آخر تحديث :الخميس 25 ابريل 2024 - الساعة:12:23:22
كفاية استهتار..
نشوان العثماني

الخميس 00 ابريل 0000 - الساعة:00:00:00

ستظل القيمة الأخلاقية, وقيمة الخير إجمالا, باقية في كل مكان وزمان, بل هي الأصلح وبالتالي الأبقى طالما ظل مشروع الحياة العظيم متدفقا..

كنتُ في مقدمة إحدى الحافلات صباح أمس في جولة كالتكس.. وتسلمتُ قصاصة ورق صغيرة من شاب عليه الابتسامة آسرة والأسلوب رشيق, ومن قميصه تقرأ اسم ومدلول الحملة التي يخدم أهدافها, وكنتُ سمعتُ عنها قبل أيام.

رسالة نبيلة وعظيمة تلك التي يقوم بها شباب حملة "أنصار المرور.. كفاية استهتار"؛ إذ يقفون في مدخل طريق الجسر؛ لتنبيه السائقين والركاب معا إلى أهمية الحفاظ على الحياة من "السيارات الطائرة", إن جاز التعبير, أو من السرعة التي ليس لها معنى.

قرأتُ القصاصة في جزئها الأول: "أخي السائق, إن السرعة الجنونية قد تودي بأرواح جميع الركاب على متن الباص, وعدم إغلاق الباب يزيد من عواقب الحوادث, ولا تنس روحك الغالية أخي, وحافظ على التزامك بربط حزام الأمان؛ لسلامتك ولتكن قدوة لغيرك ومن أجل السلام للجميع".

وطريق الجسر صار اسمها مؤخرا "طريق الموت", وللاسم مضمونه الواضح؛ غُيبت معايير وتراخيص القيادة, فحضرت السيارات التي تطير إلى البحر كأفلام الأكشن بدل أن تواصل سيرها إلى خور مكسر أو الشيخ عثمان أو أي مكان آخر؛ فلا يمر أسبوع دون حادث أو اثنين وربما أكثر. واصطدام سيارة بأخرى أو أبسط حركة مخالفة في هذه الطريق السريعة - الشريان الأبهر لعدن - تؤدي بالفعل إلى مآسي.. وجميعنا سمع أكثر من مرة أن سيارة "قفزت إلى البحر", وأخرى "نطحت عمود كهرباء", وما بقي إلا أن تقفز ثالثة إلى مطار عدن الدولي.

ثم, وبعد أن وجهت الحملة جملتها الأخلاقية إلى "السائق", بقى أن توجه مثلها إلى "الراكب", فخاطبته "حفاظا على أرواحنا, الزم السائق بإغلاق باب الباص, والتقيد بالسرعة المحدودة, وعلى الجميع إرغام سائق الباص بعدم التهور الذي يهدد حياتنا وحياة أولادنا وفي حال عدم استجابة سائق الباص, لا تنس أن هناك باصات أخرى كثيرة ملتزمة ومحافظة على أرواحنا الغالية, والنزول من الباص هو أفضل حل كي يتقيد القانون".

وليس من المجدي هنا تذكير الجهات المختصة بعملها, أو انتقادها على تقصيرها, فلن نجني إلا إهدار الوقت والحيز والمداد, والأسلم للعقل أن نبتعد كثيرا عن الرماد.

المجدي هنا هو أن أشكر قادة حملة "كفاية استهتار" كثيرا جدا, والشكر لا يفيهم حقهم بالتأكيد.. غير أن الأجدى من ذلك هو أن نتطبع بسلوك أخلاقي وحضاري, ونكون عونا لهم ولكل فكرة جميلة, ولمجتمعنا وبيئتنا لا وبالا نكمل ما نقص, وبمثل هذه الأفكار والخطوات, وبمثل هذه المسؤولية الأخلاقية الاجتماعية يجب أن نمضي قدما؛ كلٌ بما يستطيع. لا بد أن تتناسل الأفكار الخليقة بأن تحمي المجتمع وتحافظ على رصيد الحياة من أجل حاضر الحال, ومستقبل الأجيال, وأن تجد طريقها لأن تصبح واقعا نعيشه نتعلم منه ونُعلّم به.

nashwanalothmani@hotmail.com

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص