آخر تحديث :الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 - الساعة:12:14:34
عواصف الخليج
عبدالقوي الأشول

الثلاثاء 00 نوفمبر 0000 - الساعة:00:00:00

بين لحظة وأخرى تستجد متغيرات من حولنا إلى درجة لا يمكنك معها متابعة أو فهم ما يجرى، فأحوال منطقتنا عاصفة مثل جديد الثورة الرقمية الذي لا يقف عند حد!.. فهذا الوعاء الخليجي الذي يضم في بوتقته دول أعضاء المجلس كان قبل حين يبدو متجانساً شديد التقارب، رغم ما كانت تبرز من مؤشرات توحي بعكس ذلك إلا أن تلك الدول استطاعت لفترة من الزمن إخفاء ما يجرى حتى لا يشكل خطراً للإخلال بتوازنها.. ومع ذلك فإن منطقة بأهمية الخليج إن بدت بعيدة عن العواصف الداخلية، بحكم مستوى المعيشة لدى سكانها، إلا أن دوام الحال كما يقول المثل من الحال، فهذا الجسم الخليجي مستهدف من نواحي عدة وهو محط أطماع كثيرة، علاوة على إسهام تلك البلدان بتوجيه الأخطار نحو ذاتها بحكم طبيعة تعاطيها مع المستجدات على الساحة العربية والعالم، وحتى عندما تحاول النأي بنفسها عما يجرى .. يتم إقحامها عنوة للخوض في مجرى الصراعات والدوامات التي تشهدها المنطقة العربية والعالم عموماً.

إلا أن حالة الرهاب لدى معظم دول المجلس مما يجرى حولها ربما ولدت تعاطي هلع أيضا فيما بينها، وقد برز مستجد قطع العلاقات مع الدولة الصغيرة (قطر) كمؤشر واضح وجلي، على أن الغرب استطاع خلق ثغرة عميقة للغاية في الجسم الخليجي على الرغم من خصوصيته.

فـ (قطر) هذا الجسم الضئيل أريد له أن يكون (غراب البين) بين تلك الدول، بحكم طبيعة نهجه الذي لا يتوافق مع أقرانه بل ويصب في خانة أخرى مختلفة من حيث الأهداف والمضامين.. الحال الذي بلغت معه الأمور ذروتها، خصوصاً وأن هذه الدول تمتلك وسائل إعلام ضخمة استطاع كل طرف توجيه ما لديه وفق اتجاهاته، وربما مصالحه وطبيعة علاقاته.

إلا أن المجموع في نهاية المطاف في عمل تلك الدول يمكن قراءته في نطاق التطورات والتبدلات العاصفة التي تشهدها المنطقة، وربما بحكم امتلاك المال لدى تلك الدول يسعى كل منها لتجيير الأوضاع وبما يتفق مع نهجه ومصالحه، وهي محاولة احتواء طالما مورست من قبل تلك الدول تجاه بلدان المحيط العربي على وجه التحديد في محاولة لمنع حدوث التغيير الذي تخشاه تماماً، إلا إذا كان ذلك يجرى وفق الأجندة الخاصة بها، بحيث يتم السيطرة والتحكم بتلك المتغيرات حتى لا يمتد أثرها إلى بلدانهم.

إن الوضع الذي أدى إلى ما هو قائم من انقسام واضح لم يعد بالإمكان مداراته، أو التعايش معه، باعتبار أن تلك الجسور المختلفة تؤدي إلى محطات مختلفة في نهاية المطاف، حيث إن ما يجرى وفق المحللين والمتابعين يأتي في إطار إغراق دول المجلس في مشاكل المنطقة، وحالة عدم الاستقرار التي يعاني منها المحيط العربي الذي باتت هذه الدول النفطية تتحمل تبعاته، وتغطي احتياجاته المتفاقمة بحكم ما لديها من مشاريع استقطاب واحتواء تريد من خلالها تعزيز أوضاعها، وتحصين نفسها من عوارض تلك الامتدادات.

ما يعني أن أشداق الاحتياجات للمال الخليجي هي المتفاقمة دون أن تحقق ما تصبو إليه، كما أنها مع ذلك لا تستطيع النأي بنفسها عما يدور حولها، وهي معادلة ربما استطاعت الدوائر الاستخباراتية الخارجية التي تخطط منذ زمن لتدمير قدرات تلك البلدان النفطية، وخلق انقسامات داخلية ليسهل في نهاية المطاف تفتيت عضد هذا الجسم العربي ذي القدرات المالية الهائلة، الذي تملأ عائداته المالية الضخمة البنوك الأوروبية، وهو وضع طالما أشار إليه أرباب السياسة في الغرب باعتباره الهدف الأساسي في توجهاتهم الهادفة لتدمير القدرات العربية، والخلاص من وجود أي ثقل عربي في نطاق المعادلات القائمة التي تعتمد على الأحادية الغربية في تحديد مصائر الشعوب والتحكم بطبيعة اتجاهاتها.

وليس أدل على ذلك ما ترصده تلك البلدان من ميزانيات ضخمة للغاية، هدفها خلق بدائل للبترول العربي، كما جاء على لسان بعض المرشحين للإدارة الأمريكية، وحين تبين لهم أن لا بدائل سريعة وممكنة في الوقت الراهن للوقود (الأحفوري) أعني النفط، لم يجد هؤلاء بداً من البحث عن أسباب أخرى للنيل من هذه البلدان وتدمير قدراتها.

فعلى مدى عقود مضت فرض على تلك البلدان تمويل الحروب التي جرت في المنطقة، وهي الفاتورة المفتوحة في مجمل الصراعات التي يخوضها الغرب في محيط دول المجلس، إلا أن مثل هذه الأمور لا تبدو كافية ما دعى لمزيد من الإقحام للبلدان الخليجية في ما سمي بالربيع العربي، وما بعد ذلك .. وصولا إلى حالة الخوض في منزلقات التطرف والإرهاب، طبعاً بعد عقود من حرب ما يسمى بالقاعدة، أو الحرب الاستباقية ضد الإرهاب مؤشرات تنذر بمزيد من الأعباء التي يمكن أن تتكبدها دول المجلس، وتسهم في خاتمة الأمر في تخلخل نسيجها الداخلي.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحيفة الأمناء PDF
تطبيقنا على الموبايل