- عدن.. احتراق سيارة في التواهي
- حفل فني في عدن لإحياء الذكرى 57 لعيد الاستقلال المجيد
- الكثيري يضع إكليلا من الزهور على ضريح الجندي المجهول
- شبوة.. القبض على خلية حوثية في عتق بعد اشتباكات
- انفجار مقذوف حوثي يستهدف مدنيين في الضالع
- ارتفاع عدد النازحين داخل اليمن إلى 20 ألف شخص
- موظفو ميناء النشيمة في شبوة يُضربون عن العمل
- ارتفاع أسعار العملات الأجنبية مع انطلاق التعاملات
- الرئيس الزُبيدي بذكرى نوفمبر: ماضون على درب شهدائنا الأبرار
- ارتفاع جديد في اسعار سمك الثمد اليوم السبت 30 نوفمبر
السبت 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00
تشهد الساحة اليمنية مجموعة متصادمة من المؤشرات التي يمكن من خلالها استقراء المشهد السياسي اليمني والبحث في السؤال الأساسي : إلى أين تتجه اليمن؟؟
لقد راهن الكثيرون من اليمنيين على انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذي دام ما يقارب الشهور العشرة، وحتى تلك المخرجات التي اعترض عليها الكثير من السياسيين وخصوصا فعاليات ومكونات الحراك السلمي الجنوبي، فإن الاعتراضات كانت تعبر عن اعتقاد الناس بأن هذه المخرجات قد أصبحت مصدرا للسلوك السياسي ومرجعية أساسية لتسيير دفة الأمور في البلاد حتى إخراج الدستور الجديد, دستور الدولة الاتحادية.
اندلاع عدد من الحروب الداخلية في صعدة والضالع وشبوة وأبين بعيد انتهاء أعمال مؤتمر الحوار الوطني، وانتقالها مؤخرا إلى عمران وحضرموت وطريقة تعاطي السلطة الحاكمة مع تلك الحروب وما يتصل بها من تفاعلات وتداعيات سياسية وما قد يأتي به قادم الأيام من مفاجآت يبين لنا أن مخرجات مؤتمر الحوار وقراراته كانت في واد وتحركات الأمور على الأرض في واد آخر، وبعبارة أخرى أن ما أريد لمؤتمر الحوار أن يخرج به من نتائج لا يراد لها أن تصل بالبلد إلى التطبيق على الأرض، وأن قوى بعينها تتمتع بالقوة والنفوذ والسلطة والمال والقدرة على الحشد والتهييج وتوظيف الإجرام قد اختطفت البلاد للسير بها بعيدا عما أراده المتحاورون وما توصلوا إليه من نتائج،. . . .ولكي لا يلتبس الأمر فإن من يفعل كل ذلك ليس الرافضون لمخرجات الحوار الوطني والمعترضون على بعضها بل إنهم من أعلن الموافقة عليها وأيدها وربما أقام المهرجانات للاحتفاء بها علنا بينما يعمل ما يفشلها في السر ومن وراء الكواليس وأحيانا من أمامها.
رئيس الجمهورية الذي يكثر من الحديث عن الدولة الاتحادية وعن دولة النظام القانون، يلجأ إلى التحكيم القبلي في قضايا يرتكبها حراسه وبعض موظفي دولته، وما حادثة شارع الشوكاني والمرأة التي قتلت على يد أحد أفراد الحرس الرئاسي، وقبلها مقتل أحد مشايخ آل الشبواني من مأرب إلا دليلا على ذلك إذ بدلا من إعمال القانون وتقديم الجناة للقضاء يقوم رئيس الجمهورية بإرسال البنادق والثيران والوجاهات القبلية لتحكيم أولياء دم الضحايا، لكن هذا المشهد يغيب عندما تقوم أحد القادة العسكريين في الجنوب بتوجيه قواته لقصف مجلس عزاء يقتل ويجرح في هذا الهجوم العشرات من الأطفال والعجزة والمواطنين العزل ولا نسمع عن كلمة اعتذار لهذه الجريمة ومثيلاتها في الجنوب كثيرة.
وبدلا من أن يلتقي رئيس الجمهورية بقطاعات الشعب وممثليهم من أكاديميين ومجتمع مدني ومثقفين وحقوقيين وصحفيين ونقابيين وتعاونيين، يلتقى بالقيادات القبلية وعبرهم يسوق قرارات الدولة وسياساتها (التي ليست بالضرورة صائبة) ويعتقد أنه بذلك يحيد الغضب الشعبي ويكسب ولاء المواطنين بينما معظم الذين يلتقي بهم لا صلة لهم بالفقراء المطحونين بالسياسات العرجاء التي تدار بها البلد، سواء الموروثة من سلفه أو تلك التي تمارسها حكومة الوفاق المشوهة التركيب.
الجيش والأجهزة الأمنية التي يبلغ عدد أفرادها وقياداتها مئات الآلاف والتي يفترض أنها مسؤولة عن توفير الأمن للمواطنين وحمايتهم من كل خوف ومخيف، يهاجم أفرادها وقادتها في عقر دارهم ويذبح جنودها كالأغنام دون أن يتنبأ أي من متخصصيها ومحلليها الأمنيين والعسكريين ومخبريها وقادتها متى وأين تندلع المعركة القادمة، وأصبح هذا الجيش الجرار من القيادات وحملة الطيور والنجوم والسيوف على الأكتاف والمتسلح بالطائرات والدبابات والصواريخ والمدفعيات، أصبح بحاجة إلى من يحميهم من الإرهاب ويوفر لهم الأمان، وهناك من يربط ما يتعرض له الجيش والأمن من اعتداءات وتصفيات بصراع مراكز القوى في صنعاء التي يحتفظ كل منها بنسخته من القاعدة وداعش إلى وقت الحاجة، ويبدو أن وقت الحاجة قد حان.
ملف الجنوب الذي ظل لمدة عامين الأغنية المفضلة للسياسيين في صنعاء توقف حيث هو وكل ما تحصل عليه الجنوبيون هو تصدير قواعد ودواعش النافذين في صنعاء إلى محافظات الجنوب، والسعي لتفكيكه إلى إقليمين أو أكثر وربما تمزيقه إلى كيانات غير قابلة للحياة حتى لا تقوم له قائمة، ويبقى المتنفذون يبتلعون خيراته دون أن يزعجهم أحد في ما يفعلون.
الباحثون عن الاسترضاء كثر وقدرة الرئيس على إرضاء الجميع محدودة وربما منعدمة، وفي حين تتجه الأوضاع الاقتصادية نحو الهاوية، تعجز السلطة عن مساءلة ولو واحد من الحيتان المتوسطة أو الكبيرة على دفع فاتورة الكهرباء أو الماء، في حين تعجز الكثير من مؤسسات الدولة الإرادية عن توفير رواتب لعامليها في صورة كاريكاتيرية محزنة، لا يتصورها عقل سليم.
وبدلا من الاتجاه نحو تحقيق قدر من الاستقرار الاقتصادي وتلبية المتطلبات الضرورية للمواطنين من خدمات وتموين غذائي ودوائي جاءت الجرعة الأخيرة لتبين أن ما يسير على الأرض لا علاقة له بدولة الرفاه والتنمية التي تحدثت عنها مخرجات الحوار الوطني.
أدعياء الوطنية والثوروية والجمهورية يواصلون العبث بثروات البلاد والتحكم بمواردها والاتجار بخبز الجائعين وأدوية المرضى وضوء بيوتهم ومياه شربهم ويراكمون المليارات ويهربونها إلى خارج البلد ليشغلوا بها أيادي عاملة في ماليزيا وإندونيسيا والخليج وبعض بلدان أوروبا الغربية بينما يكتظ سوق العمالة في اليمن بالباحثين عن عمل ولو بنصف أو ربع ما يدفعه هؤلاء للقوى العاملة في بلدان مهجر أموالهم المنهوبة من قوت الشعب,
كل هذه المشاهد هي وغيرها المكون الرئيس للمشهد السياسي اليمن وهي ومنها يطرح السؤال الأساسي: إلى أين تتجه اليمن؟
من الواضح أن اليمن قادم على مزيد من الضبابية والاضطراب وربما التراجع وما قد يصل إلى الانهيار في حين يتراجع الحديث حتى عن مخرجات الحوار الوطني، وهو ما يبعث على اليأس من إمكانية تحقيق الانتقال المرجو من مخرجات الحوار وبالتالي الذهاب باتجاه المزيد من المجاهيل التي يصعب معها التكهن إلى أين تتجه اليمن.
برقيات:
* إذا ما صدقت الأنباء عن وفاة المعتقل الوحيد من المتهمين بتنفيذ مذبحة حوطة شبام بعد يوم من اعتقاله، وإذا ما تذكرنا اختفاء المعتقل السابق الذي اعترف بعشرين جريمة من ضحايا الدراجات النارية، فإن السؤال يعود مجددا: ما هي القوة التي تقف خلف هؤلاء وخلف اختفائهم أو انتحارهم؟
* قال الشاعر العربي محمود درويش:
لا شيء يُوجِعُني على باب القيامةِ
لا الزمانُ ولا العواطفُ
لا أُحِسُّ بخفَّةِ الأشياء أَو ثِقَلِ الهواجس
لم أَجد أَحداً لأسأل أَين (( أَيْني )) الآن؟
أَين مدينةُ الموتى ، وأَين أَنا ؟
فلا عَدَمٌ هنا في اللا هنا
في اللازمان ولا وُجُودُ.