آخر تحديث :الاربعاء 08 مايو 2024 - الساعة:00:30:47
رحل (ضرغام) الجنوب !
("الأمناء" كتب/ عبد الله جاحب :)

ترجل ذلك الفارس عن حصانه، ورحل شامخا رافعاً سيفه،  صعدت روحه الطاهرة إلى عنان، ومن عجيب العجب بقي ذلك الجسد قويًا شامخا لم يسقط, أو يخنع أو يخضع أو ينحني رغم طعنات الغدر في الظهر، وخيانات حثالات الدهر .

تموت الأشجار واقفة وتلك من عدل السماوات وتبقي الأسود أسودًا ــ وإن نهشت في جسدها كلاب الغدر وخفافيش الخيانة ــ .

تحلق أرواحهم في عنان السماء وتكتب على صفحات الوطن سطور العز والشرف، وتنسج من تضحيات وفداء تربة الأوطان حكاية (ضرغام) الجنوب.

قليلون من يكتب وينحت اسمه على أسوار "الوطن" وينقش قصة الخلود الأبدي، ويرسم لوحة المكوث الدائم، ويضع علامات تجارية بطولية فدائية دون أدنى خدوش أو ريب أو شكٍّ.

قطع على نفسه عهد الرجال للرجال، وكتب في ميلاده قبل استشهاده مبادئ وثوابت الوطنية الجنوبية، وشق طريق وخط سير رسمها شعب الجنوب للسير بثورته التحررية، ولا بديل في قاموسه...

إما أن ننتصر أو أن يلتحق بركب قوافل الشهداء الذي روت تربة الوطن بالدماء الطاهرة .

مثلت خسارة ضرغام الجنوب منير اليافعي أبو اليمامة واحدة من أكبر الخسائر وصدمة كبيرة جدا، وفاجعة عظيمة حادثة (استشهاده)، ولكن لا عزاء ولا بكاء ولا عويل ولا نحيل ولا صراخ للشهداء، لا خيام ولا قاعات  تفتح للتعازي، هي ميادين ومتارس ومضامير للقتال، هي عهود وثوابت ومبادئ أبدية لا تعرف دموعًا تذرف ولا عويلًا أوصراخــًا مثل النساء، هو ضرغام اسمه منير اليافعي المعروف بأبي اليمامة.

رحل الفارس "ضرغام" وترك خطوطــًا عريضة ورسم خارطة لا يحيد عنها غير الضعفاء ومن بيعون الأوطان، رحل أبو اليمامة بعد أن صال وجال بين جبهات الوطن وكتب قصة وحكاية فارس ضرغام الجنوب اسمه منير اليافعي المعروف بأبي اليمامة .

فاكتب يا زمن ودون يا تاريخ وسجل يا قلم على صفحات وحيطان وجدران الوطن، واجعل من تاريخ ميلاده نورًا إضاءت في عتمه السواد الدامس ومن تاريخ استشهاده فتح أبواب النصر المؤكد.

 

ضرغام الجنوب قاهر الإرهاب

التحق ضرغام الجنوب منير محمود أحمد المشالي، الملقب بأبي اليمامة اليافعي (من مواليد عام 1974) بالجيش الجنوبي عام 1989م، قبل أن يتخرج من الثانوية ومن ثم أكمل دراسته الثانوية في نفس المدرسة التابعة للواء لبوزة .

بعد الوحدة حصل دورة في العلوم السياسية والعسكرية خلال الفترة من عام 1991إلى العام 1993م، ومن ثم عاد إلى اللواء يعمل في عمليات اللواء، واختاره اللواء محمود الصبيحي قائدا  للسرية المختصة بتحرير قاعدة العند الجوية ــ أي المطار ــ .

وإبان حرب اجتياح وغزو الجنوب أصدر وزير الدفاع السابق إبان حرب 1994م هيثم قاسم طاهر، قرارًا بترقيته إلى رتبة نقيب .

وأثناء حرب واجتياح وغزو 1994م وبعد معارك، ترك (ضرغام) العاصمة عدن، وخرج من الجنوب برفقة قيادة جنوبية عسكرية ورفقاء السلاح ضد الغزو الشمالي تركوا عدن بعد عهد قطعه على نفسه عهداً بالعودة وتحرير المدينة والجنوب، غادر مع الرفاق على متن زورق حربي إلى سلطنة عمان، وثم إلى السعودية، وبقي في مدينة الرياض، ينتظر ويترقب الفرصة المناسبة للانقضاض على التحرير والاستقلال.

جاءت حرب صيف 2015م واجتياح وعزو ثاني للجنوب من قبل جحافل وأبناء وقطيع الفرس الحوثوعفاشي.

لتبدأ مرحلة نضال جديد وفرصة للأسود من جديد للثأر وعودة الحق إلى أهله وناسه، بعد سنين الظلم والاحتلال، تكشر الأسود عن أنيابها، ويعود الضرغام إلى عرينه على أرض الجنوب الطاهرة ويبدأ مشروع النصر والشهادة .

برز العميد منير اليافعي أبو اليمامة عقب الحرب الأخيرة على الجنوب، وفي عدن تحديداً عقب تحرير مدينة المنصورة في عدن من قبضة عناصر تنظيم القاعدة.

فدك القائد منير اليافعي المعروف بأبي اليمامة عروش واسطوانة الإمبراطورية الوهمية الكرتونية الإرهابية المتطرفة.

قاد أبو اليمامة مشروع دك أوكار وحجور الإرهاب وتنظيم القاعدة الذي كان يقلق المنطقة ويهدد سكينه أمنها واستقرارها، وكانت محاولة اتخاذ عدن بيئة خصبة وملائمة لهم في ذلك التوقيت.

كان أبو اليمامة في طليعة قوة أمنية جنوبية عسكرية، وظهر الضرغام متحدثــًا لوسائل الإعلام عن بدء عملية تأمين المنصورة بعدن، وكان له ما أراد بعد دحر والقضاء وقهر الإرهاب وانسحاب ماتبقى من عناصر تنظيم القاعدة منها .

وتابع أبو اليمامة واستمر في مشروعه وبرز نجم أبو اليمامة با عتباره أحد أبرز القيادات الجنوبية التي شنت هجمات مسلحة على تنظيم القاعدة في لحج وأبين.

فكان أبو اليمامة قاهر الإرهاب ومحطم أوكارها ومدمر جحورها في الجنوب.

قاد الضرغام الجنوبي منير اليافعي أبو اليمامة حرباً ثانية لا تقل شراسة وقوة عن حرب الإرهاب وأوكار التطرف، من خلال الدفاع عن أرض الجنوب الطاهرة، من مشاريع ومنظومة إخوانية، إذ تصدى أبو اليمامة لتلك المشاريع الإخوانية وكان الدرع الحصين القوي المتين الذي ظل في وجه المشروع الإخواني ومحاربة تمدده وأدواتها داخل الجنوب، والعمل على عدم توسعه، فقد أبو اليمامة يخوض حرباً مزدوجة بين الإرهاب والمشروع الإخواني .

فقهر ودك وحطم ودمر أوكار التطرف والإرهاب، واللبس المشروع الإخواني جلباب الخزي والعار والفشل والإخفاق على أرض الجنوب .

 

وطن يودع (بطل )

من شموخ جبال يافع، ومن عنفوان جبال ردفان، ومن عزة شمسان،  من تراب سواحل حضرموت، وكبرياء شبوة، ونبض وشريان أبين، من المهرة وسقطرى، من بوابة النصر ومصنع الرجال الضالع، يتوقف الوطن عن الدوران، ويعلن مراسيم الوداع الأخير.

لا يحدث إلا في الجنوب شهيد في الأمس يودع شهيد، واليوم وطن يودع فارسًا ضرغامًا اسمه منير اليافعي المعروف بأبي اليمامة يودع وطنه بحروف التضحيات وأبجديات الفداء وبسطور الشهادة، وطن ودع رجلًا استثنائيًا كتب اسمه ودونه بين زوايا وأركان كل شبر في الوطن الحبيب الغالي الجنوب .

ودع الوطن أبو اليمامة اليافعي وتركه خلفه كلمات لن تزول أو تنسى أو تمحي مهما كانت التقلبات والمتغيرات والمعطيات.

(قطعت عهداً على نفسي ساظل ثابتا ومدافعاً عن الثوابت والمبادئ الوطنية الجنوبية التي رسمها شعب الجنوب للسير بثورته التحررية...إما أن ننتصر أو الحق بمن سبقني من شهداء الجنوب الذي رووا بدمائهم الطاهرة تربة الوطن.

آخر الكلمات وسجلت وستبقي في جدران وصفحات وسطور وحيطان الوطن لاتزول ولا تذهب أو تكذب؛ لأنها عمدت بدم الضرعام منير اليافعي أبو اليمامة؛ فسلام عليك... وسلام على وطن يودع رجلًا.



شارك برأيك