آخر تحديث :الاثنين 14 اكتوبر 2024 - الساعة:21:17:40
لك الفخر أبا الشهيدة (ندى)
أحمد ناصر حميدان

الاثنين 00 اكتوبر 0000 - الساعة:00:00:00

كم هذه الدنيا خداعة! تضيق بنا وتتسع، نتوه فيها، تنسينا؛ أو بالأصح تشغلنا عن الأحباب والأهل والأصحاب!.. كم شعرت بالخجل وأنا أتصفح صحيفة "الأمناء" يوم (الأحد) وقرأت مقالاً للزميل العزيز (نعمان الحكيم) عن أبي الشهيدة (ندى)، وما حصل له من مصائب هذه الدنيا الخداعة، وأنا كنت أقرب الناس إلى هذا الرجل.. تربينا معاً، وكبرنا معاً، وواجهنا صعاب هذه الدنيا معاً، هو بالنسبة لي كأحد أخواني، بل كنت أقرب إليّ من أخواني، فرقتنا مشاغل الحياة والأسرة وانتقالي للسكن في المنصورة!!

أتذكر - حينها - عندما ضاقت بنا الدنيا، وعزمنا - معاً - الهروب الى شمال الوطن من مكيراس، وقابلنا أصعب الظروف، كان هذا الرجل مستعداً لأن يتحمل الجوع والضمأ لتشبع وترتوي، كان خدوماً؛ بل مضحياً لأجل الصداقة والعشرة، أصيلاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى!.. صادف أن تزوج أخي كريمته (لا تزال بعصمته)، وزاد ذلك ترابطنا معاً، هل عرفتم لماذا شعرت بالخجل لأنني لم أعلم بما حدث له سوى من الصحيفة، ومقال العزيز (نعمان الحكيم)؟.. لعنت الدنيا - حينها - كان آخر لقاء به عندما عزيته بالشهيدة، ووجدته صبوراً، شامخاً، متماسكاً، لا تهزه مصائب هذه الدنيا، كيف لا؛ وهو من العمالة الفائضة التي حرمت حقها في العيش الكريم بسبب لصوص وناهبي الجنوب ومؤسساته؟!

كذلك؛ أتذكر أنه سجن قبل الثورة الشبابية من قبل نظام شركاء حرب 1994 الظالم، المستبد، المتكبر، باتهامه بتفجير قنبلة في حجيف، اُتهم جزافاً؛ وكان مناضلا جسورا ضد هذا النظام الظالم.. أتذكر حينها - عندما قابلته بعد خروجه من السجن، ومعنوياته عالية – قال: رغم أنهم عذبوني واتهموني ظلماً، لكن لن نستكين، ولن نتهاون في حقنا وحقوقنا، وسيأتي اليوم الذي سنذلهم كما أذلونا! صدقت يا صديقي.. ها هم مذلولون، مهانون!! 

اضطر أن يعمل (بياع سمك) في الشارع لأجل لقمة العيش، وهو الأديب والمثقف والموهوب في المسرح، وتقليد الشخصيات، وله عدة قصائد.. عندما كنا طلاباً كنت - دائماً - أقول له: أنت ظلمت نفسك، وظلموك كثير، مواهبك هذه لو كانت في بلد آخر لكنت في وضع آخر!.. المهم لا أستطيع أن أقول، ولا أرسم لك أسباباً، بل اعذرني؛ لقد أهملناك، وانشغلنا عنك في دوامة هذا الوضع السيء الذي خطط له؛ ونفذ بإتقان حتى أوصلونا إلى ما نحن فيه من توهان، وانشغال بعد لقمة العيش وصعوبة الحياة، لكنك مسكون في القلب والوجدان.. واعذرني!!

أخي (شوقي).. كان الله في عونك في هذه الدنيا الخداعة، أنت الذي ضحيت وعانيت، وأكثرنا ظلماً ومعاناة، وقدمت ابنتك شهيدة لأجل قضيتنا، وسيسجل اسمك وعائلتك في أنصع صفحات التاريخ، التي سيفتخر بها الأجيال يوماً.. وجاء حادث إحراق منزلك، الذي زادك معاناة فوق معاناتك، لكنك رافع الرأس، شامخ، صابر، جسور، كما عرفناك دائما، وثق بأن هذه التضحيات والمعاناة سيكون لها تأثيرها الإيجابي على قضيتنا في الجنوب، وسيأتي (اليوم) الذي سنشعر - جميعاً - بأنك كنت جزءاً من الحلح لا من المشكلة، وجزءاً من النصر؛ لا من الفشل، وأمثالك قليلون.. كان الله في عونك، ودمت ذخراً للوطن.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص