آخر تحديث :الاربعاء 27 نوفمبر 2024 - الساعة:00:30:02
عندما يجتمع الحق مع قوة القانون
بلال غلام حسين

الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

عندما نحاول التفكير من أن هناك دولة مثل اليمن خاضعة للقانون يثير لدينا تساؤلات وشكوك عديدة ونجد صعوبة في تخيل هذا الأمر, ولكننا في المقابل لن يراودنا الشك قيد أنملة إذا قيل لنا بأن عدن في فترة ما كانت دولة خاضعة لسيادة القانون ويسودها الأمن والأمان, وكان القضاة الوسيلة الفعلية لتكريس دولة الحق والقانون ويسيروا شؤونها بشكل منتظم من خلال تشريعات وقوانين كانت تنظم عمل هذه الدولة وأضرب لكم مثالاً واحداً في أخلاقيات مهنة القضاة وعدالته وسطوة القانون وقوته في إحقاق الحق في كل صغيرة وكبيرة كان المواطن يواجهها في حياته اليومية...

في ستينيات القرن الماضي حكمت محكمة التواهي على جندي بريطاني بالسجن مدة شهرين بعد إدانته بارتكاب حادثة سرقة من أحد الدكاكين في التواهي .. وقد ذكر الادعاء في لائحة الاتهام بأن المتهم دخل مع عدد من رفاقه إلى دكان في التواهي وطلب مشاهدة قمصان بيضاء, ونظراً لعدم وجود مخزون من تلك القمصان لدى صاحب الدكان فقد غادر محله لجلب القمصان من دكان مجاور, وكان قد ترك محله في عهدة مساعده, وبينما كان المساعد سارحاً قام المتهم الذي كان يحمل حقيبة بيده, قام بوضع ستة أغطية طاولة صغيرة في داخل الحقيبة .. وفي تلك اللحظة عاد صاحب الدكان وعندما شاهد ما يجري طلب من المتهم أن يعيد بضاعته .. وأعاد المتهم خمسة أغطية ورفض أن يسمح لصاحب الدكان بتفتيش الحقيبة وغادر الدكان .. وقام صاحب الدكان بتعقبه في الشوارع إلى أن شاهده ضابط بوليس الذي طلب من المتهم أن يصحبه إلى مركز البوليس حيث فتشت الحقيبة ووجد بداخلها غطاء الطاولة المفقود ..

وعندما نتمحص بدقة في الحكاية أعلاه نجد فيها تركيبة بشرية غريبة لم تفرق بينهما العدالة, أو انتابنا شيء ولو يسير من الشك من أن العدالة لم تُطبق من ناحية عنصرية لأن المواطن صاحب المحل عدني, والمتهم هو عسكري إنجليزي والمتربع على كرسي العدالة هو قاض بريطاني..!!   ولقد كانت الاعتبارات الثلاثة سالفة الذكر  في عنوان هذا المقال هي القوة الدافعة التي جعلت من عدن دولة حضارية راقية يسودها الأمن والأمان يُحترم فيها حقوق الإنسان من كافة الأعراق والجنسيات.

اليوم  نحن ننشد هذه الدولة ونتمنى أن نستعيدها ونستعيد معها الإدارة المدنية المتطورة لتجتمع مع سطوة القانون وعدالة القضاء ليشكلوا معاً قوام لدولة حضارية راقية يسودها الأمن والأمان .. فهل سيطول انتظارنا أم ان عدالة السماء ستنصفنا ونستعيد بريق ذلك الزمن الذهبي الذي فقدناه على غفلة منا...؟!     

     

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل