آخر تحديث :الاربعاء 07 اغسطس 2024 - الساعة:23:37:53
3 مخاطر تعوق قيام دولة اتحادية
عياش علي محمد

الاربعاء 00 اغسطس 0000 - الساعة:00:00:00

بعد انعقاد جولات عديدة من الحوارات في غرف في (موفنبيك) المغلقة ، خرج المتحاورون بنتائج، استخدم فيها المتحاورون ميزتين مهمتين هما : الزمن وكثرة العدد، واعتمد المتحاورون على هاتين الميزتين للتغلب على معارضيهم الذين يقضون مضاجعهم بمطالب استقلالية، بدون اية اعتبار لقرارات المتحاورون التي تتعلق بتبني قيام دولة اتحادية.

ومن عادة اليمنيين منذ زمن طويل ان يضيعون اوقاتهم في خلق مشاريع سياسية مسبقة قبل ان تتهيأ لها الظروف بنجاحها، وكثيرا ما فشلوا بسبب ذلك.

والدولة الاتحادية التي يودون فرضها في اليمن كواقع سياسي بعيدا عن رغبة أهل الجنوب الذين ينادون باستقلال دولتهم ويرفضون قيام دولة اتحادية تستحوذ على هويتهم الجنوبية، على الرغم من التضحيات التي يقدمونها جراء قناعتهم باستعادة بلادهم وأول خطر يقف في وجه قيام دولة اتحادية هو التوزيع الديموغرافي للسكان الذين يتسمون بعدم التنظيم والعشوائية في توزيعهم وفي مواقع سكنهم في الجبال والسهول والأودية المتداخلة، وانعدام البنى التحتية وعدم وجود المؤسسات السياسية والاقتصادية والثقافية وغياب نظم الحكم والقانون وبنا على ذلك فان الشمال يعاني من افتقاره لهذه المؤسسات والتي بوجودها تساعد على تنمية البلاد، وتطور أبنائه كل ذلك تزامن مع ترسخ الحياة في اليمن كمجتمع يعشق الاستهلاك وتخبوا عنه المحفزات التي تنمي العقول المنتجة التي تبتكر الابداع في خلق القيمة المضافة لمنتجات تساعد على تراكم الدخول النقدية للفرد والعام.

وتلك المؤسسات التي افتقر وجودها في الشمال، كان لها حضور فاعل في الجنوب، قبل التوقيع على الوحدة اليمنية عام 90، وكانت تلك المؤسسات هي المؤهلة لقيام دولة اتحادية، ولكن شاءت الأقدار أن يتم استهدافها وقلعها من الجذور في حرب الشمال على الجنوب في صيف 94.

والخطر الثاني الذي يعيق بناء دولة اتحادية هو الجفاء الاجتماعي بين شعبي الدولتين الموقعتين على الوحدة، ولم يساعد هذا الشقاق الاجتماعي على التقارب بين الشعبين طيلة عقدين من الزمن، وبدون تطبيع العلاقات الاجتماعية بينهما، فإن أمر تحقيق دولة اتحادية يكون في مهب الريح.

والخطر الثالث هو في عدم استتباب الأمن، والأحداث المأساوية المتواصلة في البلاد، ودماء أبنائه المتطايرة من كل حدب وصوب من زوايا اليمن الأربعة، وهو الذي لم تنجح فيه الدولة في إخماده، بل على النقيض من ذلك؛ راحت تمضي في استخدام السلاح لإسكات المعارضين لها في الداخل والخارج، وكان من المفترض ان تقوم الدولة بمد حبال الحوار مع المعارضين حتى وان استمر زمنا طويلا، ففي النهاية لا ينجح أي مشروع إلا إذا اتفق عليه جميع الفرقاء، ولكن قرقعة السلاح لا تساعد على تقارب وجهات النظر المؤدية إلى إنجاح المشروع السياسي المستهدف.

وإذا كانت الدولة قد استهلكت وقتا طويلا في عقد المؤتمرات وحوارات النخبة، فكان الأولى بها أن تعمد إلى تغيير الأوضاع في البلاد بما يتناسب مع حالة الإعلان قيام الدولة الاتحادية.. وهذا يعني أن تكرس الدولة وقتها في تأسيس المؤسسات الاقتصادية والقانونية والثقافية والسياسية لكل إقليم في الخارطة اليمنية لضمان قيام دولة اتحادية وتوفير التمويل اللازم لقيامها لكن قيام تلك المؤسسات تحتاج إلى تنمية اقتصادية، وتحتاج إلى أعمال لا أقوال.

إن وجود رؤية سياسية ناضجة لقيام دولة اتحادية قوية في اقتصادها متطورة في حياتها الاجتماعية تحتاج إلى انتشال أوضاع المجتمع اليمني الفقير وتحسين مستواه العلمي والثقافي والفني ورفع معيشته اليومية، وجعله يعتمد على عقله المنتج، دون أن يلتفت إلى ما قد يضخه النفط ويضع عينيه دوما على ما سيدخله هذا النفط له من دخول نقدية، ويظل مستمرا عليه حتى ينضب ويذهب هباء ثم يتحسرون على ضياعه دون نتيجة.

ولا أريد أن أكون متشائماً، فإن مشروع قيام الدولة الاتحادية إذا لم تصف العثرات التي تقف في وجه قيامها، فإنه ينبغي القول إننا نتوقع بولادة متعسرة للدولة الاتحادية، وربما يموت الجنين والأم معا، وهذا سيكون عبئا على البلاد التي انتظرت مشروعا ليطول أمده، ثم يتوارى بخجل ويفشل في تحقيقه هدفه.

وأعتقد أنه في آخر المطاف قد تلجأ الدولة اليمنية في حالة عدم نجاحها في قيام دولة اتحادية إلى خيار وحيد ونهائي، وهو قيام دولتين اتحاديتين، دولة اتحادية في الشمال وأخرى دولة اتحادية في الجنوب، ومن هذا المنطلق قد تخلق ظروفاً جديدة تساعد على لم الشمل من جديد بعد تغيير الظروف التي عصفت بالطرفين.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص