آخر تحديث :الاثنين 14 اكتوبر 2024 - الساعة:22:25:14
لماذا تأخر الاستحقاق الجنوبي ؟
نزار أنور

الاثنين 00 اكتوبر 0000 - الساعة:00:00:00

بات اليوم هذا السؤال يطرح نفسه بقوة على الساحة السياسية الجنوبية  و هناك الكثير من المحللين السياسيين يوعزون هذا التأخير بسبب تخلف المسار السياسي عن المسار الثوري بمراحل عدة و هذا تحليل منطقي و واقعي و لكنه يظل ناقصا من وجهة نظري الشخصية حيث أن الإجابة على هذا السؤال لا تقتصر على توصيف المشهد الداخلي المرهون بالعجز في خلق قيادة سياسية موحدة تستثمر النجاحات الثورية التي يحققها صمود الشعب في الميادين و الساحات  الأمر الذي يقودنا بدوره إلى سؤال آخر مهم.

لماذا عجزت كل هذه المكونات الجنوبية و على رأسها المكونات الشبابية للوصول إلى هذه القيادة الموحدة ؟

ربما الإجابة على هذا السؤال تقودنا فيما بعد للإجابة على جزء كبير ومهم من سؤالنا الرئيس وهو  لماذا تأخر الاستحقاق الجنوبي ؟.

و للإجابة على هذا السؤال يجب أن نتكلم بصراحة و واقعية بعيدا عن أي مناكفات أو محابات سياسية أو مناطقية و بعيدا عن أي نرجسية ثورية و عاطفية لذلك ما قد أطرحه قد يوافقني فيه كثيرون و سيختلف معه كثيرون أيضا أدرك ذلك جيدا و لكنه في الأخير يبقى وجهة نظر شخصية أضعها بين أيديكم .

إن التركيبة الجيوسياسية للجنوب تشكل عاملا مهما وحاسما في حل المعادلة السياسية المتمثلة في ايجاد قيادة جنوبية توافقية تقود المرحلة الحالية بما يعني أنه عند اختيار تلك القيادة يجب مراعاة عامل التمثيل السياسي بناء على الجغرافيا و عند الحديث عن الجغرافيا فإننا نتحدث عن المساحة و السكان و أماكن تواجد الثروة و الأهمية الاستراتيجية و التاريخية للأرض أيضا  و لا يعني ذلك بالضرورة أننا سنعمل على تكريس مفهوم المناطقية و أننا بحديثنا هذا قد نفرط مستقبلا بوحدة الجنوب أرضا و إنسانا.

إن هذه التركيبة هي إحدى أهم الأسباب التي وقفت و مازالت تقف عائقا أمام تشكيل تلك القيادة ناهيك أن مستوى الوعي لدى الشارع الجنوبي لم يصل بعد إلى التحرر من الولاءات المناطقية و هذه حقيقة يجب التعاطي معها دون محاولة إخفائها أو التملص منها كواقع موجود فمثلا أبن يافع لا يمكن أن يعطي الراية إلا لمن يمثله من يافع ويجب أن يكون أيضا ذو تأثير ويحظى بثقة الجميع و هكذا هو الحال مع ابن الضالع ولحج و أبين وشبوة وحضرموت وعدن و المهرة و سقطرى و هذا ليس عيبا في اعتقادي وهو أيضا صحي يضمن في المستقبل تمثيل عادل لكل أبناء الجنوب في المشاركة في صناعة القرار.

لذلك على كل المشاريع التي تسعى إلى ايجاد قيادة موحدة أن تستوعب هذه التفاصيل المهمة جدا لنجاح عملها في المستقبل بما فيها المؤتمر الجامع المزمع انعقاده قريبا .

هذا فيما يخص المشهد السياسي الجنوبي الداخلي هناك أيضا عائقا آخر يتعلق بالخارج ومدى ثأثيره على الداخل وهو في اعتقادي أيضا يمثل عائقا مهما يقف أمام انجاز الاستحقاق الجنوبي .

مما لا شك فيه أن معظم الجنوبيين اليوم باتوا يتطلعون إلى المواقف الدولية الداعمة و المؤيدة و المساندة لثورتهم و مطالبهم العادلة في استرداد دولتهم و هويتهم و من أهمها مواقف دول الجوار و الإقليم و الدول العشر الكبرى و هذا التفاعل يلقي بضلاله على الشارع الجنوبي .

هناك تأثير واضح للصراع الإقليمي و الدولي لفرض الوصاية على الجنوب مستقبلا من خلال مراكز قوى جنوبية موجودة في الداخل فالجنوب اليوم يدخل ضمن منظومة الصراع تلك و دول الإقليم هي اللاعبة الرئيسية و على رأسها دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية من جهة و إيران من جهة أخرى بأدوات جنوبية جنوبية تتنافس فيما بينها للترويج لمشاريع تلك الدول و تلك الأدوات باتت اليوم تحظى بتأثير واسع وكبير في الشارع الجنوبي يصعب تجاوزها للأسباب التي ذكرناها سابقا في توصيفنا للمشهد الداخلي لذلك أصبح من المهم جدا حدوث توافق دولي أولا قبل أن يحدث أي توافق أو وفاق جنوبي لإنجاز ذلك الاستحقاق الذي تأخر كثيرا .

                                                 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص