آخر تحديث :الجمعة 16 اغسطس 2024 - الساعة:18:39:35
صناعة الغوغاء المفلسة
صالح علي الدويل باراس

الجمعة 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

" لن يثوروا حتى يعوا ولن يعوا إلا بعد أن يثوروا  "

جورج اورويل

كثر اللغط والتشكيك حول المؤتمر الجنوبي الجامع ومصدره قوى تعتقد انها بذلك ستتحكم في مستقبل الجنوب مثلما اختطفت جزء من ماضيه وشوهته وأفقدته هويته وتحكمت في اغلامه وسجلاته حتى تدنى شأنه فصار أقل شأنا في صنعاء من شأن " الجعاشنة"  فالجامع عند تلك القوى التي " جعشنة الجنوب لصنعاء" اخطر من الارهاب ومن طائفية الحوثي ومن مكائد عفاش ونفاق إصلاح الانسي واليدومي ومن مخرجات الحوار ومن وثيقة السلم والشراكة ومن احتلال الجنوب ونماذجهم غوغائيتهم مبثوثة في الصحف والمواقع وصفحات التواصل تصرخ صباح مساء ضد الجامع لانه ببساطة المشروع الذي سيكشف سوءاتهم وأكاذيبهم.
 لا اعتقد أن ذاكرة الجنوبيين قد تآكلت فقبلت " صلاة " نموذج اعلامي منهم  عرضتها الشاشات العالمية الصورة  "الصلاة المخابراتية  " التي بثتها قناة الجزيرة عبر مراسلها التي زوّر بها حشد مليوني جنوبي توافد استنكارا لمجزرة المعجلة التي راح ضحيتها العشرات من الأبرياء حصدتهم آلة الحرب الأمريكية تلك الصورة " الصلاة وفقا لمصطلحاته " التي حوّلت ذلك التضامن وجعلت منه حاضنا إرهابيا.  
لم يؤنبه ضميره حتى يفنّد صورته التي كلفته بأخذها جهات سهلت له اندساس تلك السيارة وأصحابها وسط تلك الحشود ليصوّرها وقدمتها أول صورة لذلك التضامن لتطمس ذلك الحدث المأسوي وتحول التضامن الجنوبي فيه إلى حاضن إرهاب وتمنع أي تعاطف او إدانة دولية للمجزرة البشعة لولا ان تصدى لذلك آلافك اللاخلاقي ناشط حقوقي من اليمن الشقيق،هو عبد اللاه حيدر شائع ، فكشف الزيف الذي صنعته تلك الصورة التي بعثها ذلك المراسل ووضح حقيقة وبشاعة المجزرة التي تعرض لها أناس أبرياء لاعلاقة  لهم بالإرهاب فكان ان دفع ثمن ذلك الموقف الديني والأخلاقي والإنساني منه سجنا وتكميما في صنعاء.
  لو كان أي منا مكان ذلك المراسل لكسر القلم ولن ينتمي لمهنة الإعلام وسيقضي بقية حياته طالبا المغفرة .. ل يتكلم عن الجلود وتلوينها .. او عن  الأموال المدنسة.. او عن ثورة الجنوب او عن إفراغ الحراك الجنوبي من محتواه،موقف سيمليه عليه ضمير مهني وأخلاقي وإحساس بالخطيئة تجاه وطنه وقيم العيب الاجتماعي فتلك الصورة المخابراتية كانت افتك من حرب على الجنوب وحراكه السلمي وقضيته وأفظع وأبشع تآمر عليه وكان أداتها ذلك المراسل الذي يتباكي هذه الأيام في مقالاته عن الجنوب وحراكه السلمي والخشية من التآمر عليه وهو الأداة التي قدّمت لصنعاء وثيقة سوّقتها في دهاليز المخابرات الدولية وفي قنواتها السياسة لتجعل منها برهانا دامغا بان تلك المليونية السلمية الجنوبية المتضامنة مع أبناء باكازم في مصابهم الجلل كسائر المليونيات السلمية الجنوبية مجرد حاضن للإرهاب في الجنوب .
طالعتنا الأمناء بمقال للمراسل بعنوان " حتى تقبل الصلاة  " مليء بتهم غوغائية تخلو من الترابط والموضوعية على الطريقة الغير مأسوف عليها في صناعة الغوغاء من اتهام للمؤتمر الجامع بانه يهدف الى إقصاء " طرف سياسي معين " بالتاكيد هو لا يقصد أتباع الإصلاح او المؤتمر  وكان الأجدر به انه يقصد الاشتراكي ومخرجاته وهو يعرف أن الحزب مازال وحدويا اكثر من صالح وحزبه  وأكثر التيارات تحررا من مخرجاته مازال يعتقد بمقولة "الصلاة خلف علي اتم ومأدبة معاوية أدسم " فيعرض البعض فيدرالية لم تلق إذنا صاغية من صنعاء والبعض يريد بناء مشروع وطني مع الحوثي ولم يحدد كيفية بناء مشروعه مع جماعة لا تملك برنامج واضح وكل ما تملكه رؤية طائفية لوضعها.والبعض مع مخرجات حوار انقلب عليه الحوثي ذات مساء واحضر كل أطرافه بعضهم ببدلات النوم ليلغوه بوثيقة السلم والشراكة.
انزعج المراسل من "العودة الحميدة " بالتأكيد يقصد عودة عبد الرحمن الجفري التي شغلته أكثر مما شغلته " وثيقة السلم والشراكة " وما سلبته بنودها عن شكل الدولة الذي تباهى به الذين شاركوا في الحوار وذلك بتثبيت بند إعادة النظر في شكلها  وهذا أول انقلاب حوثي على مخرجات الحوار الذي يمجده ذلك المراسل . العودة الحميدة خطيرة لدية ولدى تياره أكثر من الخطر الطائفي للحوثي وما سيحدثه من تداعيات في الجنوب وأكثر من قتل الجنوبيين والتضييق على نشطاهم  ولم يبقَ أمام الإسفاف والإفلاس السياسي له الا اتهام تحضيرية الجامع بانها تعمل على فرز وفقا لهوية سياسية/مناطقية واتهام بالسرية وهو ما ستكذبه وثائق الجامع وأسماء القائمين وهوياتهم الجهوية لكن ماذا سينتظر الجنوبيون من صاحب الصورة المخابراتية أكثر من التشكيك ومحاولة دق الإسفين الجهوي وهذا أسلوب يتقنه أصحاب تياره عندما يصلون للإفلاس السياسي وشواهده كثيرة ودموية في تاريخهم .
ان  الإجماع لم ينله خير الأنبياء ناهيك عمن هم دونه والجامع جهد جنوبي  وطول مدة التحضير له شهادة للقائمين عليه بانهم يبذلون الجهد والتواصل بشكل هادئ الهدف منه الخروج بعمل يقارب كمال الإجماع ان لم ينله.
لم يحدد المراسل الأبواب الكثيرة والكبيرة التي يريدها من الجامع لكنه أكّد بأن موضوع الهوية موضوع اختلاف بيّن لتيارين هما: فريق الجنوب العربي وفريق اليمن الجنوبي او اليمن الديمقراطي وهذا تدليس وأتحداه بان يصعد هو او من يدّعي بهوية اليمننة في اية ساحة ثورية  جنوبية ليكشف لنا حجمها الجماهيري لكن هذا التدليس يوجب على المكونات الجنوبية التي تضع  استعادة الدولة او فك الارتباط في أدبياتها ان توضحه للشعب فهي تقدم هذا المسمى في وثائقها وتدعيه تكتيكا سياسيا مرحليا وان اليمننة ليست خيارا استراتيجيا لها لكن مبارك في مقالة يؤكد هذا الخيار وهذا اما انه يزرع به تشكيك بين تلك المكونات وجمهورها او انه واثق من ذلك وهذا يدعم ويؤكد شكوك قوى جنوبية بان هدف تلك المكونات من استعادة الدولة انما هو استعادة السلطة وتصفير العداد لنفس قوى الشمولية التي تصارعت وتقاتلت وظلت تياراتها تتحكم بالمشهد الجنوبي منذ عام67م وهذا يعني بطلان التصالح والتسامح الذي يعني في أول أبجدياته القبول بالآخر السياسي وإنشاء مشروع سياسي معه .
لم يعد لصناعة الغوغاء سوقا في الساحات مهما حاول المراسل وما يمثله فقد اثبت الجنوبيون بانه لا يوجد الا تيار جماهيري واحد للحراك منذ انطلاقته وهو تيار التحرير والاستقلال ورفض هوية اليمننة وحتى العلم الذي ترفعه الجماهير لا ترفعه لتأكيد يمنيتها بل تراه راية لتأكيد خروجها من تلك اليمننة وهذه الجماهير تؤمن بان الجنوب قضية وطنية لشعب تحت الاحتلال وان نضاله نضال وطني لنيل استقلاله  وبناء دولته.
لن نكون استثناء عالميا فلا يمكن إنكار بانه يوجد  تيار نخبوي جنوبي مازال تحت سقف اليمننه  ينقسم الى قسمين : القسم الأول تندرج فيه القوى الجنوبية في الأحزاب الشمالية من اشتراكي ومؤتمر واصلاح ..الخ وهي قوى ملتزمه برؤية اليمننة هوية وسياسة ووطن للجنوب العربي كسائر مظلوميات صنعاء المتعددة والقسم الثاني تيارات نخبوية ليست ضمن هيكلية الأحزاب الشمالية ومعظمها من مخرجات الاشتراكي وهي لا تملك قاعدة جماهيرية في الشارع ليس لشخوصها ولكن لانها تقدم القضية الجنوبية كجزء من المظلوميات السياسية والجهوية للجمهورية العربية اليمنية وتختلف رؤاها لحل احتلال الجمهورية العربية اليمنية للجنوب العربي ما بين فيدرالية بدون ضامن دولي وإقليمي او القبول بمخرجات الحوار الذي تتساوى فيه قضية الجنوب بقضية زواج القاصرات والذي نقض الحوثي حل القضية الجنوبية فيه بفرض بند أعادة النظر في شكل الدولة الذي جاء في وثيقة السلم والشراكة.
ان أبواب الجامع مفتوحة لكل أبناء وشرائح وتيارات الجنوب بشرط ان تجمع القوى الداخلة فيه على التحرير والاستقلال وبناء جنوب جديد وتتخلى عن اليمننة اما ان يكون الجامع منتدى لرؤى متعددة ومتعارضة فذلك غش وتدليس للجنوبيين لن يقبلوه وترديد مثل ذلك يُراد به منع ظهور حامل قيادي يخاطب العالم على هذه القاعدة ويفرض الانضباط ويضع معادلات تحقق صلابة النضال لتحقيق الهدف وتحول دون تمييعه لكن بعض القوى التي يروج لها مبارك تأمل بنجاح مشاريعها وحلولها والعودة بالجنوب الى بيت الطاعة في صنعاء مرة اخرى .

                      

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل