آخر تحديث :الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - الساعة:00:28:26
من حكايات زمان ..الحكم الذي أصدره السلطان ضد الشاعر (سبيت)
عياش علي محمد

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

طالب سكان لحج السلطان فضل عبدالكريم الذي تولى الحكم بعد وفاة أبيه (1946-1952) أن يتبنى مطالبتهم بإصدار (دستور) مدني يفصل بين السلطات.. وقد وافق السلطان على اصدار الدستور، لكن هذا الدستور تأخر صدوره، مما اثار مشاكل بين السلطان وابناء عمومته من الامراء في لحج، الامر الذي دعاهم الى تقديم شكوى لحكومة عدن، ضد سلطان لحج.

استغل (سبيت) هذه الاوضاع وكتب قصيدة ينتقد ذلك الموقف من الامراء حين كتب:

قل لذي شد العداوه

قل لهم هذه شقاوه

كلهم زيد عناده

كلهم يشتو حراوه

والعصا تحت الوساده

و الاسد يطبخ حلاوه

شب مكريب العداوه

واصبحوا وسطه جراده

هذه الابيات شرحت صدر السلطان فضل عبدالكريم وجعلته يرسل في طلب الشاعر عبدالله هادي سبيت، وحين قابله قال السلطان لـ (سبيت): لقد مسحت كل شي يا بن هادي، ولو كنت اثرت غضبي كنت ستدفعني للإقدام على اية خطوة ضدك.. وقد طلبتك للحضور عندي كي تسجل لي ألحانك الاخيرة.. من قصائدك التي ارجعت الامور الى مجاريها.

نفذ سبيت طلب السلطان فضل عبدالكريم، وسجل له قصائده والحانه، ولم يفطن (سبيت) ان السلطان تغيرت ملامحه اثناء التسجيل خاصة عندما جاء الى المقطع الذي يقول:

بايجي لكم يوم اغبر    بايقع جزارك اعور

بايخشى الرأس فأسه

وكان السلطان يتعقد من كلمة (اعور)؛ لأنه فقد عينه اليسرى اثر محاولة لاغتياله عندما كان وليا للعهد.. وحفظ السلطان لسبيت غلطته هذه حتى يثيرها له عند الضرورة.

وعندما اشتد الخلاف بين السلطان واخيه السلطان علي عبدالكرمي، انشد فيها الشاعر ابيات بعنوان (يا الله الطف بالناس) تقول تلك الابيات:

كانت الواقعه

في ليل وإبليس ساهن

يكرب الراس بأمواس

حلت القارعه

من فوق خايف وآمن

تقرع الراس بالراس

وقد صاغ سبيت القصيدة واعطاها لحنا جميلا، وقام بتأديتها غنائيا في احد المجالس، ثم وصل ذلك الخبر الى السلطان الذي طلب إحضار (سبيت) وارسل من ذلك عددا من الجنود المدججين بالسلاح.

احد الجنود الذين اختيروا للقبض على سبيت كان تلميذا عند الاستاذ عبدالله هادي سبيت، ولم يسمح له ضميره ان يسلم سبيت للسلطان الهائج، فطلب الجندي من سبيت مغادرة لحج الى الشيخ عثمان عن طريق اخرى غير الطريق المعروفة، لأن السلطان يكون قد جند آخرين للقبض عليه اذا وجدوه في الطريق المعتادة التي تسير عليها الناس.

وقد سلك الطريق المؤدية الى الشيخ عثمان مشيا على الاقدام حتى وجد سيارة بالصدفة نقلته الى الشيخ عثمان.

يقول الشاعر عبدالله هادي سبيت حول هذه الحادثة: لقد نجوت من قبضة السلطان بأعجوبة خاصة مع ما كان ينتظره من مصير، حيث كان السلطان قد اعد (قدرا) كبيرا مليئا بالقار المغلي، وحين كان سيسألني: هل انت من كتبت القصيدة؟ فأقول: نعم، بعدها سيأمر بغمس يدي في القدر!.. وسيقول: لي هل غنيت القصيدة؟ سأقول: نعم، وسيكرر ذلك بوضعي داخل القدر!

آه.. لقد نجاني الله من مصير كان محتوماً!!

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص