- عدن.. احتراق سيارة في التواهي
- حفل فني في عدن لإحياء الذكرى 57 لعيد الاستقلال المجيد
- الكثيري يضع إكليلا من الزهور على ضريح الجندي المجهول
- شبوة.. القبض على خلية حوثية في عتق بعد اشتباكات
- انفجار مقذوف حوثي يستهدف مدنيين في الضالع
- ارتفاع عدد النازحين داخل اليمن إلى 20 ألف شخص
- موظفو ميناء النشيمة في شبوة يُضربون عن العمل
- ارتفاع أسعار العملات الأجنبية مع انطلاق التعاملات
- الرئيس الزُبيدي بذكرى نوفمبر: ماضون على درب شهدائنا الأبرار
- ارتفاع جديد في اسعار سمك الثمد اليوم السبت 30 نوفمبر
السبت 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00
كررت خلال العديد من الحلقات الماضية بأن الغرض من هذا البحث التأييد أو التنديد بالوحدة أو الانفصال، لأن هذين الخيارين تقررهما مجموعة من العوامل والظروف السياسية والتاريخية وفي المقدمة منها إرادة الشعب في الشطرين وقبل كل شيء وبعده إرادة الشعب في الجنوب، لأنه من تعرض للمظلومية التاريخية، وحيث إنني تلقيت العديد من التعليقات المختلفة والمتناقضة (غير الشتائم والاتهامات المتعارضة، والتي لا أعيرها كثيرا ممن الاهتمام) فإنه لا بد من التأكيد على الحقائق التالية كاستخلاصات ومخارج ممكنة:
لا بد من الإقرار بموت المشروع الوحدوي الاندماجي في 1994م، وهو كان لا بد أن يفشل حتى لو لم تتم الحرب ولم تسقط الجنوب لأنه قام على الجمع الحسابي بين نظامين استنفدا صلاحيتهما التاريخية وأثبتا عجزهما عن تقديم مشروع ينقل اليمنيين إلى مصاف الشعوب الناهضة والمستقرة.
كما لابد من الإقرار بفشل الوحدة بالحرب وإن أي وحدة (إن أريد لها أن تعيش) فإنها لا بد أن تقوم على الندية والتكافؤ بين طرفيها (أو أطرافها) واحترام التنوع والقبول بالآخر، الثقافي والسياسي والفكري وقبل هذا وبعده الجغرافي والتاريخي.
إن الحديث عن الهوية الواحدة (غير القابلة للانقسام) هو حديث دعائي واستعدائي وخطابي ومتعجرف ومجافي للحقيقة على الأرض، لأنه حتى في الدول التي لم تعرف الانقسام والتعدد المذهبي والديني والسياسي ولم تشهد الحروب الشطرية والجهوية، هناك فوارق ثقافية وتراثية ونفسية وعادات وتقاليد متباينة وهناك أمزجة وسلوك وقيم مختلفة تبعا لأسباب تاريخية وجغرافية وحتى مناخية واقتصادية وإثنية ودينية ، وهذا كله يترك أثره على الهوية العامة للناس فما بالنا ببلد لم يعرف الوحدة الاندماجية (الشكلية) إلا لمدة اربع سنوات انتهت بالحرب وإنهاء أحد طرفيها واستيلاء الطرف الآخر على كل المقدرات من صناعة القرار السياسي حتى التحكم باصطياد الأسماك واستخراج الثروات الطبيعية وبيعها وجني محاصيلها.
إن التراتبية التقليدية القائمة اليوم في شمال اليمن والمتوارثة منذ عهود سحيقة ولم تنجح ثورة سبتمبر من التغلب عليها، والتي جرى تصديرها إلى الجنوب بعد 1994م هي العائق الأساسي (وليس الوحيد) لقيام هوية واحدة لكل سكان اليمن، ومن هنا تأتي أهمية إقامة دولة القانون والمؤسسات والتي يمتثل لها كل المواطنين صغيرهم وكبيرهم، غنيهم وفقيرهم، وزيرهم وغفيرهم,
إن الهوية الواحدة تقوم قبل كل شيء على المصالح المشتركة أو المتقاربة، والتطلعات المشتركة أو المتقاربة، والعادات والتقاليد المشتركة والمستقبل المشترك وقبل هذا وبعده الإحساس بالانتماء المشترك بين أصحاب هذه المصالح والتطلعات والعادات والتقاليد وهو ما ليس قائما في اليمن، بل إن القائم في الجنوب هو عكسه تماما
إن إقامة دولة المواطنة الواحدة المتساوية التي يتعايش في كنفها وتحت لوائها المختلفون والمتنوعون والقائمة على العدالة الاجتماعية والقانون الذي يخضع له الجميع هي الضامن الوحيد لتذويب الهويات المختلفة وتحقيق تقارب معين فيما بينها، على طريق إدماجها في الهوية الجامعة الكبرى وهذا في اليمن ما يزال غائبا ويبدو أن الطريق إليه شائك وطويل ومحفوف بحقول واسعة من الألغام الاجتماعية والسياسية والفئوية التي يتحكم بصناعتها وتفجيرها وقت الحاجة من يتحكم في صناعة القرار السياسي في البلد.
إن إنكار الهوية الجنوبية هو موقف سياسي متعالي تعسفي وإلغائي وهو محاولة لإلغاء ثقافة وتاريخ وجغرافيا وعلاقات إنسانية وروابط ومصالح عمرت مئات السنين، ومن هنا فإن إنكار وجود هوية جنوبية لا يختلف عن إنكار وجود قبيلة حاشد أو بكيل مثلا أو الطائفة الزيدية أو الشافعية أو اليمن الأعلى واليمن الأسفل، بل على العكس إن الهوية الجنوبية هي الوحيدة من من بين كل تلك الهويات التي اقترنت بدولة ودستور وقانون ومصالح ومشاعر وعواطف مثلت كل المنتميين إليها.
وأخيرا أن بقاء اليمن في حالة وحدة (اندماجية، أو فيدرالية أو حتى كونفدرالية) لا يلغي الهوية الجنوبية بل إن الإصرار على عدم وجود هوية جنوبية ليس سوى جزء من موقف سياسي أكبر يقوم على إنكار وجود تاريخ وشعب وقيم جنوبية ومصادرة كل ما له صلة بالجنوب، وبالتالي الإصرار على إلحاق الجنوب بالمركز المقدس وشطبه (أي الجنوب) من الوجود وهو ما يؤدي بالمحصلة النهائية إلى إجبار الجنوبيين على توسيع دوائر تحالفاتهم من أجل التخلص من هذا الوضع الشاذ من خلال استعادة دولتهم وإعادة ترتيب أولوياتهم وتحويل الهوية الجنوبية من نزوع ورغبة وعواطف وتطلعات وحلم إلى مصالح سياسية واقتصادية واجتماعية يربط بينها العامل السياسي ممثلا بالدولة الجنوبية التي ليس لأحد الحق في إنكارها عليهم.
وهنا سيكون الامتحان الجاد للساسة الجنوبيين في اختبار مدى قدرتهم على إدارة الصراع وإتقان فنون الاتفاق والاختلاف والتعبير بصدق عن تطلعات الشعب الجنوبي ممن خلال تنسيق المواقف وتقديم المبادرات وصياغة التحالفات التي تستوعب الجميع ولا تلغي أحدا والقائمة على القبول بالتنوع والاختلاف والتباين والتعدد، والمؤدية إلى تحقيق الأهداف القريبة والبعيدة للثورة الجنوبية.
برقيات:
* حملة التحريض على رئيس الجمهورية ووزير الدفاع التي يحاول بها الخائبون مداراة خيباتهم المتتالية ، لن تنتهي بدون انعكاسات مزلزلة ويبدو أن مدمني حروب النهب والفيد لم يعد الرئيس يروق لهم وهم بهذه الحملات يهيئون الأسباب للتمرد عليه.
* قال الشاعر الشهيد محمد مجمود الزبيري:
لم القوانين.. فن الموت في يدكم والحـــــقد رائدكم والحق مرتكسُ
وأنــتمُ عودةٌ للأمس قد قبر الطـ ـغاة فيــكم وعادوا بعدها اندرسوا
وأنــــتمُ طبــــــــــعةٌ للظلم ثانيةٌ تداركت كل ما قد أهمــلوا ونسوا
إن شئتمُ فاقـتلوا من ليس يعجبكم أو من ترون له في قربــــكم دنسُ