آخر تحديث :الخميس 11 يوليو 2024 - الساعة:20:19:25
الحُرة نعمة وأحرار الجنوب !
احمد محمود السلامي

الخميس 00 يوليو 0000 - الساعة:00:00:00

الحرة نعمة شخصية حقيقية عاشت إلى سبعينيات القرن الماضي في إحدى قرى الجنوب العربي وكانت امرأة بسيطة وفقيرة عزيزة النفس لم تمد يدها لأي شخص حتى إذا جاعت .. لم تتزوج وقضت سنوات طويلة من عمرها وماتت وهي تبحث عن العدل والإنصاف في قضية أرض متنازع عليها مع أقربائها في محكمة المدينة التي تبعد عن القرية خمسة كيلومترات ونيف تقطعها مشياً على الأقدام وهي تحدثُ نفسها بصوت مسموع عن ما سوف تقوله في المحكمة ، وفي طريق العودة تتحدث وتثرثر عن ما حصل في المحكمة ، وكانت لا تصمت حتى دقيقة واحدة ، مشكلتها كانت تكمن في عدم قدرتها على استيعاب واقعها بشكل جيد  والتعاطي معه ولا تستمع إلى الآراء والنصائح التي تسدى إليها من عقلاء القرية ، وتبرر ذلك  بأنها صاحبة حق ولا شيء غير الحق ، حتى تقدير المسافات والزمن كانت لا تأبه به !! فمثلاً كانت عندما تشعر بالعطش ويجف فمها وهي في طريقها إلى المدينة وقد قطعت ثلثي المسافة تعود إلى بيتها في القرية لتشرب الماء وتأخذ نَفَسْ ثم تبدأ مشوارها إلى المدينة من جديد !! 

ما دعاني إلى استذكار هذه القصة اليوم هو حال أحرار الجنوب  أصحاب القضية العادلة الذين بحت أصواتهم وهم يطالبون المجتمع الدولي والعالم كله بمساعدتهم في استعادة وطنهم المسلوب لأنهم أصحاب حق ولا شيء غير الحق .. هناك مشاريع عدة تُطرح على الساحة تتعلق بمرحلة ما بعد  استعادة الوطن ، أخطر هذه المشاريع  هي التي تنادي بالعودة إلى دولة ما قبل مايو 90م أو ما بعد نوفمبر 67م  مثل الحرة نعمة التي تعود من نصف الطريق إلى نقطة الصفر لغرض شرب الماء وأخذ نَفَسْ !!

وهكذا كانت تفعل الحرة نعمة في مسيرتها الطويلة التي انتهت بموتها ولم تتحقق أهدافها وكأن شيئاً لم يكن. الرجوع إلى الخلف والانطلاق إلى الأمام أسلوب تكتيكي تقليدي لا ينفع استخدامه في وقتنا الحاضر وفي ظل حدوث متغيرات كبيرة ورهيبة في كل المجالات ، فلماذا نعود إلى الخلف أو إلى نقطة الصفر ؟!! لماذا لا نبدأ من حيث انتهينا ؟!!

نستفيد من التطورات و الأحداث  العالمية التي تمر بسرعة وتتغير فيها الموازين والحسابات في ليلة وضحاها  ، ونحن للأسف  نتغنى بالعودة إلى الماضي تحت حجة استعادة الدولة عبر ما يسمى بالفترة الانتقالية وتسليم السلطة للشباب باستخدام سيناريو يستغل عواطف الأحرار البسطاء من أبناء الجنوب الذين طحنتهم الصراعات والحروب ، بالتأكيد هذه مجرد كذبة مفضوحة يُراد بها  ذر الرماد في العيون !

الهدف منها هو تقديم المشاريع الشخصية و المناطقية الضيقة على مصلحة الوطن .  اعلموا أيها الجنوبيون الأحرار أن  كُلفة العودة إلى أشكال الحكم المنقرضة  والتي عفى عليها الزمن ستكون هي الأعلى مقارنة مع كُلف المراحل السابقة .

 إننا بحاجة اليوم إلى دولة جديدة تبنى على أسس اقتصادية وسياسية صحيحة تحقق التنمية والعدالة الاجتماعية و تكفل للمواطن حقه في العيش الكريم والآمن.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل