آخر تحديث :الجمعة 22 نوفمبر 2024 - الساعة:23:03:24
صامد وحنان والده المفقود
عادل حمران

الجمعة 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

صعد الخطيب على منبر صلاة الجمعة ،فاستمعنا له ونصتنا ،جلست إلى جانب الباب وكنت أمنع حركة الأطفال حفاظا على هدوء المسجد ،خرج الأطفال يسرحون ويمرحون في الصالة الخارجية وخرج لهم أحد العقلاء وهرعوا فرارا منه إلى داخل المسجد ،عاد الأطفال جميعا الى احضان آبائهم إلا طفلّ واحد ،كنت أحرس المسجد بأعيني وأتابع كل حركات ذلك الصغير ، خرج الاطفال مرات عديدة ،وكان الشباب يجبرونهم على دخول المسجد ومع كل مرة يعودون إلى أحضان آبائهم الا صامد ،يعتبر صامد أصغر اصدقائي ،وتطورت علاقتي به حين كنت مسؤول عن مسابقات الاطفال في شهر رمضان وحين يطلع اسمه أجهر باسمه عاليا وأهتف المتسابق صديقي صامد ،كان يبادلني صديقي الصغير نفس الشعور ونفس الاحترام .

بعد ذهاب الأطفال خارج المسجد والعودة كان صامد يتخبط بحثا عن يد حنونة وحضنا دافئ أسوة برفاقه ،تحرك صامد كثيرا فلم يطمئن قلبه ،نظر إلي وكنت أدقق بنظراتي إليه ،أسرع إلي وقال كيفك يا صديقي ابتسمت بوجهه وأشرت له بأن يجلس بجانبي ،قفز نحوي وقال لي كل واحد جالس بحضن أبوه وانا عندك يا عادل ،قهرني كلامه كثيرا ،فلم أتمالك نفسي ،احتضنته وكلامه يهتف بوجداني عاليا .

ذهبت بعيدا عن كلام الخطيب وظل كلام صامد يؤرقني كثيرا ،صامد يا سادة أصغر أولاد شهيد المقاومة البطل جمال الجوبعي وعدن أصغر بناته ،أخبروني من سيحضن صامد ،ومن سيمسح دمعته ،ومن سيمنحه الدفء من برد الحياة القارس ،مع من سيشعر صامد بالأمن بعد أن غادر والده وترك الحياه دون رجعه ،كنوز الأرض كلها لن تغني صامد عن وجه أبيه ولا ابتسامته العابرة ولا نصائحه المؤثرة ،حين غادرت مسجد ذلك اليوم ظل صدى صوت صامد في مسامعي ،لا أخفي عليك يا صامد بأنني تمنيت في تلك اللحظة بأنني كنت مكان أبيك أهون لي من مشاهدتك وأنت تبحث عن حنان ابيك المفقود فلم تجده، لا تحزن يا صامد فقد سمعت الكثير يقسمون بالله ويعاهدون روح والدك بأنهم لن يتخلوا عنك ،سمعتهم يا صامد يبكون فوق جسد أبيك الطاهر ويعاهدونه بأنهم لن يتخلوا عنكم ،لا تحزن يا صديقي الصغير فلو أخلفوا عهودهم سيأتي اليوم الذي تعاتبهم فيه وكلنا سنعاتبهم معك يا صديقي .

اعلموا أنني حين كتبت عن صامد لا أقصد صامد فقط ولكن يعتبر نموذجا حيا لكل أسر الشهداء ،أردت اخباركم بأن مقصرين كثيرا مع صامد وكل الصامدين من أسر الشهداء ،أقل ما يمكننا تقديمه لهم كلمة طيبة وابتسامة عابرة ولكن أين من يعملون لأجل أسر الشهداء ،ما يؤلمني كثيرا أن كل الاعمال والجهود التي تبذل اجتهادات فردية واعمال عشوائية ،ليس هناك صندوق منظم يهتم بأسر الشهداء ،يا قادة الحراك و يا كل من يمتلك ضمير إنساني أحمدوا ربكم كثيرا ،فأنتم في سعادة يفتقدها الكثير لن تتعوض مدى حياتهم ،فحنان صامد المفقود وألم اخوته وحزن أمه قد يظل طويلا وربما مدى الحياة، فكروا بكل أسر الشهداء فأنتم أمام مسؤولية كبيرة سيحاسبكم الله عنها يوما ما .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل