آخر تحديث :الاربعاء 17 يوليو 2024 - الساعة:13:50:59
(جرم) ومكنسة
محمد عبدالله الموس

الاربعاء 00 يوليو 0000 - الساعة:00:00:00

قبيل طلوع شمس يوم جديد وفي اللحظات التي كانت الطيور تغادر أعشاشها تقريبا، وحين بدأت الحركة تدب في مخيم اعتصام أبناء الجنوب بعد قضائهم ليلة أخرى يفترشون الأرض أو قطع من الكرتون، وبعضهم يلتحف السماء خارج الخيام، كان هناك فتية يرتدي كل منهم جرم أبيض (تي شرت) ويحمل مكنسة.

 هم من أعضاء وأنصار أحد الأحزاب الجنوبية، تدل على ذلك (الجرامات) أو الـ (تي شيرتات) التي يرتدونها وتحمل اسم الحزب، وكانوا يقومون بتنظيف الساحة من نفايات ومخلفات يوم اعتصام مضى، بعض نشطاء المخيم عبر عن إعجابه بكلمات ثناء، والبعض الآخر حاول المساعدة، والبعض الثالث اكتفى بالفرجة صامتا، وكثيرين كانوا نياما.

 حسب علمي أن تلك المبادرة لم تكن بتوجيه من الحزب وإنما كانت بتنظيم من الشباب الذين كانوا يقومون على قيادة وتنظيم التواجد في المخيم، لكن الرسالة الهامة التي وصلتنا كانت تتلخص في أهمية أن يكون الجهد منظما بقيادة واحدة وبشباب لا تنقصهم روح التضحية طالما تركوا أسرّتهم المريحة في بيوتهم وجاءوا يفترشون العراء، وهي تضحية يقدمها كل نزلاء المخيم بلا استثناء، بل هناك من أبناء الجنوب من سبقنا بشرف التضحية بدمه وحياته.

 إن العمل المنظم يمكن أن يأتي بما لا نتخيله، فكيف سيكون الحال لو أن شباب المخيم عملوا على تنظيم أنفسهم ونظموا طاقاتهم وقدراتهم الإبداعية مع مراعاة المرضى وكبار السن، مثلا، وسخروا إبداعاتهم لخدمة قضيتهم، فهناك الرسام والشاعر والكاتب والمحامي، ماذا لو نظموا المخيم بحيث لا يؤذي ساكني المنازل والبنايات المجاورة ولا يعيق حركة مستخدمي الطريق؟.

 إن طاقات شبابنا وقدراتهم يمكن أن تجترح المعجزات ويمكن أن تجد وسائل للتعبير عن قضية الجنوب العربي بأسلوب ولغة حضارية يفهمها العالم، وهم بكل ذلك سيعرّفون العالم كيف سيكون الجنوب القادم، وطنا يحمي مصالحه ويحترم مصالح الآخرين ويتبادلها معهم.

 ولو وسعنا دائرة العمل المنظم والمنضبط لتكون بحجم وطن، وجعلنا نصب أعيننا الجنوب فقط، لعمري أن ذلك يشكل أكثر من نصف الطريق للوصول إلى بر الأمان، هذا إن لم يكن كل الطريق.

 إن العالم ينظر إلى الجنوب بوصفه منطقة مصالح حيوية، أكرر حيوية، ومناطق المصالح الحيوية لا يقبل العالم أن تشهد عدم استقرار، هكذا بالعربي الفصيح، وأول شروط التطمين تكمن في وحدة القيادة والمشروع المؤدي إلى الاستقلال والحال الذي سيكون عليه الجنوب مستقبلا كوطن يقبل بالتنوع والرأي الآخر في الدولة الوليدة، وحين قال السياسي الجنوبي البارز الأستاذ عبد الرحمن الجفري (إن العالم  لن يسلم الجنوب إلى المجهول) فإنه يعلم ويعي ذلك تماما.

 فلا تتركوا الفرصة التاريخية للتحرير تفوتكم فللعالم بدائله لكننا لا نملك بديلا عن الجنوب.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص