آخر تحديث :الخميس 11 يوليو 2024 - الساعة:21:14:46
الخير لا يحتاج لمكتب
علي صالح محمد

الخميس 00 يوليو 0000 - الساعة:00:00:00

حين تقودك قدماك إلى بلاد الهند بلاد العجائب  والغرائب  مكرها لا بطلا ،  لغرض العلاج بحثا عن  الصحة بعد سقم  أو مصاب ، تجد فيها بلدا  اشتهر بتقدم الطب  ليحظى بسمعه دوليه عالية  لعلاج الفقراء ،وهو البلد الذي   يعاني  من كثافه سكانية عالية ،  ومن اتساع خارطة الفقر  لتشمل كل أنواع الفقر المصنفة  (كالفقر المطلق)   ،( والفقر المدقع) و (الفقر   المزري ) وما (يسمى بالفاقة ). مع أن الهند حققت في السنوات الأخيرة تقدما ملحوظا في معدلات التنمية ، ومع كل ذلك  يمكن للزائر  أن يشاهد بوضوح حال التعايش والانسجام بين مظاهر الفقر  والبؤس  ،   وبين مظاهر الثراء والغنى الفاحش  ليصبح الحال في حكم الطبيعي والمألوف  .

والأكثر إيلاما حين تقابل وتصادف ذلك الكم الكبير  من صور  البؤس المنتشرة والقادمة من بلاد (السعيدة) قديما (  والتعيسة)  حاضرا ،  هذا البؤس الذي تصادفه في كل مستشفى تتجه إليه في مدن الهند المختلفة ، والمرسوم على وجوه المرضى القادمين إلى   مستشفيات الهند طلبا للعلاج ، والذين هم في الأغلب   من ذوي الدخول  والإمكانيات المحدودة طبعا ،  أو أولئك الذين  يضطرون لبيع ممتلكاتهم لتوفير مستلزمات العلاج بحدودها الدنيا التي لا تتوفر إلا في الهند فقط ، أما ( ذوي الحسب والنسب ماديا )  فعلاجهم حصريا أصبح  في المانيا وأمريكا وبلدان أوروبا .

وفي بلاد الهند هناك من  المرضى  القادمين من لا يسلم   من  حكايات النصب والاحتيال المتعددة  والمنتشرة في أكثر من مدينة  هندية ،من قبل سماسرة متخصصين مع أطباء ومراكز فحص  تقدم خدماتها لزبائنها العرب بالذات ازاء من لا يمتلكون الخبرة ولا الدراية الكافية أو اللغة ، مع أن هناك أطباء رائعون يتواجدون في كل مستشفى ومدينة والمهم أن تجد الوسيلة للوصول إليهم بلا سماسرة   أو وسطاء ماديين ، ومن أشهرهم مثلا الدكتور سلطان اختصاصي أمراض السرطان في مستشفى البرنس محمد علي في مومباي ، أو الدكتور  وليد البكيلي في مستشفى أبولو في دلهي  ، أو الدكتور أنيل ديسوسا  اختصاصي العمود الفقري والركب في بونا ،أو الدكتور جراند  كبير اختصاصي القلب في روبي هول كلينك ببونة وغيرهم . 

ولعل الأسوأ من ذلك أن يتم النصب والاحتيال حد السرقة على أيدي أبناء الجلدة وبحق مرضى  يكونوا  قد باعوا ما يملكون من أجل علاجهم ،  ليخسروه في غمضة عين  وعلى يد  بشر  محسوبين بأنهم طلاب علم  يقدمون خدمات لمرضى محتاجين للمساعدة والعون ، مثلما حصل مؤخراً في مدينه بونة  لرجل مسن قدم من اليمن لغرض العلاج ومعه أربعة الاف دولار تم سرقتها بالاحتيال من قبل أحد الطلاب  لتصبح  في خبر كان ويصبح  المريض متسولا ومتوسلا وراجيا ( ومشارعا)  من لحظه قدومة  .

هناك كم كبير من الصور المحزنة التي يراها المرء في مستشفيات الهند للكثير من مرضى اليمن   الذين يعانون من أمراض عدة ،وأغلب المعاناة مرتبطة   بالتشخيص الخاطئ للمرضى من قبل الأطباء في اليمن والتي وصفها بروفيسور مخ وأعصاب هندي في مستشفى أبولو بدلهي  زار اليمن مؤخراً بالمزرية وللأسف .

 قبل أيام وصلت  أم  مريضة  بسرطان  القولون وابنتها  المرافقة إلى مدينه بونة وهن لا يعرفن أحد ،  وبعد يوم واحد على وصولهن توفت الأم  وللمرء أن يتخيل حجم المصيبة    ، وبعدها بيومين تصل أم  أخرى وابنتها قيل لها   بأنها مصابة بورم سرطاني في  الغدد ، بعد  أن باعت  منزلها  في عدن لغرض العلاج  وبعد إجراء الفحوصات في إحدى مستشفيات بونة وجد الأطباء أن الأم سليمة وأن الورم حميد  . 

>>> وإذا كان الله يبتلي عباده بالشر فهو جل جلاله  يبليهم   بالخير أيضا  ، ومن ذلك مثلا  أن سخر الله في مدينة بونة رجل خير وعون ومساعدة ، لا يتردد في تقديم  الخير والعون  لكل من قصده بمعرفه أو من غير سابق معرفة    ، يخدم الجميع بلا مقابل ، وهو رجل أعمال محترم ،   هندي الأصل  واسمه (سوريش شاه)  ولديه شركه تصدير واستيراد ، قدم إلى عدن في القرن الماضي  وعمره لا يتجاوز  العام والنصف  ليعيش فيها ستين عاما، قبل أن يستقر به المقام في مدينته  الهندية بونة  ، درس في مدارس عدن  وتخرج من المعهد الفني وما زال يتذكر زمان الصبا والدراسة  و كل زملاء صفه وابرزهم محمد صالح اليافعي ( مطيع ) وصديقه صالح عبدالله أبو نضال  وآخرين، يتردد على عدن بين الحين والآخر  ويتذكرها بحسرة، يقول عنها (هذه أمنا عدن وكل أبنائها إخوتي وكل من يأتي من اليمن من أهلي ) يجيد اللغة  الهندية والعربية والإنجليزية ، يتميز بالسماحة وصفاء السريرة وحب الخير ، لا يكل ولا يمل من تقديم خدماته تجاه المرضى وتجاه كل من يحتاج للمساعدة ، منذ سنوات خدم العشرات   من المعارف  والأصدقاء ممن أوصيناه بهم ، وخدم المئات غيرهم ، وكل من عاد منهم يمدح ويشكر في خصال وخدمات هذا  ال

الإنسان المميز التي لا يمكن لسفاره أن تقدمها بهذه  الروح وبهذه الأخلاق .

 سألته لماذا لا يفتح مكتب خدمات ؟ أجابني مستنكرا : الخير لا يحتاج لمكتب

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص