آخر تحديث :الخميس 11 يوليو 2024 - الساعة:21:14:46
ماذا يعني ان تكون اليمن دولة فاشلة
عياش علي محمد

الخميس 00 يوليو 0000 - الساعة:00:00:00

اذا سمع احدكم كلمة (مجاعة) صادرة من احدى المنظمات الدولية او غيرها، فلابد ان يفسرها بانها تعني (الحرب) والمجاعة هي الحرب في تفسيراتها عند المنظمات الدولية، ميدانها قلة الغذاء فالقوي يستطيع ان يخطف اللقمة من الضعيف، والضعيف لا يقوى على مقاومة الجوع، حتى تنقلب الموازين ويتحول الضعيف الى قوي في صيرورة متواصلة من الصراعات العنيفة ابطالها، رجالا اخرجتهم المجاعة الى ساحات الحرب.

واذا سمعت او احدكم كلمة (دولة فاشلة، عن طريق وكالات دولية او صحيفة واسعة الانتشار قبل صحيفة (الواشنطن بوست) التي تعرضت في مقالها الاخير عن الأزمة اليمنية ووصفتها بانها سائرة الى دولة فاشلة، فلابد ان تفسرها بان اليمن سوف تشهد سقوطا مدويا في منظومتها السياسية والامنية، والعسكرية، فيتهاوى مؤسساتها الحكومية ويصبح كل شيء في البلاد معطلا.

اما اذا وصل هذا الانهيار الى الاوراق النقدية فانها تصبح اوراقها كأوراق الخريف مصفرة اللون، وليس لها أي قيمة شرائية فتحدث تلقائيا ارتفاعا في الاسعار جراء التضخم النقدي فتجرف معها حياة الناس، وتوقعهم في قاع المحيط الاجتماعي.

وفي حالة ان تعيش اليمن (الدولة الفاشلة) لن تجد لها شفيعا او نصيرا لان دول الشرق الاوسط منشغلة بذات نفسها في مواجهة الارهاب ولا تفكر الا في استقرارها الذاتي، ولا تحفل بأمور الغير، وهذا الوضع يجعل اليمن، تواجه مصيرها لوحدها في ظل غياب مواطن قوتها الاقتصادية، وهذا الوضع يؤدي في الغالب الى الحرب الاهلية.

وهناك اسباب رئيسية تسوق الدولة الى فشلها، ومن اهم هذه الاسباب تنامي قوة البنية التحتية القبلية في الشمال التي قاومت منذ زمن بعيد رياح التغيير في اليمن، وبسبب هذه البنية توسعت بؤر الفساد وتوغلت في كل مؤسسات الدولة في الشمال وكذا في الاحزاب السياسية وادت الى تكوين مصالح متبادلة بين من يمسكون زمام الحكم من المتنفذين في الجهاز والتجاري والديني.

ولا يظن المرء انه بمجرد ازاحة عنصرا فاسدا من وظيفته العليا او الدنيا ان الامور تغيرت، فلا يمكن ان يحدث تغيير في ظل تماسك هذه البنية التحتية فانها تستطيع احياء نفسها من جديد وتظل حاملة للنظام القديم حتى اذا استبدل قائد بقائد اخر.

اما اشهر الاسباب في وصول البلاد الى حالة (الدولة الفاشلة) تكمن اسبابها في الغزو العسكري للجنوب في صيف عام 1994م، حين استهدفت هذه الحرب البنية الاقتصادية الجنوبية، واجتثاثها من جذورها، والغاء كل معالمها الصناعية والسمكية والزراعية واسكات مداخنها الخاصة بالصناعات الغذائية التي كانت مدماك النمو في الجنوب.

واختلت الموازين مما استعصى على نظام الشمال ادارة هذه البلاد الواسعة، وعجز عن تقديم البديل الاقتصادي للقطاعات المدمرة الجنوبية.

واستغنى النظام في صنعاء عن خدمات المنطقة الحرة، ومن خدمات ميناء عدن وباستعلاء احالهما نحو التقاعد، وذهب بعيدا حيث الموارد النفطية، والغازية التي درت على البلاد خيرات كثيرة لم تذهب الى الاقتصاد الوطني بل على الارجح ذهبت الى الجيوب وإلى الحسابات البنكية في الخارج، وانتهى بهذه البلاد إلى الدولة الفاشلة بعد ان سارت منذ البدء بخطواتها نحو الدولة الفاشلة.

واكبر كارثة تلقاها هذا النظام جراء استغناء عن كوادره الوطنية التي انفقت عليهم البلاد الموارد النقدية التعليمية، وبدلا من الاستفادة منها رمى بها في قارعات الطريق ليواجهوا مصيرهم المحتوم، ولكن الذي نوى القضاء عليهم لم يدرك ان العلوم والثقافة والتعليم ثقافة مربحة لا تبور ابدا.

فقد لجأت هذه الكوادر الى دول الجوار ليستفاد من علمهم.. فخسرهم اليمن وسار باتجاه الدولة الفاشلة.

ويعيش اليمن اليوم بـ 60% من البطالة و70% تحت خط الفقر وهذا الوضع انتج ميلا للاستفادة من مشاريع اقليمية ودولية تتعلق بتجنيد المجاهدين في مختلف بقاع الدنيا، موفرة لهم بيئة اجتماعية حاضنة للنشاط الارهابي بدلا من توظيفهم في قطاعات الاقتصاد الوطني ويعيش الوطن بسلام وآمان.

كيف الحال هكذا ماذا سيكون وضع (الجنوب) في ظل الدولة الفاشلة؟!، من خلال هذه الاوضاع سيعيش الجنوب معاناة شديدة في ظل الدولة الفاشلة في الشمال، وستنعكس سلبياتها على حياة الجنوبيين.. وتزايد تلك المعاناة من المتوقع ان تحصل ردود فعل تؤدي الى الانعتاق من الروابط المتعلقة بالدولة الفاشلة بعد ان يكون الجنوبيون قد توصلوا الى تفاهم مشترك بينهم، وارضية مشتركة، ورؤى موحدة تساعدهم على تجاوز الدولة الفاشلة.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص