آخر تحديث :السبت 30 نوفمبر 2024 - الساعة:11:08:34
رمضان وإصلاح النفوس وحاجة الفقراء
أحمد ناصر حميدان

السبت 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

أيام قليلة ويهل علينا شهر رمضان المبارك شهر الرحمة والحب والتسامح وتعزيز التراحُم بين المسلمين هذا الشهر الذي يحمل معه الخيرات والنفحات الربانية.. وهذه النفحات المباركة لابد أن يستغلها المسلم ولا يفرط في لحظة منها.. ولن يحدث ذلك إلا بأن يزكي الإنسان نفسه ويطهر قلبه من أمراضها حتى يدخل هذا الشهر طاهر النفس نقياً من نجس الصراعات والتآمر على بعض من خبائث السياسة وقذارة البحث عن السلطة والجاه ما أحوجنا في اليمن لتطهير النفوس التي تعفنت وروائحها فاحت في كل أرجاء اليمن الواسع للأسف الجشع عنوان بارز في حياتنا والتآمر سلوك يمارس في علاقتنا ببعض تغلبت المصالح الخاصة وأنانية الذات على المصالح العامة والأمل هو المتاح أمام الجميع  والفرصة مواتيه في شهر رمضان نتقرب فيه جميعا، وبالذات القوى السياسية والنخب السلطوية لتراجع وتحاسب نفسها وتعدل من سلوكها وتتقي الله بهذا الوطن ومن عليه من البشر أناس كرمهم الله بحريتهم وأناس لهم طموحات وأمال وأحلام يرغبون ان يعيشونها واقع إلى متى وهي تبقى أحلاما وردية، ولكنها أوهاما صعبة المنال هل ممكن ان يتوصل الجميع في هذا الشهر الكريم الى قناعة مفادها ان الوطن مقدس والمساس بأمنه وسيادته واستقراره جريمة عظمى والوطن الحضن الدافئ للجميع دون استثناء، ولا يحق لأحد أن يلغي الآخر ويستثنيه ويحرمه من ممارسة حقه في العيش بكرامة وعزة وشرف هل ممكن ان يتوصل الفاسدون إلى قناعة بان الفساد حرام، وانه أفة اجتماعية خطيرة تدمر العلاقات والاقتصاد والسياسة وأنهم بجشعهم يحرمون الشريحة الأكبر في المجتمع من حقوقهم ويعكرون حياتهم، وأنهم كالسرطان الخبيث الذي ينخر جسد الوطن ليدمره ويحوله إلى أطلال العيش فيها كالجحيم للبسطاء والفقراء، وإن عاش هو في نعيم لكنه نعيم زائف محاسب عليه في الدنيا والآخرة هل ممكن ان يكون رمضان القادم نعمة وبركة من نعم وبركات الله سبحانه وتعالى ثم توبتكم واستقامتكم لتعود على الوطن والفقراء وجميع فئات الشعب المضطهدة والمظلومة في حياتها ورزقها منذ زمن.

نحن المسلمين في كل شهر رمضان يمر علينا نكثر بالدعاء لله بكلام حسن، ونتمنى الخير والبركات لكن أعمالنا غير وسلوكنا غير هل ممكن ان يكون شهرنا هذا شهر لتغيير النفس بالأعمال وتغيير السلوك بتطهير النفس، فكيف بالله لمسلم يتعبد شهرا ويدعو ربه أن يجنبه خبائث الدنيا وان يجعله من الصالحين وهو لا يزال يفسد في الأرض، يرتشي ويتحايل ويأخذ أموالا حراما، وهناك من يدعو ربه بنفس هذه الدعوة وهو يقتل وينهب ويستبيح حقوق الناس ويظلم ويضطهد ويريد من الله سبحانه وتعالى ان يجنبه الشرور وهو الشر ذاته يتمخطر في الشوارع حاملا (الكليشنكوف)، وحوله حراسات مسلحة ميز نفسه بقوة السلاح هؤلاء هم شر البلد وشر الحياة، وقبل الدعاء عليهم ان يغيروا من سلوكياتهم ويقدموا على العمل الصالح.  

  مما لا شك فيه أنَّ الفرحة تغمر الفُقراء، والبَهْجة تُزيِّن حياتهم؛ لقدوم شهر رمضان، فكل دقيقة تقرِّبهم منَ الشهر الكريم تزيد السعادة في قلوبهم، وتريح نفوسهم؛ لأنهم يقْتربون من رمضان، وأملهم القوي أن الأغنياء لن يتخلوا عنهم، أو يبخلوا عليهم، وأن فضل الله الواسع سوف يشملهم، وسوف ينعمون بالخير الكثير.. هذه الشريحة المحرومة توسعت عددا، وهذا مؤشر ان هناك خللا في توزيع الثروة وأن هناك طبقة وسطى ارتفعت الى مستوى الثراء الفاحش وغيرهم هبطت الى مستوى الفقر والحاجة، وما يؤسف له ان الطبقة التي ارتفعت هي ممن تربعوا أمور المواطن في السلطة والحكومة الطبقة الفاسدة التي أخلت بميزان العدالة في توزيع الثروة، ومن المفارقات أن صحفيا يسال احد مسؤولي الدولة في عدن: أنت الآن تملك ثروة، من أين لك هذا؟ يقول بكل بساطة: انا مواطن ومن حقي اعمل في تجارة الأراضي وهي مصدر ثروتي، وهو اعتراف ضمني باستغلال منصبة للتجارة الخاصة، وهي جريمة في بلد يحمي المجرمين والفاسدين من أمثاله.

فإذا ذهبت للمواطن البسيط وهو متوفر في المقاهي لتتلمس همومهم العامة في الكهرباء والفواتير والراتب ما "يكفيش"، ستجده يبحث عن التخفيضات اليوم في تخفيضات هنا وهناك من السوبر ماركت الكبار في عدن التي انتشرت هذه الأيام  ويتداولون أسعار البيض والألبان والرز والسكر وأنواعه والسمك والخضار وأسعارهم مسكين لو فتحت له أمل بزيادة وعلاوة سنوية تجد الفرحة تشع في وجوههم: متى وإيش وكم وحق كم أشهر! همومهم بسيطة كبساطتهم ومتواضع كحياتهم قنوع خال من الجشع مهموم شهريا وهو ينتظر الراتب ويبحث عن التخفيضات، وأصبح صيدا سهلا لجشع التجار وإعلاناتهم التجارية يتصيدونه مع استلامه الراتب بتخفيضات مشروطة لكبار السوبر ماركت بعدن بأسعار مخفضة لبضائع منتهية الصلاحية، أو تبقى لصلاحيتها شهران أو شهر، صارت هذه السوبر ماركت مجالا متاحا للتجار للترويج ولبيع سلعهم المنتهية او القريبة من الانتهاء دون وازع ضمير من التجار أنفسهم او المعنيين في الرقابة العينية والسعرية، والمواطن مسكين الفقر جعله عرضة للابتزاز بكل أشكاله الأخلاقي والاجتماعي السياسي والاقتصادي، لأن الحاجة هي سيدة الموقف والفقير هو في أمس الحاجة وتوفير سبل العيش وضرورات استمرار الحياة، فتجده يبحث عنها وينقب ليصل أليها وهناء تأتي فرصة ابتزازه واستغلال فقره وعوزه سياسيا من قبل أحزاب البغي والشر والعبث واجتماعيا من قبل المجرمين والعصابات والإرهاب واقتصاديا من قبل التجار وجشعهم.. مسكين هذا المواطن أحيانا يقول لو كان الفقر كائنا حيا لقتلته، لأنه عارف ويدرك أن الفقر مصيبته الكبرى وهو مصدر ذله وهوانه وشقائه.  قد يقول قائل إن هذا تنافس بين الشركات يخدم المواطن وقد يكون ذلك صحيح لكن يوجد تجاوزات وقد تلمسها البعض صديق اشترى كرتون دجاج وعندما ذاب الثلج اكتشف أن هناك بعض الدجاج التالف، وهكذا بالنسبة للعصير، فلنحسن النوايا ونقول ان بعض المنتجات تشوبها الشكوك لكن هل هناك رقابة حقيقية لهذه السوبر ماركت الكبيرة بعدن، البلد الحار الذي تتلف فيه كثير من البضائع ما لم تخزن بشكل جيد او حتى لدى المخازن لتجار الجملة، هل فعلا أن هناك متابعة دورية للرقابة الغذائية وأهمها الألبان والاجبان والشوكلاتة وغيرها ورمضان على الأبواب، وفيه يزداد استغلال حاجة الفقراء في ما هو رخيص ليشبع رمقهم وأسرهم بعد صوم يوما كاملا؟!

ما نريده هو حماية من جشع وطمع الشركات الكبيرة وحماية للمستهلكين لهذه المواد ومتابعة شهرية للبضائع ومدة صلاحيتها وتكوينها ومصدرها وتخزينها من قبل الجهات المعنية وذات العلاقة، لأن حياة الناس أمانه في أعناقكم، لأن ما هو شائع ان اليمن يستقبل مخلفات الدول الأكثر رقابة وتشديد للمواد الغذائية والدوائية، فتتحول لليمن الأكثر تسهيلا وفسادا ونحن الضحايا!!

    

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص