آخر تحديث :الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 - الساعة:16:36:31
الدعوة .. غير واقعية
فضل مبارك

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

بالتأكيد أن مسيرة الحراك الجنوبي السلمي منذ انطلاقته حتى اللحظة كانت ناجحة بكل المقاييس بغض النظر عن بعض أوجه القصور والسلبيات التي تبرز هنا وهناك، لكنها لم تؤثر في وهج هذه المسيرة وعطاء وتضحيات أبناء الجنوب على مدى سبع سنوات عجاف.. واستطاع الحراك إبهار العالم أجمع – العدو قبل الصديق – بأسلوب وطريقة نضاله التي من خلالها تمكن من إيصال رسالة بمطالبه إلى القوى الإقليمية والدولية وشعوبها.. وبقدرة فائقة قدِر الحراك من إقناع كثير من القوى وصناع القرار والرأي في العالم ومنظمات إقليمية ودولية بعدالة القضية الجنوبية ومشروعية المطالب.

وطالما وأن الرسالة قد وصلت بأكثر من وسيلة وغدا العالم بكل دوله يعي جيدا بما يعتمل في جنوب اليمن من فعل حراكي نضالي يسعى أبناؤه من خلاله إلى تحقيق مطالبه في استعادة دولته وفك الارتباط من مشروع وحدة ضربت في العمق قبل أن ترى النور وقبل أن تمد ظلالها لتصنع الدفء في قلوب المنادين بها .. وبهذه الاستعادة للدولة يرى أبناء الجنوب أنها استعادة لهويتهم التي حاولت بعض القوى مسخها وطمسها.

وعليه فإنه يتوجب على قوى الحراك الجنوبي الفاعلة في الساحة أن تتجاوز حدود ومساحة "المليونيات" في المناسبات الوطنية المختلفة باعتبارها قد أصبحت حالة مكررة.. والتكرار ممل.. والشيء إذا زاد عن حده انقلب ضده.. حيث وإن الأمر والفعل النضالي يتطلب أساليب وأشكال نضال أخرى متعددة.. ومع أن مخيم الاعتصام المفتوح في عدن والمكلا.. كان شكلا نضاليا جديدا ومعبرا، كسر حاجز الخوف وأسقط مراهنات كثير من القوى بعدم صواب إقامته واستحالة استمراره وبقائه.. وها هو قد تجاوز مراحل الخطر لكن ذلك لا يعني الاكتفاء ببقاء الوضع هكذا.. إذ لا بد من استغلال تواجد الحشود وتفاعلها بإيجاد برامج تصعيد.

وعندما نقول برامج تصعيد نضالي فإننا نعني أن تكون برامج عقلانية غير متهورة ولا تحمل في ثناياها الشطط حفاظا على النهج السلمي للحراك وكذلك حفاظا على أرواح ودماء الناس.. فكفى الحراك الجنوبي ما قدم من تضحيات تمثلت في مئات الشهداء وألاف الجرحى في ركب مسيرته.. مع أن قوى النظام لن تتورع في التخلي عن أساليبها القمعية كما حدث في المعلا يوم الاحد الماضي – لكن ينبغي على الحراك أن لا يوجد لها الذريعة والمسوق لتبرير همجية تصرفها.. وإذا ما أقدمت على ارتكاب أي فعل – والأكيد أنها ستفعل – دون أن يقدم لها ثوار الحراك الذريعة.. فإن وضعها سيصبح مختلفا كليا وهو في كل الأحوال موقف مخز لها.

وما نراه من تصعيد نضالي باستغلال هذا الزخم – وبطرق سلمية عقلانية.. أن يتم تنظيم مسيرات أسبوعية تجوب كل أسبوع شارع مدينة، وتنظيم وقفات احتجاج أسبوعية كذلك أمام القنصليات المعتمدة في عدن ومقار المنظمات الدولية والإقليمية.. والتواصل بأكثر من طريقة وأسلوب مع الشخصيات وصناع الرأي والقرار في كثير من الدول المتعاطفة مع قضية الجنوب وما أكثرهم.. ومع المنظمات الدولية والحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني.. وضرورة إيجاد برنامج إعلامي مكثف.. وعلى صعيد مخيم الاعتصام فلابد من وجود برنامج توعوي سياسي/ قانوني ينفذه مختصون محنكون ولو بشكل يومي ويكون بشكل عمومي وليس منحصرا في هذه الخيمة أو تلك التي لا تتسع سوى لعدد محدود جدا من الناس.. وذلك لتحقيق أكبر قدر ممكن من الاستفادة بين المعتصمين.

وبالمقابل فإننا نرفض دعوة البعض في إطار ما يرونه تصعيدا للمعتصمين وأنصار الحراك باقتحام مؤسسات ومكاتب الوزارات والمؤسسات والسيطرة عليها.. ويذهب البعض – كما قال لي صراحة – إلى الإقدام على اقتحام المرافق والمؤسسات على طريقة الحوثي في صنعاء، اعتقادا من هؤلاء بأن الأمر سينجح بفرض الأمر الواقع كما ما تم في صنعاء.. لكننا نقول ردا على ذلك أن هذه دعوة غير واقعية وغير مجدية أبدا فالحراك الجنوبي السلمي فيما الحوثي حركة مسلحة تبنت العنف ولديها عشرات الأف من المليشيات المسلحة ثانيا أرضية ومسميات الصراع تختلف من هنا إلى هناك.. وقبل ذا وذاك والأهم أن مشروع الحوثي كان متوافقا عليه إقليميا ودوليا ووجد الإسناد والدعم لأنه كان يحمل هدف القضاء على نفوذ الإخوان المسلمين وكان خطاب حركة الحوثي موحدا ومرجعيتها محددة على العكس من الحراك الجنوبي وبالتالي فإن النظام وكافة قوى النفوذ في صنعاء التي تختلف وتتناحر فيما بينها وتلتحم وتتوحد أهدافها ضد الجنوب، فإنه سيتم التعامل مع أي تصعيد من هذا النوع بالقوة التي لا يمكن تصورها.. ولكم فيما حدث في المعلا عبرة مع أنه لم يكن هناك أي هدف أو نية للسيطرة على مبنى المحافظة أو غيره من المباني.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل