آخر تحديث :الخميس 07 اغسطس 2025 - الساعة:15:20:23
"الأمناء" تسلّط الضوء على خفايا الدور التركي في الجنوب
("الأمناء" القسم السياسي:)

الحضور التركي في عدن والجنوب - والذي يأتي متلازماً للحضور القطري ويتوافق مع حليفتهم إيران، يمثله في الداخل حزب الإصلاح (إخوان اليمن) - اتخذ شكلا رسميا ومعلنا مع مسؤولي الإخوان تحت مظلة الحكومة اليمنية، وشكلًا سريًا غير معلن تحت يافطة الملف الإغاثي والإنساني، هذا الحضور التركي الذي تصاعد مع حكومة معين ووزير الداخلية الميسري والنقل الجبواني وكان ارتباطه بالإرهاب واضحاً، تلقى ضربات موجعة في عدن، وحاول التوجه إلى شبوة بعد اجتياح الإخوان لها واحتلالها.

"الأمناء" تسلط الضوء على هذا الدور التركي في عدن والجنوب والأشكال التي اتخذها، والهدف من هذا المشروع، بالإضافة إلى التعريج على الضربة التي تعرض لها، وكيف يمكن تعزيز حائط الصد أمامه، وكذلك البحث في مستقبل هذا الحضور لا سيما مع تصاعد الموقف العربي المناهض لتركيا، التي شنت غزوا عدوانيا على سوريا واحتلت أجزاء من أراضيها.

 

أهداف المشروع القطري التركي بالجنوب

وكانت صحيفة الفجر المصرية قد نشرت في يوليو من العام الحالي تقريرا لها، تحدثت فيه عن المشروع القطري التركي الذي تسعى الدولتان المتحالفتان مع إيران لتحقيقه عبر أدواتهم إخوان اليمن والحوثي في الجنوب.

وقالت الصحفية: "تدفع قطر، التي تم عزلها على خلفية تورط نظامها في تمويل جماعات إرهابية والتحالف مع إيران وتركيا، للعب دور محوري في عدن، وتعتمد أنقرة والدوحة على تنظيم الإخوان لتحقيق تلك المطامح للسيطرة على الجنوب بموقعه الاستراتيجي الهام".

وأضافت: "بدأ الإخوان السيطرة على جزيرة سقطرى في العام 2017 وقررت أنقرة بناء قاعدة عسكرية في الأرخبيل لكن الرفض الشعبي والسياسي في الجنوب حال دون ذلك، لتتراجع أنقرة عن ذلك ببناء قاعدة عسكرية في الصومال.

وتمول قطر وتركيا تنظيم الإخوان بالأموال والأسلحة للسيطرة على الجنوب، وقد كشفت وثائق كشف عنها جهاز الأمن المصري قبل نحو عام إرسال مصرف الدوحة المركزي ملايين الدولارات لدعم تنظيم الإخوان لتنفيذ عمليات إرهابية في مدن الجنوب المحررة".

وفي الوقت الذي أكدت الصحيفة أن قطر دعمت قيادات إخوانية بارزة بأسلحة وأموال من أجل تفجير الأوضاع عسكرياً في عدن خلال العام الجاري، فلا يستبعد وقوف قطر خلف تمويل مخطط اجتياح الجنوب الثالث من قبل مليشيات الإخوان الشمالية وبتحالف مع عناصر الإرهاب ، ويأتي هذا في إطار التهيئة للتواجد والحضور القطري التركي في عدن، والسيطرة على الجنوب، الذي يمتلك ثروات متعددة وموقعا استراتيجيا هاما.

 

لعب دوراً أمنياً عبر داخلية الشرعية

على الرغم من أن وفودا تركية كانت تأتي إلى عدن وتلتقي مسؤولي الحكومة اليمنية خلال السنوات الماضية، إلا أن فترة حكومة معين عبدالملك كانت الأنسب والأكثر حضورا للجانب التركي في عدن، وعلى وجه التحديد كان شهر يناير من العام الجاري الأكثر، حيث أرسلت تركيا ثلاث وفود أمنية إلى عدن خلال يناير أحدها كان على مستوى نائب وزير الداخلية التركي.

وسهّل تواجد وزير الداخلية أحمد الميسري - أحد التعيينات التي استطاعت فيها قطر اختراق حكومة الشرعية - الطريق أمام الأجندات التركية التي سعت للعب دور أمني بأدوات الداخلية ورعاية إخوان اليمن المرتبطين بالإرهاب، واتفق الطرفان على تدريب عناصر من الداخل في تركيا وابتعث مرشحين للتدرب في تركيا من قبل الداخلية اليمنية ووزيرها الذي التقي بالوفد التركي.

وكان للهيمنة الإخوانية على الشرعية واختطاف قرارها دور بارز في تهيئة الأرضية أمام الدور التركي الخطير والمشبوه، لا سيما في الجانب الأمني، والذي ركز عليه الأتراك وبصورة علنية، وغيرها من الأدوار التي تصاعد حضورها في ظل حكومة معين ووزيري الداخلية والنقل، ومع كسر شوكة تلك الأدوات وترحيل الحكومة من عدن في أغسطس الماضي أصبح حضور هذا الدور التركي أضعف بشكل عام.

 

أدوار خفية لتركيا في عدن والجنوب

وإلى جانب الأدوار التي سعت تركيا للعبها في عدن والجنوب بصورة علنية وعبر وفود ولقاءات مع الجانب الحكومي اليمني، كانت ولا تزال تركيا تلعب أدوارًا خفية، مستخدمة في ذلك هيئة الهلال الأحمر التركي، وبالتعاون مع جمعيات ومنظمات تابعة لحزب الإصلاح في عدن والجنوب.

وقالت مصادر خاصة أن بعثة الهلال الأحمر التركي التي تتواجد في عدن، تعقد لقاءات سرية مع جمعيات ومنظمات تابعة لحزب الإصلاح في عدن ومحافظات الجنوب الأخرى، بالإضافة إلى لقاءات جمعتهم مع فروع المنظمات والجمعيات في محافظة تعز اليمنية.

وأكدت المصادر أن الهلال التركي يتخذ من النشاط الإغاثي والإنساني مظلة لتمرير أجندات مشبوهة، عبر لقاءات يختار فيها الجمعيات والمنظمات والنشطاء المنتمين لحزب الإصلاح فقط.

وكشفت المصادر أن اللقاءات لا تزال تتم خلال فترة ما بعد أحداث أغسطس، وترحيل الحكومة اليمنية من عدن، وهو الأمر الذي لا بد أن تتنبه له قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي والسلطات الأمنية في عدن، لا سيما وهذه اللقاءات السرية تحمل خلفها أدواراً خفية قد تترتب عليها العديد من المخاطر.

 

ضرب التحركات التركية بطرد الشرعية من عدن

إفشال المجلس الانتقالي الجنوبي وقواته الجنوبية لمخطط اجتياح وغزو الجنوب الثالث، في أغسطس قبل الماضي، وطرد الحكومة، وترحيل ما تبقى من وزرائها الذين شكلوا أدوات الإخوان لاجتياح عدن، شكل ضربة موجعة للحضور التركي في عدن والجنوب بشكل عام، وعلى وجه التحديد الدور الأمني الذي كانت تسعى للعبه عبر الحكومة ووزارة داخليتها.

طرد الحكومة من عدن قطع التنسيق والتواصل بين الجانب الحكومي الإخواني وتركيا، لا سيما التواصل والتنسيق الرسمي والمعلن، وبترحيل الميسري وإفشال مخططه ضرب التنسيق والتعاون الأمني الذي كانت تركيا تسعى لتمكينه في عدن، وبشكل عام فقد أدى إسقاط الأدوات الإخوانية لتراجع الحضور التركي وأوقف تحركاتها، وحتى الأدوار الخفية تم الحد منها.

 

الانتقال إلى شبوة

وتتواجد قطر حيثما تتواجد تركيا، ويعود هذا لأن أدواتهم في الداخل هم حزب الإصلاح (إخوان اليمن)، وشكّل غزو قوات الشمال الإخوانية التابعة للشرعية لمحافظة شبوة واجتياحها، واحتلالها عسكرياً، حضورًا للمشروع القطري وبرفقته التركي في محافظة شبوة، لا سيما وهي محافظة نفطية وتمتلك موقعا استراتيجيا وثروات متعددة.

إذ ظهرت قبل أشهر تحركات إخوانية في شبوة تروّج لمخططات تحت شعارات وهمية تدّعي خدمة أبناء شبوة وحقوقهم ، ليتبين أن هدفها الحقيقي هو خدمة أجندة قطرية وإدخال المحافظة في صراع وفوضى، كتهيئة للتواجد القطري التركي في المحافظة الغنية، وكان ذلك عبر المسؤول اليمني السابق أحمد مساعد المدعوم من قطر حسب ما تحدث عنه سياسيون من أبناء شبوة والذين حذروا أبناء المحافظة من هذا المخطط ودعوا للتصدي له.

أحداث شبوة وما نتج عنها من إعادة للاحتلال العسكري الشمالي تحت مظلة الشرعية، أتى بسلطة عملت على أخونة المحافظة ، ليخفت ظهور أحمد مساعد ما يعني أن دوره ودور آخرين كان تهيئة للوضع القائم، وبالتالي تأتي الأنباء التي تحدثت عن لقاء جمع المحافظة بن عديو بوفد تركي الشهر الماضي، لترجح أن تركيا قد تكون نقلت حضورها وتحركها المشبوه إلى شبوة برفقة حليفتها قطر وعبر أدواتها إخوان اليمن.

وإلى جانب هذا، انتقال الدور التركي إلى شبوة ، فهناك حضور ذات أهمية لجأت إليه الشرعية الإخوانية بعد طردها من عدن، ويتمثل هذا الحضور عبر اختراق وزارة الخارجية اليمنية بتعيين قيادي إخواني موالٍ لقطر، يعادي في خطابه التحالف والجنوب، ويمثل أجندات تركيا وقطر، بل ودلل على هذا الارتباط أن وزير الخارجية اليمني، التقى بوزير خارجية تركيا قبل أن يلقي خطابا في الأمم المتحدة هاجم فيه التحالف لا سيما دولة الإمارات.

 

التحالف والجنوبيون.. حائط صد ودعوات لتعزيزه

ويشكل الجنوبيون وعلى وجه الخصوص المجلس الانتقالي وقواته الجنوبية، والتحالف العربي لا سيما دولة الإمارات، حائط صد أمام التدخلات التركية التي تسعى لاستخدام نفوذها من أجل فرضها في عدن والجنوب بالتعاون مع قطر وعبر إخوان اليمن، وقد تمكن هذا الحائط من إفشال تلك التدخلات وفضحها والحد من حضورها.

وأكد سياسيون على أن التصدي لمشاريع إخوان اليمن من قبل الانتقالي وقواته وبإسناد ودعم التحالف، وعلى وجه الخصوص الإمارات، والتي كان آخرها إفشال مخطط غزو الجنوب، هو في الأصل تصدٍ لمشاريع تركيا وقطر باعتبارهما الداعم الرئيس لإخوان اليمن الذي لا يتعدى دورهم دور المنفذ لتلك الأجندات.

ودعوا، في أحاديث متفرقة مع "الأمناء" إلى تعزيز الشراكة بين الجنوبيين ومجلسهم وقواته، والتحالف العربي ودعمها وتقويتها، باعتبارها ضرورة للتصدي للمشاريع القطرية التركية المتحالفة مع إيران والتي تعادي التحالف والجنوب وتسعى لتحقيق مطامعها، والإضرار بأمن واستقرار المنطقة وإعادة نشاط الإرهاب.

 

مستقبل دور تركيا بالجنوب مع عدوانها على سوريا

بات مستقبل الدور التركي في عدن والجنوب بشكل عام أقل من ذي قبل، لا سيما بعد تلقي أدواته ضربات موجعة في عدن، ترتب عليها غياب أي تواصل على الجانب الرسمي، وكذلك تم الحد من النشاط السري، الذي افتقد إلى الحاضنة التي تمثلها قيادات ومسؤولون في الحكومة الإخوانية.

ولكن هذا لا يعني انتهاء هذا الدور الذي عاد للحضور في شبوة الجنوبية، وكذلك ترجيحات بحضوره مجدداً وعبر مسؤولي الإخوان، عقب النتائج التي من المزمع أن يخرج بها حوار جدة، بالإضافة إلى الحضور لهذا الدور في الخارجية اليمنية، لا سيما والموقف العربي لم يكن مناهضا لتركيا بشكل كبير بما فيه موقف السعودية التي تقود التحالف.

إلا أن إقدام تركيا على شن عدوان سافر على الشعب السوري وتحديداً أكراد سوريا، واحتلال أراضي سورية، صعّد من الموقف العربي الجامع ضدها، واعتبره وزراء خارجية العرب بأنه عدوان واحتلال يحق مقاومته، واتخذ الوزراء في القمة العربية التي انعقدت مطلع الأسبوع الحالي عدداً من الإجراءات العقابية بحق تركيا.

ويصب تصاعد الموقف العربي من تركيا في صالح الحد من حضروها في الجنوب، حيث أصبحت تعاني وتواجه مشكلات مختلفة وأكبرها هذا العدوان، وبالتالي الحد من حضروها جنوبا بشكل كبير.

وإلى جانب ذلك فإن تصاعد ووحدة الموقف العربي المناهض لتركيا، ستدفع نحو منعها من لعب أي دور في المنطقة العربية برمتها بما فيها جنوب الجزيرة العربية التي تعد خاصرة المنطقة، بل وسيدعم التحالف والدول العربية جهود التصدي لمشاريع تركيا وأدواتها في المنطقة، وبالتالي ينعكس هذا إيجابيا تجاه الجنوب وقواته.


#

شارك برأيك