آخر تحديث :الاربعاء 27 نوفمبر 2024 - الساعة:00:30:02
لا يبنى وطن من خربه
أحمد ناصر حميدان

الاربعاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

عندما تستعرض المشهد على الساحة اليمنية تتساءل هل النخب السلطوية القابضة على مصدر القرار اليوم مستوعبة حجم الضرر الذي أصاب الجنوب شعبا وأرضا من ممارسات حلفاء حرب 94 التي استهدفته أم ينظرون للقضية نظرة سطحية على أنها مجرد هفوات وأخطاء مرحلة سياسية.. كل هذا يجيب عنه ما يمارس اليوم على الأرض .

أناس استهدفوا بشكل مباشر وبقصد وهدف مرسوم لإذلاهم وحرمانهم من مصادر أرزاقهم وتدمير بنيتهم التحتية وخيراتهم نتاج مجهود سنوات من العمل والصبر والتحمل لأصعب المراحل للوصول إلى ما وصلوا إليه, بعضهم صدم وتحسر وهو يرى مصدر رزقه وخير وطنه ينهار ويتهاوى في لحظة زمن, منهم من انتحر وفقد عقله ومات عليلا, وكثير عاشوا حياة الذل والهوان وتدهورت صحتهم وانهارت قواهم وضاع مستقبلهم ومستقبل أولادهم إلى جانب انتزاع هويتهم التي يعتزون بها, كل هذا لم يكن دون هدف استراتيجي مرسوم للوصول لذلك, فقد ولد لديهم شعورا بالحقد والكراهية لكل ما يحمل معنى تلك المرحلة, كفروا بالوحدة لأنها كانت أداة من أدوات النظام لكبح جماحهم بعنوان الوحدة أو الموت . ارتبط هذا الهدف السامي والنبيل الذي كانوا أهم أركانه بكل معاناتهم وآلامهم إذا مسهم رهاب الوحدة . ومن أنجع العلاجات لهذا الرهاب هو أن تمحى هذه الآثار بتجنب إثارة قضايا كانت السبب فيما حدث ليصحح صورة الوحدة لديهم ويعيد لها رونقها لتكون جاذبة للكل في بوتقة العدل والمساواة  كهدف سام ونبيل يجمع لا يفرق وأهم هذه الآثار هو تجنب مشاركة أي شخصيات أو رموز كانت جزءا من أدوات الهدم لحياتهم في الماضي. كل ما كان له أثره السلبي عليهم يزيد الوضع تأزما فلا يعقل أن يكون كل من ساهم في تدمير حياتهم مصدر إقناع لهم في إصلاح المستقبل للأسف أن لجان الحوار التي نزلت إلى المحافظات لتوعية الجماهير بدعم مخرجات الحوار فيها شخصيات طاردة للآخر وليست جاذبة بحكم ماضيها الأسود في صف النظام البائد ولهذا على الرئيس والقيادة أن يستوعبوا هموم الناس وقضاياهم وتجنب إثارتها بل يعملون بقدر المستطاع على محوا آثارها و تداعياتها وتجنب استخدام نفس أدوات الهدم للإصلاح أو كل ما يثير حساسية لدى الآخر ويذكره بالماضي القريب ومآسيه وآلامه.

تصور أن يكون من نهب الأرض واحتكر الوظيفة وحارب الآخرين في أرزاقهم أن يأتي اليوم يتحدث عن العدل والمساواة والتعويض وإصلاح أحوال الناس, من كان حارسا لصندوق انتخابات السلطة وساهم في تزوير محتواه يأتي اليوم ليحاضر عن الانتخابات الحرة والشفافية, من كان بالأمس يتحفنا في قناة عدن الفضائية بفضائل الماضي وخيره علينا اليوم يحكي لنا عن المستقبل والقادم ومحاسنه, لم تستوعبوا بعد هذا الشعب تعتقدون أنه مطية في كل المراحل تستغفلونه لا تخجلون, هل وجوهكم خلت من الأحاسيس والتعبير الصادق حتى تقابلوا شعبا جرحتموه وأهنتموه ونهبتموه وظلمتموه يوما.   

عليكم أن تحسنوا الاختيار في هذه اللجان فالوطن غني بالوطنيين الشرفاء ولا تحتكر الوطنية لنفس رموز الأمس بل لكل مرحلة رجالها وأدواتها إذا أردتم إصلاح الحال ومحو آثار الماضي وإرضاء المظلومين لتستعيد الناس ثقتهم ببعض للسير معا نحو بناء الدولة المدنية الاتحادية دولة النظام والقانون.. أما العناد والتكبر والفرض وتكميم الأفواه ومصادرة الرأي وحسم الأمور بالقوة فلا تنتج حلا بل تزيد الأوضاع تدهورا وتنمي الصراع وتغذي الأزمات ولنا في ماضينا القريب دروس  وعبر هل نأخذها بعين الاعتبار لنخلق وطنا نعيش ونتعايش فيه بكل حب وسلام و وئام, وطنا يحتوي الجميع بكل أطيافهم ورؤاهم السياسية وطوائفهم الاجتماعية وفقكم الله لما فيه خير الوطن والأمة.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل