آخر تحديث :الخميس 08 اغسطس 2024 - الساعة:10:56:13
فلسطين و العروبة و أهوال المصالح والمبادئ
عبدالله الاصنج

الخميس 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

أنشغل العالم بمتابعة أخبار الأحداث والجرائم التي تنجم عن أخطر عدوان عسكري تنفذه إسرائيل ضد الشعب العربي الفلسطيني في غزة والضفة والقدس منذ نشأة الكيان الصحيوني الغاشم على أرض فلسطين العربية.  والمؤسف المحزن هو أن يتم هذا العدوان البشع ويستمر على مدى الأسبوعين الأخيرين من شهر رمضان المعظم على مرأي ومسمع العالم الذي لم يتحرك لردعه.

    وكانت قسوة وهمجية العدوان سببا لإدانات وإستنكارات شعوب وحكومات دول العالم.  وقد شهدت عواصم كثيرة مثل لندن وباريس وموسكو وروما وبرلين وأوسلو وحتى بكين ومونتريال مظاهرات حاشدة شارك فيها العلماء والطلبة من الرجال والنساء بأعداد لم يسبق لها مثيل.  وحاصر المتظاهرون العديد من سفارات إسرائيل للتعبير عن تضامنهم مع الشعب العربي في فلسطين المحتلة وإستنكارهم للجرائم الجسيمة التي تعرض لها الفلسطينيون . و أصطفت بعض حكومات عربية و أجنبية وراء جدران صمت اتواطوء و الرضى.
    والعجيب والغريب والمعيب في آن واحد هو صمت أهل القبور الرهيب الذي ساد الأجواء السياسية الرسمية في عالمنا العربي. صوت حكمة واضح أعلنه خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز دعا فيه للتماسك والتصدي والأرتقاء إلي مستوي المسئولية.  والأدهى والأمر هو إستمرار العروض المسرحية والمسلسلات التلفزيونية على حالها خلال اسابيع العدوان.  فالأعياد والليالي الملاح استمرت على إمتداد البلاد العربية دون إستثناء.  و أختارت زعامات  الشعوب المفجوعة بحكوماتها لغة الهمس للتعبير عما يختلج في صدرها من قلق وشجن وحسرة.  وكأن دماء وأرواح أطفال ونساء ورجال وكهول غزة والقدس والضفة لا تعني للاهين وسط النار شيئا يستحق الجهر به  وإشهار الأعتراض في وجه مصادره.
    والمعلوم أن قطاع غزة بحكم القانون الدولي يظل تحت طائلة السيادة المصرية وجزء لا يتجزأ من الإستراتيجية الدفاعية لمصر العربية من أجل حماية سيناء المصرية من إعتداء صهيوني غادر رغم أنف المنشق محمد دحلان واحابيله.  وأما القدس والضفة وغزة فأراض عربية محتلة رغم صمت وشلل جامعة الدول العربية. وتبقي مسئولية إستعادتها ملقية على عاتق جميع العرب أمة وشعوب بموجب الميثاق و المعاهدات والأتفاقيات العربية للدفاع المشترك.  ومهما كانت الأسباب والمبررات لذلك الصمت مغلفة بالمواقف العابرة بحجة النأي بالنفس الممجوجة كعذر أقبح من ذنب لكنها لن تمر دون حساب بتعاقب الأجيال.
    والحياة دروس وعبر كما تعلمنا من الأباء والأجداد والسلف الصالح? ومن نصوص في القرآن الكريم الذي يحذرنا من الاتكالية ومن الغفلة عن وجوب ضرورة الأعتماد على النفس والأعداد والتحضير الجيدين لصون الحقوق والحدود وخوض الحروب دفاعا عنها? وعدم التفريط بها وبالعرض والأرض.  والألتزام بالوسطية وبخط الأعتدال دائما الذي لا يحسن تجاوزه حتى لا نناطح صخورا أو أفيالا.
    وفي علم السياسية التي يجب أن نستوعب أصوله ومبادئه بالتفصيل الممل أعود لأذكر في هذا المضمار باليمن حيث الحكمة والصبر والاعتدال والرجوع إلى الله وخيرته في كل أمر كأسلوب للحياة البشرية.  وإن كانت كل هذه الصفات أو الكثير منها لم تعد في عداد الموجود الملموس في الواقع الإسلامي المعاش.  وبات معظمها من ذكريات السلف الصالح وصفحات من ملفات الماضي التليد.  وما بقى منها لن يفي بحاجة عرب اليمن و عرب اليوم  لأجتياز عوائق المرحلة القلقة التي يمر بها الجميع عربا ومسلمين والجنس البشري إجمالا.
    فالخفة والعجالة والأختياروالحسم بدون بصر أو بصيرة هي سمة الساعة التي نحن فيها.  وتواري وإنحسار عطاء العقلاء وإنبراء الدخلاء وأهل التخلف والتكسب محتزبين بالبنادق والسكين والأفكار الظلامية فهم سادة المواقف في هذه المرحلة.  و ما بقي معنا للسلامة غير نشيد ... وأسلمي يا يمن ... وأسلموا يا عرب إسلام.!؟
    وفي زحمة هذا الخليط فإن دعوانا يرحم الله أمرءا عرف قدر نفسه فصمت وصبر.  فإذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.
      ولما كانت إسرائيل دولة مزروعة في قلب الوطن العربي قد تأسست لتؤدي أدوارا مرسومة للولايات المتحدة وبريطانيا.   فالدولتان أوكلتا  إليها مهاما شتى في العالم العربي نكاية و إذلالا للعرب و المسلمين. فقد بادر الأمريكييون و الإنكليز و من معهم  لتعزيز قدرات إسرائيل العدوانية التوسعية بمباركة جميع قادة الحكومات الأوروبية دون إستثناء.  وجعلوا من إسرائيل  قوة ردع زاجرة للعرب من الخليج إلى المحيط.  و ستكون الأثمان التي تدفعها الأمة وحكوماتها علي المدي البعيد كبيرا وباهضا بسكوتها على إستمرار مسلسل العدوان التوسعي المتكرر لأكثر من عقود سبعة.  وسوف يستمر هذا العدوان حتى يحيط الصهاينة بالمقاومة الفلسطينية الذي تجسدها حماس والجهاد وفتح والجبهة الشعبية والأمة لأنها هي الخط الدفاعي الأخير في جعبة الشعوب والحكومات العربية والاسلامية المستهدفة من واشنطن ولندن وباريس وبرلين و من معهم من عرب و عجم.  ولن تتوقف آلة الموت الصهيونية إلا بإسدال ستار النسيان علي ملحمة الثورة الفلسطينية.
    وعلينا أن نعي و نفهم أن التخلي عن المقاومة الآن بعذر أقبح من الذنب سيعود علينا جميعا بالوبال وبالمزيد من الخسران المبين السياسي والأمني والإقتصادي والوجودي كأمة حية بين الأمم.  و العشم أن يتدارك العقلاء الأمر قبل فوات الأوان.
    وأمام هذا الركام من أهوال السياسة أدعو النخب الوطنية إلى أن تتحمل مسؤلية إعادة ترتيب وتقوية وتعزيز القدرات الذاتية العربية.  كما أن على النخب من الحكام والشعوب التحرك في الأتجاه الأصح.  بعد أن رحل عنا أصحاب المبادرات الشجاعة... فيصل وناصر وزايد وبومدين وعارف و السلال وقحطان والقاضي الأرياني و الرئس الشهيد إبراهيم الحمدي وعرفات والخامس محمد و الحبيب عاشور و المحجوب و بن بركة و بن صالح وسوكارنو وجناح وتوفيق بليوة وسيكوترى وزغلول و المفتي وجمال الأفغاني و الطاهر.
     والأمل وطيد اليوم في مبادرة أبو متعب الملك عبد الله و إخوته بوتفليقة وقابوس وصباح الأحمد وخليفة لأعلان مبادرة و خطوات وموقف لأنقاذ ما يمكن إنقاذه من فلسطين الدامية وسوريا المدمرة والعراق المتشرذم وليبيا الهائمة في صحراء السياسة, ومن صراع السلطة في السودان واليمن التي تشهد زلازل الذين يحاربون أنفسهم.
    و أخيرا أوجه نداء لعقول الأمة المدركة لخطورة المرحلة التي نعيشها والتحديات والأخطار التي تحاصرنا من الجهات الأربع داعيا للأصطفاف وراء قيادة واحدة موحدة بعد أن أثبتت حركة المقاومة الفلسطينية بأنها في مستوى المواجهة مع العدو الصهيوني و جيشه الذي كان لا يقهر و ذلك على طريق المعادلة الجديدة التي أساسها الحفاظ على حالة توازن الرعب بين أصحاب أرض فلسطين وإلي جانبهم كل العرب والمسلمين والعالم المحب للسلام والحرية من جهة والوافدين الصهاينة إليها من خارج فلسطين بتشجيع وتمويل وحماية أمريكية أوروبيةمن جهة أخري.  وإنهاء حالة  تخاذل عربي سافر.  وأن يتراجع بعضنا عن قرار حجب الدعم والعون عن شعب فلسطين وحركة المقاومة الفلسطينية.  وأن تستعيد مصر العروبة دورها وموقعها كحاضنة عربية قائدة للأمة وأن تخرج حماس من جلباب الأخوان و يخرج عباس من مربع المفاوضات العبثية مع كيري و نتنياهو و يستعيد الأخوان المسلمون رشدهم السياسي تحت عنوان الدين لله و الوطن للجميع والحكم لله و للشعب من بعده. وكفاية ما حل بالعرب وبالمسلمين من خذلان وتية.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص