آخر تحديث :الاربعاء 07 اغسطس 2024 - الساعة:14:42:53
عدن.. جوهرة بيد فحام
جمال كرمدي

الاربعاء 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

لست هنا بصدد الكتابة عن التاريخ الحضاري العريق لمدينتنا عدن، ولست بصدد التباهي بمكانتها وموقعها الاستراتيجي والجغرافي في الملاحة التجارة العالمية.. فعدن لم تطلب منا ولا من أحد أن يتحدث عنها.. لأنها غنية عن التعريف وهذا يكفي..

أنا اليوم هنا بصدد التباكي والتحسر على هذه المدينة المثخنة بجراحاتها والآمها من شدة ما أصابها من جحود ونكران للجميل من قبل رجال هرعوا إليها من أعالي الجبال ووديانها وسهولها تركوا قراهم  وجاؤوها حفاة عراة جياع، وعلى جلودهم العارية وملئ شعورهم المتجعدة آلاف الاوبئة والحشرات، والجراثيم كـ (الكتن والقراد والقمل وبيوضها وووو..) هكذا كان حالهم حينما جاؤوها فاذا بها تطعمهم وتكسيهم وتأويهم، فكم من فقير قصدها اغتنى من بعدها وكم من جائع فيها شبع، وكم من عار فيها اكتسى وتهندم وصار من بني آدم حتى الجاهل والأمي درس وتعلم في كنفها المفعم بالحب والخير لكل من قدم إليها.. ولكنهم للأسف رجال وما هم برجال لم يعملوا حتى بقول الله تعالى :(وما جزاء الاحسان الا الاحسان)، صدق الله العظيم..

رجال لا ذمة لهم ولا خلق.. تمسكنوا حينها حتى تمكنوا منها فصارت مدينتنا عدن مدينة المحبة والسلام والأمن والأمان والحضارة والإبداع إلى مدينة مآسي والحروب والاقتتال وتصفية الاحقاد والضغائن.. هكذا جعلوها هؤلاء الرعاع الهمج، أعداء التمدن والتحضر والانفتاح من كانوا يرددون عباراتهم الجوفاء (الاستعمار البريطاني البغيض).

فقولوا لهم علانية من هو البغيض اليوم؟.. بريطانيا التي جعلت من عدن مدينة كونية ذات الهوية العالمية لكافة الاجناس البشرية والديانات والمعتقدات السماوية والوثنية.. ام  الهمج وما لف لفهم من أشباه الرجال من عاثوا في عدننا فسادا، وشردوا بعقول أبنائها العدنيين إلى الخارج، أما أبناءها الذين في الداخل ما زال هؤلاء الحاقدين إلى يومنا هذا وهم يستنكرون حقنا في الهوية والانتماء إلى مدينتنا عدن، ويقولون عنا باننا مجرد هنود وصومال وأنه لا يوجد في عدن عدنيين إطلاقا.. (هزلت).

هكذا أرادوا أن تكون عدن ملكا لهم ولاطماعهم الهمجية.. إنهم يخافون أن يظهر لهم من جديد ابن عدن الاصيل المحامي (محمد علي لقمان) الذي رفع في وجه بريطانيا شعار (عدن للعدنيين) عندما شرعت بريطانيا وقتذاك في توظيف الهنود والصومال بينما كان أبناء عدن عاطلين عن العمل.

ذلك الشعار العظيم الذي رفعه (لقمان عدن) امتثلت له حكومة بريطانيا العظمى واعادت النظرة في سياستها تجاه أبناء عدن.. فتقلد أبناؤها العدنيون أرفع المناصب الحكومية والمراتب الادارية.. فكانت عدن فعلا جوهرة بيد صائغ ماهر وفنان جعل منها جنة الجنان.. وتحفة البلدان وسيمفونية تتناغم فيها كل الالحان.. (عدن هبة المراكب) كما قيل عن (مصر هبة النيل).

بارك النبي صلى الله عليه وسلم بسوقي منى وعدن.. كما أشار المؤرخ البريطاني جونسون قائلا :(خلق الله عدن ميناء).. أعيدوا لنا عدننا أيها الشرفاء الغيورون على بناء الدولة المدنية الحديثة إن صدقت النية.. فعدن كانت نموذجا لدولة مدنية حضارية كانت من ارقى مدن العالم.. فلا أمن ولا استقرار في المنطقة بدون عدن.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص