آخر تحديث :الجمعة 15 اغسطس 2025 - الساعة:23:19:38
شحة المياه ومشكلة القات من اشد الازمات التي تحاصر اليمن في الحاضر وتعيق تطوره (تقرير)
(تقرير / الأمناء نت / محمد مرشد عقابي:)

يقول الخبير في العلوم البيئة د.عبد الحافظ عزت الماوري ان مشكلة شحة المياه وتوسع زراعة شجرة القات من ابرز المشاكل التي يواجهها اليمن.

واضاف : مع بداية سبعينات القرن الماضي بدأ التخطيط التنموي للموارد المائية في اليمن عبر دراسات موجهة بصورة رئيسية نحو تنمية موارد المياه السطحيه والجوفية في دلتا الوديان الساحلية والمرتفعات والسهول الداخلية المحاذية للصحراء، ومع بدء استنزاف المياه الجوفية في بداية التسعينات وزيادة عدد السكان بدأ العمل بإعداد دراسات التخطيط الاستراتيجي لإدارة الموارد المائية وتنميتها وربطها بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، واتذكر حينها انه وصل النقص في امدادات المياه في بعض المناطق والقطاعات المهمة مرحلة الحرج كما تزايدت الخلافات بين المستخدمين نتيجة تنافسهم على الكميات المتضائلة من المياه، حتى بلغت هذه الخلافات حد انقسام بعض المجتمعات المحلية على نفسها بسبب حقوق المياه في وقت تعرضت امدادات المياه للمناطق الحضرية لقيود جادة ناجمة عن الضخ المفرط من الخزانات الجوفية لأغراض الري، كما ان استمرار التسابق بين المزارعين لضخ المياه وري مزروعاتهم ضاعف بشكل كبير من حدة هذه الأزمة وفاقمها.

ومضى يقول : في العقدين الأخيرين لم تتمكن الدولة من السيطرة على مواردها المائية ولم تقم بخطوات جادة وحقيقية وعاجلة حيال ذلك الأمر الذي ساعد في اتساع رقعة المعاناة وبروز فجوة بين الطلب على المياه وبين ما هو متاح منها الامر الذي شكل تهديداً فعلياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وعرقلة موارد التنمية المستدامة علماً بان اليمن واجهت وتواجه تحديات بيئية خطيرة واصبحت ندرة المياه والتلوث البيئي من اكثر المشاكل خطورة على حياة الإنسان اليمني.

د.اسماعيل هادي اليريمي يقول : وفقاً للتقارير الرسمية فإن القات يحتل المرتبة الثانية بعد الغذاء في إنفاق الأسر اليمنية بعد الغذاء الذي يتراوح ما بين 30---%35 من اجمالي دخلها وقدرت الخطة الخمسية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي صدرت اوآخر 2010م حجم الإنفاق الشعبي على تعاطي القات بنحو 300 مليار ريال سنوياً مما يشكل عبئاً على ميزانية الأسر خصوصاً ذات الدخل المحدود.

وتابع قائلاً : ضف الى ذلك فأن شجرة القات تستنزف اكثر من%45 من المياه المستخدمة في الزراعة هذا المحصول الذي تزداد زراعته بنسبة تتراوح بين 10--%20 سنوياً على حساب المحاصيل الأخرى والامر هنا لا يتوقف عند إهدار الوقت والمال بل يمتد الى صحة الفرد والأسرة والمجتمع حيث تعد المبيدات الحشرية والمواد الكيماوية الخطرة التي ترش على نبتة القات بالذات سبباً رئيسياً لإنتشار الأورام السرطانية الخبيثة ووفقاً لتقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية فان عدد من يصيبهم السرطان في اليمن يصل نحو 30 الف شخص سنوياً ومعلوم ان امراضاً خطيرة كسرطان الرئة واللثة والفم والقولون والفشل الكلوي وتليف الكبد وغيرها من الأمراض التي لها ارتباط مباشر او غير مباشر بتعاطي القات بدأت تظهر في اليمن خلال الأعوام الأخيرة نتيجة استخدام مزارعي القات تلك المبيدات والمواد الكيماوية السامة بهدف زيادة المحصول وتضاعف كمية الإنتاج ورفع دخلهم منه حيث تساعد هذه المستحضرات على سرعة نمو اغصان القات في ايام قليلة، فيقوم المزارع اليمني بقطفه وتحضيره للبيع بينما لا تزال العناصر السمية تتواجد في اوراق القات وفاعليتها لا تزال مؤثرة.

واستدرك : تشير الدراسات الى ان %80 من اجمالي المبيدات والمستحضرات الكيماوية المستخدمة للزراعة التي تدخل اليمن تستخدم في مزارع القات وعلى الرغم من اضرار القات هذه إلا انه يعد نشاطاً اقتصادياً مهماً لنسبة كبيرة من السكان تتراوح ما بين 30----%35 من اجمالي السكان وبفعل عائداته الكبيرة فقد ارتفعت نسبة العاملين في زراعته الى اكثر من 50 بالمائة من اجمالي قوة العمل في قطاع الزراعة فلا يمكن توجيه اللوم للمزارعين فزراعة القات بحسب تاكيداتهم تدر عليهم مكاسب ودخلاً يتجاوز 30 ضعف مقارنة مع الارباح الاخرى التي يجتنونها من محاصيل زراعية اخرى.


انيس عارف الحيمي يقول : هناك امكانية متاحة لترشيد المياه ومكافحة الفقر واستبدال القات وزيادة الإنتاج في اليمن وذلك من خلال خارطة طريق لحل هذه المشاكل ويكمن ذلك من خلال :

1-اعداد خطة تعززها إرادة سياسية وتشريعية وإجماع وطني بخطورة الوضع وأهمية معالجته.

2-تعزير اللإمركزية الإدارية واسعة الصلاحيات فعلياً من خلال إجراءات عملية للحد الطوعي من الهجرة إلى المدن الكبيرة الآهلة بالسكان وتشجيع الهجرة الاختيارية الى المناطق التي تتوفر فيها فرص للعمل وتشجيع الاستثمار فيها.

3-ايجاد بيئة استثمارية حقيقية تشجع على الاستثمار وتحد من هروب رؤوس الأموال من خلال تنفيذ القوانين ومحاربة الفساد وتفعيل مستوى الأداء للقضاء والاختيار الجيد للكادر سعياً نحو خلق فرص عمل تستوعب مخرجات الجامعات والمعاهد وتحد من البطالة.

4-رفع كفاءة محطات المعالجة لمياه المجاري في المحافظات بحيث تكون مخرجاتها صالحة للري بشكل آمن للعديد من المحاصيل الزراعية وتساهم في التقليل من استخدام المياه الجوفية.

5-ايقاف كافة مشاريع المياه ذات الطابع الإستثماري في احواض المدن الرئيسية ونقلها الى اماكن اخرى بعيدة.

6-العمل على ان تكون عبوة قنينة الماء المعبأة نصف لتر فقط حفاظاً على الكثير من الماء المهدور.

7-توطين تكنولوجيا تحلية المياه في المناطق الساحلية بإعتبارها الحل الذي لا بديل عنه لمجابهة الحاجة المتزايدة لهذا المورد على الدوام.

8-ايجاد البدائل لمزارعي القات وتشجيعهم على ذلك من خلال زراعة محاصيل اقل شراهة للمياه ومفيدة للاقتصاد الوطني وغير مضرة بالانسان والبيئة وفق خطة مدروسة يتم تنفيذهاوتدريجياً وعلى مراحل من خلال تشجيع زراعة الخضار والفواكة وغيرها من المحاصيل ذات الفائدة صحياً وغذائياً في الاحواض المائية الكبرى.

9-منع ري شجرة القات بالمياه الجوفية فالوضع لا يحتمل واقتصار زراعتها في المناطق التي تروى بمياه الامطار فقط كما كان ذلك قديماً.

10-عقد الاجتماعات والندوات وغيرها من الانشطة الإدارية لموظفي الجهاز الإداري للدولة بمختلف المرافق الحكومية والوزارات وفروعها وكذا المراكز الثقافية في وقت العصر بدلاً من الصباح تفادياً لمضغ القات وتوفيراً للوقت وخدمة للمواطن من حيث وجود المسؤولين الدائم في مكاتبهم ولكي يتعود الناس على العزوف عن عادة إلادمان على هذه الشجرة الخبيثة.

11-تفعيل القرار الجمهوري القاضي بمنع تعاطي القات في المعسكرات والمرافق الحكومية.

12- منع استخدام المبيدات في زراعة القات لما تشكله من اضرار على صحة المواطنين وعلى البيئة بشكل عام.

13-حصر اسواق القات خارج المدن ومنع بيعه في شوارعها الرئيسية وازقتها المأهولة حفاظاً على النظافة العامة وجمال هذه المدن والمنظر العام للمواطن اليمني.

14-النظر في إمكانية الاستفادة من التجربة السابقة التي تسمح بتعاطي القات في عواصم المحافظات يومي الخميس والجمعة والعطل الرسمية فقط كآلية للتخلص التدريجي منه.

15-التوسع في عمل المسطحات الخضراء والحدائق العامة والمتنزهات والمتنفسات والنوادي الرياضية والمراكز الثقافية وملاعب كرة القدم وتفعيل دور العبادة ليقضي الناس اوقات فراغهم فيما يفيدهم وينمي قدراتهم ومهاراتهم العلمية والعملية.

16-الحفاظ على المياه وترشيد استخدامها على مستوى الحقل من خلال إدخال التقنيات الحديثة والمتطورة.

17-العمل على تطبيق قانون المياه على الجميع للحد من عمليات الحفر العشوائي للآبار وكذا العمل على إيجاد بنية لرصد مناسيب المياه في الاحواض وتحديد الكميات المسموح باستخراجها.

18-بناء منشآت مساعدة لنظم تغذية الخزان الجوفي للأحواض وتنميتها من سدود وحواجز.

19-تهذيب الوديان وحمايتها والاستفادة من كميات مياه السيول التي تهدر وتفقد معظمها حالياً.

20-تشجيع الزراعة المطرية وتطوير تقنيات تحسين استغلال مياه الأمطار والتوسع في استخدام أسلوب حصاد مياه الأمطار على أكبر مساحة ممكنة لأنها تشكل الرافد الذي لا يستهان به في تنمية موارد المياه وتخفف من استنزاف المياه الجوفية والسطحية.

21-إدخال طرق ووسائل الري الحديثة وتحسين الري التقليدي كتقنيات وتكنولوجيا تنمي المورد وترفع كفاءة استخدامه، علماً بان هناك الكثير من التجارب التي اجرتها وزارة الزراعة والري بهذا الخصوص واثبتت نجاعتها وفاعليتها وقد حققت نسب معقولة من النجاح فيجب على الدولة الأخذ بهذه الأسس والمعايير اذا ما ارادت تجنب حصول أزمة حادة وشيكة في منسوب الموارد المائية وكذا اذا ارادت التخلص من زراعة شجرة القات.


#
#
#

شارك برأيك