آخر تحديث :الاربعاء 07 اغسطس 2024 - الساعة:18:00:54
(المحدش محدوش) .. والحق الضائع !
علي صالح محمد

الاربعاء 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

من غرائب وعجائب الحال ما نسمع ونقرأ عنه في بلاد اليمن، التي تعيش عمليات مخاض كبيرة، وتحولات شديدة في إطار الصراع المحتدم بين القوى الحالمة، والحاملة مشروع الدولة المدنية، الذي يهدف باستحياء الى توسيع عملية المشاركة في صنع القرار والسلطة، والتحول الى مشروع سيادة الدولة بقانونها عوضا عن حكم القبيلة بعرفها، وبين القوى التقليدية المستميتة في الدفاع عن وجودها ونفوذها وسلطانها ومصالحها، وفي التشبث بالسلطة والاستئثار بالثروة، وهي المصالح الممتدة جذورها لعقود بل وقرون من الزمان.

وفي موضوع الصراع؛ تسعى القوى التقليدية بكل الوسائل والسبل للإبقاء على مقومات وعناصر وجودها، والحفاظ على مصالحها المكتسبة المادية والسياسية، وتبرز أهم مظاهر مساعيها تلك في محاولاتها الناجحة لإجهاض ما سمى (بثوره التغيير)، عبر احتوائها وتكييفها وفقا لمصالحها، بما في ذلك احتواء او (كلفتة) أحزاب المعارضة التي كان البعض منها في اطار المعارضة يتبنى (مشروع الدولة المدنية).. لهذا؛ لا غرابة إن رأينا تلك الأحزاب قد ذابت وسال لعابها لمجرد المشاركة في الحكم - مناصفة - مع الحزب الحاكم، مع انها تبنت ما سمي (بثورة التغيير) لإزاحته وإسقاطه من الحكم، ومع ذلك؛ رضت بالنصف، فبقي الحزب الحاكم وزعيمه وحلفاؤه (مع الحصانة)، لتضرب وتتبخر أحلام الشباب المساكين، وتصبح الدماء التي سالت والأرواح التي فاضت في خبر كان، وعربونا مؤجلا (ربما ) لثورة تغيير  قادمة، إن وجدت الهمم!!

إنجازات هذا التوافق لم تذهب بعيدا لتحقيق ما يمكن ذكره سوى المزيد من استحضار البؤس، والمزيد من المعاناة المتعددة الوجوه، وممارسة الضغوط وعمليات الابتزاز لصياغة وضع ينسجم وحجم ومكانة كل طرف على الارض، وصور ومشاهد ذلك كثيرة تتميز بنشر الفوضى، وبالتالي خلق (الفراغ الكبير): السياسي والأمني والدستوري والتدهور الاقتصادي لتقويض كل شيء، والاستمرار في إشعال الحروب والحرائق، وبالذات في الجنوب، تحت مسميات كثيرة، بعد ان فشلت هذه القوى في توجيهها الى شمال البلاد لصعوبة ذلك من جانب صلابة الحوثيين في وجه الحشد القبلي المهزوم، الذي أراد ان يمتحن قدراته بعد ان تمت هزيمة الدولة ست مرات، لهذا أصبح خيار هذا القوى التوجه نحو الجنوب كواحدة من خيارات الضغط والابتزاز الجديدة عبر استخدام أوراقها الاحتياطية، المتمثلة بقوى التطرف المسماة (بقوى الإرهاب)، المجهزة كبديل لقوى الحراك في مناطق الجنوب في اطار المساومة والضغط وابتزاز الاطراف الداخلية والخارجية معا.

لهذا؛ لا غرابة ان رأينا تلك الأصوات التي أفتت في أربعة وتسعين، تدعوا - اليوم - الى وقف الهجمات ضد قواها المتطرفة، او ما يسمى بجناحها العسكري الذي فرخته منذ زمن بعيد باتجاه الجنوب، بحجة ان هذا يكلف ويرهق ميزانية الدولة، مع ان تجنيد مئات الآلاف في المؤسسات الامنية والعسكرية من الاتباع لا يكلف ولا يرهق الميزانية العامة.

كما نرى - بوضوح - ما أنتجته هذه العقلية من أساليب حديثة لممارسة الابتزاز من خلال احكام قبلية تعجيزية وخيالية تصل الى المليارات  الكافية لتجهيز جيش بكامله مقابل الادعاء بقتل شيخ قبلي هنا او هناك،  ومثالا على ما أنتجته هذه القريحة هذا الحكم:

(المحدش محدوش، في مضاف مراد يسقط ثلثان، ويقوم من الثلث الثالث 20ثور هجر والباقي يتوازى حكموا يمين 22 حالفاً على الطرفين أن ليس لهم أي يد في المفعول، ولا هم ذي فعلوه إن مضوا فيتحملوه مراد بموجب الساحة، وإن هابوا كلهم نصين، وإن هاب طرف فيتحمله هو وحكموا على أنفسهم مراد بيمين 10 حلافه أنهم ما سلبوا الخولاني بندقه على شان يهزؤوا به أو يستفزوه وإنما اتقاءً لشره، وإن هابوا، ففيه المربع، هذا حسب أسلاف القبائل وأعرافها).

 مسكينة الأثوار التي (تُهجّر) وتذبح كضحايا لعرف هذه القوى، التي ما تزال تتحكم في مقاليد الامور في اليمن، وتصب جام غضبها على هذا (الثور)، وهو الذي له و(لأنثاه) مكانة مقدسة في بلاد الهند العظيمة!.. فأي دولة مدنية ستبنى، في ظل وجود مثل هذه القوى، وهذه العقلية يا ترى؟ ومتى؟!

ومساكين الآلاف من البشر الذين أهدرت دماؤهم في كل مناطق الجنوب،  منذ عام اربعة وتسعين وحتى اليوم، مدنيين وعسكريين، كوادر وقيادات، شبابا وشيوخا ونساء وأطفالا، وما يزال مسلسل القمع والقتل مستمر وبصور شتى، ومع ذلك لم نسمع أحدا يتحدث عن تعويضهم او أنصافهم، ولا نذهب بعيدا، فهناك شابان جميلان في عمر الزهور، من أبناء عدن المدنية، قتلا ظلما وعدوانا  قبل عام في صنعاء، بعد تجاوزهما موكب عرس أحد المشايخ، ورغم كل النداءات والمناشدات لم ينصفا بعد وما يزال دمهما معلقا في ذمة قاتلهما المتنفذ!!

إذن؛ والحال هكذا، هل تقتضي الضرورة تغيير لغة الخطاب وأساليب  النضال؟ لأن مفاهيم النضال السلمي، في نظر هذه القوى، ذل وهوان وضعف وهزال، حد ان من يخالفهم حتى (بالقلم) لم يسلم وأصبح اليوم مرتبطا بالقاعدة، الحراك القاعدي، والحراك الإيراني، والحراك الحوثي، والتجربة أكدت ان المطالب لا تنال بالتمني وإنما تؤخذ الدنيا غلابا، وخير دليل على ذلك تجربة الحوثيين!!

وهل استمرار المليونيات (المشخصنة) ستحقق أحلام الناس في التحرر من هذا الكابوس؟ أم (ان تكون قويًّا بالحقِّ يعرف لك حقَّك كلُّ أحد: العلم قوة، والعقل قوة، والفضيلة قوة، والاجتماع قوة، والثروة قوة، فاطلب هذه القوى بالحقِّ تنَلْ بها كلَّ حقٍّ مفقود، وتحفظ كلَّ حقٍّ موجود).

ختاماً:

الخالدي قال شائف من ذل شل الفساله

والعافية من بغاها ما باتجي بالسهاله

وحق بعده مطالب ذي بايواصل نضاله

ما يعتبر حق ضائع غطت عليه الجواله

من حط مثقال ذرة من رأسماله حلاله

والحر وقت النوائب من صان عرضه وماله

يا ذي على نار قاعد لا عاد تسهن ظلاله

ما با يظلك من الحوم ظلال مولى الجلاله

وعافيه من على يد مسؤول قاطع حباله

ما باتجي لك هديه ولا هِبَه أو حواله

العنف بالعنف أفضل والذل مالك وماله

# المحدشات:

المحدشات تصرف الى غوالي.

ومنها المحدش ويصرف الى 11غالي.

والمحدش مربع ويصرف الى 44غالي.

والمحدش محدوش ويصرف الى 111غالي.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص