آخر تحديث :الخميس 11 يوليو 2024 - الساعة:20:11:36
نيرفانا (القات).. إلى متى؟!
احمد محمود السلامي

الخميس 00 يوليو 0000 - الساعة:00:00:00

النيرفانا في الثقافة البوذية هي (حالة الخلو من المعاناة، التي يصل إليها الإنسان بعد فترة طويلة من التأمل، ويبتعد بهذه الحالة عن كل المشاعر السلبية من الاكتئاب والحزن والقلق والغضب، وأية معاناة أخرى).. وهي مجرد فكرة فلسفية دينية تتعلق بروح الإنسان، وحالة التجرد والانطفاء الكامل.. لم يستطع أتباع بوذا - في الهند – تحقيقها، والوصول إليها منذ القرن السادس قبل الميلاد!!

اليمنيون - وحدهم، ودون منازع - استطاعوا الوصول إلى درجة النيرفانا، متجاوزين بذلك كل البوذيين في الهند، والصين وشرق آسيا! لو تأملنا قليلاً حالة النيرفانا لوجدناها هي الحالة نفسها التي يصل إليها متعاطي القات (المولعي)، أو كما نسميها نحن "النشوة"، والساعات السليمانية التي يستطيع (المُلجع) ترجمة حديث النمل ومحادثة الجن، والسيطرة عليهم.

لم يكتف الإنسان اليمني بتحقيق هذا الإنجاز (الوصول إلى حالة النيرفانا)، بل إنه استثمره وصدّره إلى بلد المنشأ (الصين) كوسيلة للتأمل، والوصل إلى التجرد والانطفاء الكامل!

الإقبال الكبير على تعاطي (القات) أصبح يشكل عبئا ثقيلا على المجتمع، بعد أن تحول معظم متعاطيي (القات) إلى شريحة سلبية تحلم، وتستهلك فقط، ولا تؤدي دورا إيجابيا في المجتمع، كما أن الحصول على ثمن وريقات (القات) بشكل يومي قد يكلف البعض التنازل عن نسبة، ثم نسبة من المبادئ والقيم المجتمعية، وكذا التفريط في الواجب الرسمي في الأسرة، أو العمل.. أصبح تعاطي (القات) - بالشكل المبتذل والمفرط - سلوكاً غير حضاري، في المدن للأسف، حيث لا تجد مساحة متر مربع واحد وإلا وفيه "مخزن"، أو نفايات (قات)، في السواحل والمتنفسات العامة والطرق والشوارع والدوائر الحكومية والمعسكرات، وأقسام الشرطة والمرور.. في كل مكان ترى الناس "متسلطنين"!.. الجميع ينشد النيرفانا.

تفتح أسواق النيرفانا منذ الفجر، وتبلغ ذروتها منتصف النهار، حيث يبدأ الهلع البشري العظيم، حالة من الفوضى الكبيرة تغذيها حركة (الموالعة) صوب بائعي عقار الحلم، والنيرفانا.. مشهد يدعو إلى الحزن العميق لما وصلنا إليه من هدر للمال، والوقت والصحة، والابتعاد عن المسؤوليات الأسرية التي لها دور كبير في تربية النشء الجديد.. يتم التفريط في كل شيء! حتى مستقبل أبنائنا نفرط فيه من أجل ساعات يومية من الحلم والانطفاء، نبخل بها لمتابعتهم وتربيتهم بالشكل الصحيح.

تغيرت طقوس (القات) عندنا، كان فيها بساطة وعادات لطيفة وممتعة وثقافة وفن، تحولت في معظمها من ساعات للترويح والتواصل والتثاقف، إلى حالة عامة من الاحتياج الفسيولوجي للجسم الذي أصبح (القات) لمرة واحدة أو مرتين في اليوم لا يلبي ذلك الاحتياج البتة، لذا يلجأ المدمن إلى مضغ الشمة بأنواعها، وكذا ابتلاع العقاقير المهدئة بشكل مخيف؛ لعله يصل إلى أعلى مراحل النيرفانا!.. إلى متى سنظل على هذا الوضع الخطير والمُدمِر؟! هل من صحوة مجتمعية جادة تسهم في انتشال الشباب وإنقاذهم من السقوط في براثن اللا مستقبل؟!

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل