الطريقة أو تلك ..  استوقفتني بعض تلك الصور المختومة بـ " منظمة چالش" انه اسم غير مألوف حقاً !!

بفضولي الصحفي رحت أفكر فيما عساه أن يكون ! وهل هو اختصار لاسم مكون من أربعة أحرف أم لا ؟!! وبعد شد وجذب قادني حدسي إلى  العم " جوجل" حلّال العُقد والمفتي الأول الذي قال لي أن چالش كلمة فارسية تعني " التحدي" فأعجبت بهذا المستوى من الإبداع في اختيار الاسم الذي  يجمع بين أكثر من قصد ، بل انه إسقاط سياسي رائع بغض النظر عن انه يدل على جهة رسمية أو وهمية ولكنه بالتأكيد يدخل في إطار الجهد العام للتوعية الشعبية المضادة للنوايا والسياسات الطائفية التي يمارسها (الحوثيون) . الأوقات التي تسبق الحروب عادةً ما تكون مناخاً مناسباً للتداعي والمساجلات السياسية والإعلامية تتفتق فيها قرائح الإبداع وتجود بالكثير من الإنتاج المناسب على أيدي كفاءات خلّاقة عالية الخبرات تجعل من الأفكار واستخداماتها سلاح فتاك أمضى من وقع الحسام المهند كما يقال ! لما لها من أهمية في صناعة الرأي العام المطلوب في مرحلة ما قبل العاصفة ! ويمكنها ايضاً تشكيل وعي جديد و تغيير الكثير من المفاهيم والعادات المترفة رأساً على عقب  .تحضرني هنا حكاية قرأتها قبل سنوات عن الصحفي السويسري (برتولد جاكوب) الذي تجرأ وأصدر كتاباً عام 1935م عن تشكيلات الجيوش الألمانية التي تجاوز عددها الثلاثة ملايين فرد ! والذي أورد فيه أسماء الفرق والفيالق والمحاور و الألوية والوحدات العسكرية ومواقع تمركزها وأسماء قادتها وأنسابهم بالتفصيل الممل .. جن جنون هتلر عند علمه بهذا الكتاب الخطير وأمر جهاز المخابرات النازي S.D بإحضار جاكوب حياً  بأسرع ما يمكن .. وتنفيذا لهذا الأمر عبرت فرقتان  الحدود السويسرية المجاورة الأولى لإحضار الصحفي والثانية في مهمة أطول للم كل نسخ الكتاب المذكور وإزالته من الوجود .. خلال اقل من يومين كان الصحفي جاكوب أمام الفوهرر (القائد) أدولف هتلر !! أول سؤال وجه له كان : مَنْ زودك بكل هذه المعلومات السرية ؟  كان جوابه مفاجأة كبرى لهتلر وقادة الاستخبارات ..

 قال: انه جمعها من الصحف الألمانية المحلية وبالذات من صفحات الوفيات والتهاني وأخبار المجتمع الألماني ونجومه ، حيث تنشر أسماء الجنرالات والضباط ومناصبهم حتى  زوجاتهم وذويهم ، وقام جاكوب على مدى أكثر من سنتين برصد تلك الأخبار واستخلص منها كم هائل من المعلومات العسكرية الخطيرة ورتبها وأعاد صياغتها وأصدر منها كتاباً أثار رعب هتلر الذي اتخذ قرارات منع بموجبها نشر أي أخبار عن العسكريين مهما كان الأمر وتقييم نشاط الصحف بما يواكب سمة المرحلة المقبلة .خلال ثمانين سنه مضت ارتقى الإعلام وتطورت وسائله تطوراً خرافياً فاق الخيال وأصبح في مقدور أي شخص أن يقوم بنشاطات إعلامية كبيرة عبر الانترنت أو عبر الفضاء المفتوح فتتدفق كميات هائلة لا حدود لها من الرسائل الإعلامية والدعائية في كل المجالات عبر الهواتف الذكية التي جعلت الجمهور المتلقي قادراً على تمحيص تلك الرسائل ومعرفة أهدافها في معظم الأحيان .. هنا أصبحت مهمة أجهزة الإعلام  وصنع الرأي العام مهمة صعبة ومعقدة جداً بسبب وجود ذلك المتلقي الذكي الذي يجب أن نعمل له ألف حساب عندما نفكر بتوجيه أية رسائل أو أفكار أو أخبار نعتقد أنها ستشكل رأياً مطلوباً لدينا . تطور وسائل الاتصال سيستمر إلى مالا نهاية والسنوات القادمة ستأتي لنا بالمعلومات والأخبار من حيث لا ندري !! ومن أناس بعيدين لا نعرفهم بتاتاً ولا تربطنا بهم أي صلات أو مواعيد !! هذا هو ما تنبأ به الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد في معلقته المشهورة حيث قال :ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً    ويأتيكَ بالأخبــــار من لم تزوِّدِ  ويأتيكَ بالأنبـــــاءِ من لم تَبعْ له    بَتاتاً ولم تَضْربْ له وقتَ مَوْعدِ  ..

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص