آخر تحديث :الجمعة 22 نوفمبر 2024 - الساعة:23:31:26
هل تشعل (القرم) فتيل الحرب الباردة؟!
عبدالقوي الأشول

الجمعة 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

لم تغادر مخيلاتهم أمجاد امبراطوريتهم العملاقة، بحضورها الفاعل في الساحة الدولية وما مثلته من توازن في السياسات الدولية المرتبطة بتلك الامبراطورية، التي غابت شمسها في ظروف لم تكن متوقعة!.. الأمر الذي ولد أحادية القطب الغربي، بممارساته المستفزة بحق الشعوب الأخرىً، خصوصا تلك التي كانت في كنف المعسكر الشرقي وتحت حمايته .. أما حين انكشف ذلكم الغطاء بدت بلدان كثيرة تحت وطأة ورحمة الغرب المستبد، الذي استطاع في وقت قصير تجيير عمل الهيئات الدولية لخدمة مصالحه وإملاءاته.

تحركات الروس الغاضبة ولدت ـ دون شك ـ مخاوف وهواجس شديدة لدى الأطراف الأوروبية، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، التي باتت ترقب التطورات بقلق تام، ربما لسطوة (الدب الروسي) الواضحة والجريئة والتي تلخص فكر وروح الامبراطورية الروسية، التي غاب نجمها في الأفق منذ وقت قصير .. ورغبتها في العودة إلى مسرح العالم .. وبما يلغي أحادية القطب وممارساته العنجهية بحق الشعوب الأخرى.

فهل تمثل نقطة شبه جزيرة (القرم) بداية عودة للامبراطورية الروسية.. القادرة ـ بحسب معطيات عدة ـ على تحقيق ذلك في ظروف زمنية قصيرة، بحكم امتلاكها مقومات عدة، وبما تمتلكه روسيا وحدها من قدرات ومميزات تشكل عوامل جذب مغرية لبلدان جوارها في طلب الانضمام لنواة اتحاد عملاق يحيي أمجاد الأمس وزهو الانتماء لدولة عظيمة مترامية الأطراف، متنوعة الثروات .. ناهيك عن استحضار الماضي امبراطوريتهم العملاقة، التي مثلت فرصة سانحة لدى الغرب في ممارسة مزيد من التفكيك بحق شعوبها.. ناهيك عن نشرة العداوة، وحالة الاستقطاب المستفزة لمشاعر الروس.

(كييف) ربما تمثل الشرارة التي أطلقت غضب الروس، بعد أن تصرف الغرب بكامل فجاجته تجاههم، الوضع الذي حرك الدب الروسي بكل هذا العنفوان باتجاه شبه جزيرة (القرم).

فهل يريد الغرب أيضاً أن يجعل من (القرم) نقطة ارتكاز لمشاريعه تجاه دول الاتحاد السوفياتي السابقة، أم أن الروس قد عقدوا عزمهم على استعادة امبراطوريتهم من تلك الإحداثية بما تشكل لهم من صلة تاريخية وثقافية، وأهمية عسكرية واقتصادية الحال الذي جعلهم أكثر حدة وضراوة في التعاطي مع المستجدات الراهنة؟!

لقد مضوا بثقة؛ باتجاه تقرير مصير رعاياهم وفق القوانين الدولية .. بردة فعل سريعة وخاطفة لم تكن بحسبان الغرب، وفق الكثير من المعطيات.

(بوتين) أو الرئيس الروسي أثناء إعلان (القرم) جزء من روسيا كان صريحاً وواضحاً حين ذكرهم بمعاييرهم المزدوجة .. مؤكداً أن ما يصلح في بلدان كثيرة يصلح أيضاً في (القرم).

لقد مضى (الدب الروسي) بكامل قوته وزهوه بالاتجاه الذي يحفظ مصالحه، ويمنع تواجد الغرب على حدوده ـ مهما كانت المسميات ـ خطوة ربما تليها خطوات مماثلة في توالي الانضمام للامبراطورية الروسية، ذات المخزون الضخم من الثروات.

نقطة تحول يترقبها العالم لما لها من ارتباط بزوال هيمنة القطب الواحد، وما تكشفت من مظالم بحق شعوب كثيرة تقع اليوم تحت وطأة وسطوة النظام العالمي الجديد، المتخلي عن القيم والقوانين والمبادئ الإنسانية.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل