آخر تحديث :الجمعة 13 سبتمبر 2024 - الساعة:02:05:42
آخر الأخبار
الجنوب .. مرة اخرى في مرمى التآمر !
عبد الكريم سالم السعدي

الجمعة 00 سبتمبر 0000 - الساعة:00:00:00

جاءت احتفالات دولة ( ... ) بعيد الفطر المبارك لهذا العام متشحة بالكثير من الصور والمشاهد التي تستحق التوقف عندها ودراسة أسباب ظهورها في هذا الوقت  وإلى أين ستؤدي, فكل ما حدث ونقلته وسائل الإعلام المختلفة يؤكد أن هناك تحركات تشهدها الساحة السياسية في دولة ( ... ) ستفضي حتما إلى أوضاع جديدة قد نرى فيها مرة أخرى تحالفات جديدة تحمل نفس أهداف عقلية وميول الشر لتحالفات حرب تدمير الجنوب في العام 1994م خصوصا أن الأطراف التي ظهرت في هذه المشاهد رغم اختلافها إلا أنها تجمع على إبقاء الجنوب تحت وصاية عصابات ( ... ) اليمني !!

لن نغوص عميقا في تفسير ما أظهرته تلك المشاهد وما حملته تلك الخطوات فذلك يحتاج لمساحة ووقت أكبر لا تتسع له هذه العجالة وسنكتفي بمحاولة قراءة أولية  لتأثير كل ذلك على الثورة الجنوبية وعلاقته بها , ففي رأيي أن تلك الخطوات والمشاهد إنما هي شواهد جديدة تؤكد أن المحتل مازال مصرا على تبني قناعات أمراء الحرب في اليمن وقوى النفوذ العقائدي والقبلي فيها بضرورة الإبقاء على الجنوب أسيرا لديها تابعا لمشروعها (النهبوي),  فمصالحة جامع (صالح) ما هي إلا خطوة لترتيب أوضاع بيت المحتل بعد ما أصابه من تصدع جراء ثورة الشباب التي احتوتها لاحقا المليشيات القبلية والعقائدية وحولتها إلى سراب , وليس المجال هنا للتطرق إلى ظروف تلك المصالحة وأسبابها التي قد تكون جاءت لإدراك المتصارعين أن الخطر سيلتهم حلم دولتهم (المذهبية) أذا ما استمروا متفرقين خصوصا بعد تمرد دويلة المجتمع الدولي عليهم وسحب دعمها لهم , وقد تكون جاءت تلك المصالحة لقناعة المجتمع الإقليمي والدولي الراعي للعملية السياسية هناك بصعوبة قيام الدولة المدنية في اليمن وبالتالي فإن خلق مصالحة بين الفر قاء وترتيب الأوضاع ولو في أدنى مستوياتها ستحفظ الحد الأدنى من الاستقرار في هذه البقعة المضطربة , وقد تكون جاءت لأسباب أخرى !!

أتذكر أنه عندما انطلق أبناء الجنوب ثوارا متفرقين غير منظمين في العام 1994م كان الثوار وأصحاب الرأي والمعترضين الرافضين لما أصاب الجنوب من ظلم وتدمير وامتهان حينها يواجهون جبروت نظام ( ... ) وكانت قبضة النظام آنذاك شديدة حيث تعرض الكثير منهم للاعتقال والمطاردات والقتل والطرد من الوظيفة والإحالة المبكرة للمعاش والتهميش وغيرها من وسائل الحرب المنظمة التي استمرت حتى العام 2007م وهو العام الذي اجتمع فيه الثوار وأعلنوا ثورتهم ميدانيا بقيادة المتقاعدين العسكريين الذين كان لهم شرف إعلان الثورة وقيادتها وكسر حاجز الخوف الذي سمح بالتحاق بقية شرائح المجتمع الجنوبي بالثورة , واستمرت سطوة المحتلين وتفننوا في ابتداع وسائل التنكيل بأبناء الجنوب حتى جاء العام 2011م وهو عام ثورة الشباب في اليمن فدخلت عصابات صنعاء في صراع داخلي فيما بينها منحنا كجنوبيين فرصة لا تعوض في جمع شتات أنفسنا وتوحيد كلمتنا وجمع الأوراق السياسية التي أفرزها صراع عدونا وتوظيف تلك الأوراق واستغلال اضطراب المحتل وانشغاله عن الحضور المؤثر في المشهد الجنوبي , إلا أننا للأسف ذهبنا كالعادة إلى التنظير وفلسفة ألأمور وتكبيل الحقائق بقيود تحليل ما يجري من زوايا المنطلقات الضيقة وغير العقلانية , وتبارينا في تشتيت وقتل الوقت الثمين فانقسمنا إلى فرق تعيد ظاهرة هدوء عنف النظام في الجنوب لأسباب وجود  أبناء الجنوب في مراكز السلطة العليا والهامة في مفاصل دولة ( ... ) , وهناك من ذهب إلى أن فتور قبضة النظام ضد الثورة الجنوبية تعود أسبابه إلى أن المجتمع الدولي قد تبنى حماية أبناء الجنوب وهو يضغط على المتصارعين هناك بأن يمنحوا مساحة أكبر لأبناء الجنوب للتعبير عن آرائهم  , وهناك من ذهب إلى أسباب ومبررات أخرى وعديدة وانشغلنا بكل تلك الاختلافات غير المجدية عن الحقيقة التي تؤكد أن الخصم حينها قد  أصيب بصدمه نتيجة لهذه الثورة أفقدته توازنه وأنه يترنح ولم يعد يشغله سوى أن يعيد لنفسه التوازن والاستقرار وبالتالي تراجع مؤقتا بند الاهتمام  بالجنوب في سلم أولوياته بل وتحول كقضية إلى سلاح تستخدمه الأطراف ضد بعضها , وأثناء اشتداد الصراع بين فرقاء دولة ( ... ) استمر أبناء الجنوب في إهمال أهم جانب في قضيتهم وهو تفعيل جانب العمل السياسي القادر على ترجمة الفعل الثوري على الساحة الجنوبية فحصل الفراغ وتغلغلت في أوساطنا ثقافة الفرجة والانقسام الناتج عن توقف أدائنا السياسي وجاءت أوقات رفعت فيها أعلام دول عربية وأجنبية ورفعت فيها صور لشخصيات ورئاسات عربية ودولية في فعاليات ثورتنا وكنا قاب قوسين أو أدنى من رفع شعار ( الموت لإسرائيل الموت لأمريكا) تعاطفا مع بعض القوى على ساحة صراع المحتل كل ذلك كان ارتجالا ومغامرة واستسلاما لتيار العاطفة  دون وجود دراسة متأنية وواقعية متخصصة للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعربي والدولي !!  

وعودة على بدء فالعدو اليوم يحاول تجميع قواه وتصفية ما نشب بين أطرافه من خلافات  ولهذا جاءت مصالحة أو محاولة صلح عيد الفطر في جامع(صالح) , وبغض النظر عن ما سيذهب إليه البعض من تفسير لهذه الخطوة فهي في نظري تشكل ناقوس خطر ينذرنا كجنوبيين ويدعونا للخروج من دائرة الشتات غير المبرر التي علقنا فيها وإلى ترك عادة انقساماتنا  لمؤازرة أطراف صراع المحتل التي تشغلنا عن الهم الأكبر وهو تحرير أرضنا واستعادة هويتنا وسيادتنا عليها , فالقارئ لخطاب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بمناسبة عيد الفطر يجد بأن خطوة المصالحة تلك لم تكن لقاء (صدفة) بحيث يرفض طرف التسليم على طرف آخر أمام الملأ ومن يقتنع بتلك التمثيلية فعليه مراجعة أجندة معلوماته عن هذا العدو, فما حصل كان حلقة في سلسلة لعملية مصالحة انطلقت مبكرا بعد ثورة الشباب قادتها المرجعية الاجتماعية هناك(القبيلة) وتوالت اجتماعاتها في الداخل والخارج حتى وصلت إلى لقاءات دولة الإمارات العربية ومن ثم إلى جامع الصالح وجاء خطاب الرئيس اليمني بعيد الفطر ليؤكد كثيرا مما ذهبنا إليه بصيغته التصالحية الداعية إلى المحبة والإخاء ونسيان الماضي ومداواة الجراح وليضع خارطة عمل فيما يخص التعاطي مع الشأن الجنوبي كنقطة محورية تتطلب تكاتف الجميع في دولة ( ... ) وتتطلب تقارب أطراف الصراع هناك للحفاظ على الجنوب في الإطار اليمني !!

وإن ما تشهده الساحة الجنوبية اليوم وما شهدته في الأشهر الماضية من تحركات لبعض الشخصيات الجنوبية المحسوبة على نظام ( ... ) يصب في نفس المضمار الذي يهدف لعملية خلخلة البنيان الجنوبي الثوري تحت مسمى (كذبة) التواصل والتحاور لخدمة الأهداف الجنوبية العليا المتمثلة باستعادة الهوية والسيادة , فلو أن هناك نوايا صادقة من قبل نظام ( ... ) في تلبية أهداف الثورة الجنوبية لكان العمل معلنا ومؤسسيا ولكانت اللقاءات ابتعدت عن أتباع طرق الانفراد بأبناء الجنوب كل على حده والاستفراد بالبعض بعيدا عن البعض الآخر ولكانت هناك لقاءات تحفظ الندية وتخضع لآليات تحترم الدماء الجنوبية التي سفكت لنصرة  الأهداف الجنوبية , وقد جاء خطاب رئاسة المحتل ليدعم استمرار أسلوب (محاورة القطعان) هذا مع أبناء الجنوب من خلال فقرته السادسة من الأسس التي قام عليها وهو الأسلوب الذي اتبعه نظام ( ... ) منذ انطلاق حواره الوطني اليمني والذي حذرنا ومازلنا نحذر منه وطالبنا كل من يتبناه ويؤيده من أبناء الجنوب العودة إلى الواقع والخروج من حلقة التنويم المغناطيسي ومطالعة صفحات التأريخ الجنوبي القريب جدا لعلهم  يجدوا فيه ما يحول دون وقوعهم حيث وقع حكام الحزب الاشتراكي اليمني حين ذهبوا مشرذمين ومفككين ليسلموا دولة ذات سيادة لقطاع طرق صنعاء تحت مسمى (الوحدة اليمنية) !!                                                                                         

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص