آخر تحديث :الاربعاء 27 نوفمبر 2024 - الساعة:00:30:02
الحوار بقلب مفتوح مع صديقي من الشمال
عياش علي محمد

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

في أحد اللقاءات الأدبية، كعادتي أكون متمتعا بالجاهزية الأدبية، وجرتنا حوارات الأدب إلى منحى آخر من الحوار، وإذا بصديقي من الشمال يفتح علينا وابلا من الاتهامات مغيرا مجرى الحديث إلى مسائل متعلقة بوحدة التراب اليمني، وبطريقة استفزازية استنكر على الجنوبيين دولتهم التي قامت بعد ثورة تحررية ونالت استقلالها في نوفمبر 1967م، وحاول تصوير بلاده بأنها أنقذت الجنوب من حروب طاحنة كانت تتداول بينهم بين الفترة والأخرى، وأشار إلى أن الرئيس السابق تنازل للجنوب بكل شيء من أجل تحقيق الوحدة.

لم يرق للحاضرين سماع مثل تلك الترهات، ويبدو أن منطقه في الكلام قد أتلف ساعات تذوقهم للحوار الأدبي، وكنت أحد الذين لم يرق لهم حديثه، مستخدما تشجيع الحاضرين في إسكات منطقه المعوج.

فقلت له: ماذا استفاد أهل الجنوب من هذه الوحدة؟، مقابل تقديمهم للشمال هدايا ثمينة لا تقدر بثمن ، حيث أعطتهم الوطن والثروة والأمن والاستقرار والحياة الكريمة، وماذا استفاد مليونان من البشر الجنوبيين من وحدتهم مع عشرين مليونا من الشمال, بل بالأحرى أقول لك إنكم دمرتم ما كنا نملكه ونتباهى به من مؤسسات ومصانع ومنشآت وكيف تم تبديد مواردنا الاقتصادية والمادية وتهميش مواردنا  البشرية.

واستمرارا في تقديم التساؤلات قلت له: بماذا تنازل رئيسكم السابق من مصالح تفيد أهل الجنوب ؟ قال والحنق يلف وجهه: لقد تنازل بمعظم الوزارات للجنوبيين, قلت له كما قال أبوعمار (ياسر عرفات) عندما زار الجنوب بعد الوحدة.. حين سأل أحد المسؤولين الجنوبيين (وزارة المالية) من حساب الشمال أم الجنوب؟ قال المسؤول الجنوبي: كل الوزارات، أو معظمها معنا أما وزارة المالية فقد كانت من نصيبهم، عندها فرك أبو عمار يديه، وتتمتم بالكلام غير المفهوم ثم قال: الله يكون في عونكم أنتم في الجانب الخاسر.

تصاعد الحوار مع صديقي ووصل إلى حده الأعلى حين توافد على المجلس من كان بعيدا عنه وتزاحم الحاضرون الذين انجذبوا للحديث، وبدا لي وكأننا نعيش في ليلة صاخبة، تدفقت عليها شلالات من الأفكار وتزاحمت في جريانها نحو مصبه النهائي.

وماذا عن تقرير المصير؟ سؤال لم يجب عنه، ولكن أبدى استغرابه لهذا السؤال لأن اليمن دولة مستقلة وليس من أدبياتها حق تقرير المصير، وعلق على ذلك بأن الجنوب سيظل أسيرا لنا، ولن تفلتوا من قبضاتنا إلا في حالة واحدة وهي عندما نقرر نحن التخلص منكم.

 لم يعجب هذا المنطق الحاضرين، بل أظهر صديقي في قوله هذا تحديا لمشاعر الجنوبيين وعنادا سافرا لمطالب الجنوبيين بحق تقرير مصيرهم.

لقد وضحت الصورة.. ووضع تفكيره المشوه أنهم لا يريدون من الجنوب إلا ثرواته .. وعندما يمتصونها وتغدو بعد ذلك ثروة من بعد عين (أو كانت هناك ثروة)، في الجنوب، وبعد أن يصبح الجنوب خرابا يباسا يترك لمصيره دون أن يسمح له بطعم ثروته وخيرات بلاده.. إذن الوحدة كانت شماعة يتمسكون بها كحق يراد به باطل.

ولكن من الواجب أن نلفت انتباهكم إلى الشيء الجديد القادم من الشرق.. بصرف النظر عن أصوات الجنوبيين المطالبين بحق استعادة دولتهم.. وما دامت أصواتهم قد نزلت الميادين فإنها لن ترجع إلا بدولتهم.

وما هو الشيء الجديد القادم من الشرق ؟ أم أنها القوة العظمى التي ستقلب المعادلة العالمية الحاضرة، والتي رفعت رأسها من جديد عقب الصراع الذي نشب بين أوروبا الغريبة والولايات المتحدة من جهة وبين روسيا الاتحادية من جهة أخرى على شبه جزيرة القرم واستعادتها من قبل روسيا.. والتهديدات بالعقوبات الاقتصادية ضد روسيا وبدأت العديد من الدول تعيد تصوراتها للوضع وتحاول استثمار هذا الوضع، وبإيجاد استراتيجية جديدة تطيح بالقوى التي تسلقت السلطة في كل مكان بتشجيع الولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.. ومن المؤمل أن يثير هذا الوضع القوى التي كانت تمثل نجوما في المدار الروسي، وسيرتفع صوت التحرر الوطني مجددا بعد أن خبا سنوات طوالا في بلدان العالم الثالث، وجاءت الفرصة الذهبية التي ستعيد حقوق الشعوب المطالبة بالحرية والاستقلال والنمو.. ومن هذه الشعوب (شعب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية).

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل