آخر تحديث :الجمعة 13 سبتمبر 2024 - الساعة:00:10:54
آخر الأخبار
ناضلت بصمت ورحلت عنا بصمت يا ماجد
منصور زيد

الخميس 00 سبتمبر 0000 - الساعة:00:00:00

ماجد ذلك الشاب الذي لم يتجاوز العشرين عاما حينها ، عندما عرفته والتقيت به في بداية العام 2005م في الضالع عندما كنا بعدد الأصابع، وكان المحتل بأوج جبروته ..فعندما كنا نقوم بنشاط أو تحرك بسيط أو إحياء ذكرى جنوبية ، أجد هذا الشاب حاضرا لا أعرفه ولا يعرفني ، ولكن جمع بيننا همُّ الوطن ، كان يأتي ويبادر ويقول بماذا تكلفوني ؟ ماذا علي عمله في خدمة الجنوب ؟ ..تعرفت عليه وجدت في قلبه هم وشعور بمسئولية وتذمر مما هو حاصل من قبل الاحتلال وفي عقله أفكار وآراء يريد أن ينفذها عمليا ويأمل بأن يجد من يسمعه ويأخذ بيده،  لتحقيق ما في عقله ، ولكن للأسف لم يجد ومع ذلك لم ييأس أو ينال منه الاحباط ، فقرر أن يشق طريقه بنفسه ويعتمد على ذاته ..أتذكر في العام 2006م عندما كنا نحتفل بالأعياد الوطنية الجنوبية 14أكتوبر كان يومها متحمسا ، وأراد أن يوصل رسالة من خلال التهشيل،  فقد جمع عدد من الإطارات وبذل جهدا لإيصالها إلى قمة جبل جحاف ورسم ليلتها لوحة معبرة عن ما بداخله حيث كتب بالإطارات كلمة ارحلوا وشاهدها أبناء الضالع وهي تشتعل .

أتذكر في العام 2007م ، عندما قام الشباب بمسيرة راجله من الضالع إلى سناح حيث الحدود مع المحتل ، فهو من قاد المسيرة وحمل على ظهره برميل وضعه في النقطة الحدودية ورفع علم الجنوب عليها..

إنه ماجد وفعلا هو ماجد من أمجاد الجنوب ، ثار مبكرا وناضل بصمت بعيد عن الضجيج وبإرادته الحرة لم يتحرك بتوجيه أو بمال بل حرّكه ولائه للجنوب وإخلاصه الوطني تجاه شعبه المحتل..

كان في رأسه مشروع كبير فوقع بين الحلم والأمل والهم الذي يحمله ويعيشه ويريد التخلص منه، وبين الظروف الصعبة المادية والقمعية التي فرضها المحتل على شاب ثائر مثل الشهيد ماجد.. وكما يقال المعاناة أم الاختراع ..لجئ إلى إيجاد وسائل لمقاومة المحتل،  فعمل على تصنيع عبوات بنفسه ونجح دون أن يعلم أحد بالدور الذي كان يقوم به ..ليأتي القدر عندما كان مشاركا بفعالية جنوبيه بيافع وعاد للضالع وكانت أطقم المحتل تنتشر في أحياء ومداخل وطرقات الضالع تتعسف المواطنين وتهينهم وتعتقلهم وتبتزهم بالنقاط ، عمل الشهيد على تجهيز عبوة بنفسه وبينما كان يجهزها لم يكن يعلم ماجد أنها ستكون سبب في دخوله مرحلة مؤلمة وقاسية في حياته ومسيرة تطلعاته الثورية ..عندما حدث خطأ جعل العبوة تنفجر به ، ويفقد كلتا عينيه وتمزق جسده وتقطع يديه ..ويتم إسعافه وسفره وإنقاذه من الموت ..ليعيش لمده أربعة أعوام معاق جسديا، ولم يمت فكره وحلمه وهدفه لم يمت شعوره وهمه الوطني لم تؤثر الإعاقة عليه وعلى معنوياته، وظل صامدا لم يستسلم ويطلب ممن يلتقيه في مجلس أو مكان أن يواصل النضال وأن لا يفرط بدماء الشهداء ويحث الشباب على الصمود والثبات مهما كانت الصعوبات..

عاش طيلة مرضه لأكثر من أربعة أعوام يعاني من الإعاقة ويتألم بصمت ، لم يجد من يهتم به وبحالته ماديا ومعنويا ولا برئ نفسيا أيضا ،فقد قصرنا معه جميعا تركناه يعاني وحده في الوقت الذي كان ماجد لا يطلب من أحد شيء كان طلبه الوحيد كلما التقيت به اثبتوا واصلوا النضال احملوا الامانة ولا تتراجعوا ..كان يردد ومعنوياته عالية رغم الجرح العميق بداخله ونحن نسمع ونحن مهزومون لأننا تركناه يتألم لوحده بصمت..

وكانت الفاجعة يوم4ديسمبر2014م عندما أخبرني أحد الزملاء برسالة عبر الماسنجر يبلغني بأن ماجد مات.. يا لهول الصدمة ..كيف رحل ماجد ؟ كيف رحل ماجد الجنوب ؟ ..كيف رحل بصمت في وسط ضجيج قادة الجنوب ومكوناته وتسابقهم على الظهور وحب الذات الذي أنساهم ماجد الثائر ماجد الجريح مرتين جسديا ونفسيا جراء إهماله وعدم حتى زيارته من جانب وسماعه وضع القيادات وصراعهم وعدم تحقيق الهدف الذي حلم به وأراد تحقيقه من جانب آخر..

أخي ماجد أعرف أنك قدمت الكثير ولم أذكر كل ما عملت فكنت ثورة بذاتك وثق أخي أننا سننتصر لها ما دمنا أحياء ..فبذرة جهودك التي زرعتها فينا هي اليوم ثمرة رغم تسابق الانتهازين على قطفها والاستئثار بها، إلا أننا لن نسمح لهم وسيقطفها الأحرار أمثالك..

سامحنا أخي ماجد هكذا هو حالنا نعرف قدر الرجال وقيمتهم عندما يستشهدون ، وننساهم وهم يتألمون ويعانون في حياتهم ..

هكذا هم الأحرار الثائرين ، وهم قليلون يناضلون بصمت ويرحلون عنا بصمت ..رحمك الله يا شهيد ثورة الجنوب ماجد فأنت فعلا ماجد في حياتك وموتك ..وأسكنك الله جنات الفردوس.. وثبتنا على السير بقوة نحو تحقيق ما سعيت من أجله قبل أن تفقد عينيك ويديك وآخرها روحك قبل أن ترى حلمك يتحقق وهو التحرير والاستقلال ..

ثق أن هناك من يواصل السير من الأحرار، وسيسقط المتخاذلون منا ، وبإذن الله ستنتصر ثورة شعب الجنوب ، وينال الجنوب استقلاله بالله وبدماء الشهداء وبدمائك الطاهرة الزكية ،، نعاهدك بالسير حتى يتحقق ما ناضلت من أجله ..

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص