آخر تحديث :الاربعاء 25 ديسمبر 2024 - الساعة:21:02:25
آراء الشعراء والنقاد الأدباء عن ديوان الشاعرة د.أحلام الدميني" أبجدية امرأة في الحب"
(الأمناء نت)

اصدرت الشاعرة اليمنية أحلام الدميني ديوانها الأول بعنوان ( أبجدية امرأة في الحب, الى رجل يقرأني الان) يتناول الكتاب قصائد شعرية ونصوص نثرية جسدت من خلالها المعنى الحقيقي للحب وللمرأة.

إليكم بعض ما قاله كبار الشعراء والنقاد والأدباء اليمنيين, عن ديوان الشاعرة أحلام الدميني:-
 

  1. أ.د عبد العزيز لمقالح:

المطلوب من الشاعرات الشابات والشعراء الشبان من جيل أحلام الدميني,

أن يتجاوزوا بداياتهم، كما تجاوزت هي، مؤكدة مواهبها الحقيقية والمكتملة كشاعرة ومبدعة متميزة، وقد تمكنت من التحليق بأجنحة تقوى على مواجهة  الرياح والعواصف، كما أثارت إعجابي تماماً مقدمتها، وما طرحت في ثناياها من أفكار جديرة بالتوقف إزاءها ومناقشة دلالاتها ومنها:
الأبجدية امرأة
والحياة امرأة
والحب امرأة
وأضيف إلى ذلك أن (الشعر امرأة) فأجمله ما يأتي منها أو يتحدث عنها، ولذلك فإني لأقرأ بين سطور هذا الديوان شاعرة يمانية تفتخر اليمن بما قدمته وبما ستقدمه مستقبلا في محافل الإبداع.

  1. مقدمة الديوان

المبدعة أحلام الدميني وديوانها "أبجدية امرأة في الحب إلى رجل يقرأني الآن".

.أ. عبدالباري طاهر




شاعرة من أول كلمة حتى آخر حرف. أظن هذه الموهوبة – وبعض الظن ليس بإثم- أنها ولدت شاعرة.

قدمت إليَّ ديوانها فأخذته بحذر شديد. فكثير من الشباب والشابات يستعجلون الإعلان عن أنفسهم قبل أن تلدهم الموهبة أو يلدوها.

اندهشت – والدهشة بداية المعرفة – لمقدرتها على خلق لغة مغايرة ومختلفة لعملة الشعر السائدة والمتداولة. للمبدعة لغة مبتكرة حقاً وصدقاً. الأبجدية في لغتها المبتكرة امرأة، والحياة امرأة، والحب امرأة. (من مقدمة ديوانها.

الشاعرة المسكونة بخلق الأسماء والصفات التي علمها الله أباها آدم (وعلم آدم الأسماء كلها). فالمقدرة على إعطاء المرأة الصفات الأصدق والأعمق هي عتبة مسار طويل للإبداع.

تستطيع أحلام أو تمتلك مقدرة أو فلنقل «معجزة » على تحويل الحكمة الجافة إلى شعر. فهي تغرس الشعر في المألوف والعادي وتولد منهما وفيهما شعراً.. شعراً يتجاوز المجاز والصورة المطروقة.

" أتمنى أن تعرف الرسائل معنى العشق؛ حتى تعلم ما يعانيه العاشقون من مرارة أن ترسل عكس ما ترى"

....

 (في قصيدتها الإهداء) «أتسلق منصة أول حرف باسمك، يعلوها عمود يتدلى بلا أرض"

الافتتاحية ( الإهداء) رحلة حب تصطدم بجدار صلب. القصيدة صور عميقة عن تجربة تنتهي بالطواف حول «الاسم»، وزفرة تنهيد تين: صغرى، وكبرى بهما تهيم.

تمتلك الشاعرة الواعدة خيالاً واسعاً وخصباً تغذيه أو تعبر عنه بلغة رشيقة وصور زاهية ترسم لوحات شديدة الغموض والإيحاء.
....

أما في المقدمة فتماهي بين المرأة والحياة، والمرأة والأبجدية، والمفارقة والمقاربة.. الفكرة ذاتها تومئ لشاعرية ومقدرة إبداعية تجعل العدم وجوداً، والوجود عدماً.

" يزين الدمع ثغري برسم مبسم موشوم باسمه، لا يثمر حرف، لم ينبت من جذوره، ولا شهقة تسبق ذكره، خر المستحيل صريعاً إذا هل حسنه"،
ذكره وجود بذاته، لكأنه حضور دائم لا يغيب، لا تسبقه شهقة؛ لأنه يملؤ الذاكرة والمشاعر، ويمتزج بالروح..

...

الديوان من أول كلمة وحتى آخر حرف (سِفْر حب)، وحياة .. (جسدين بروح واحدة, نحن روحان سكنا بدنا) (كإبداع الحلاج

" يرسمني على جدران غرفته في جميع الاتجاهات، وحيثما ولى وجهه كنت قبلته». الشاعرة أحلام تتحول إلى كعبة العاشق..

في تجربتها الواعدة حد النضج والوفاء بالوعد تجمع بين نزوع حكمة ميخائيل نعيمة، وشاعرية جبران. ديوانها يكاد يكون قصيدة واحدة تعتمد المفارقة في الأفكار كثيراً.

وعلى القصيدة اللقطة أو ما يسميه الأديب الراحل زين السقاف الأقصودة، أو الفكرة المصاغة كمفارقة.
" ضجيجك يشغل حيز فراغ كل العالم داخلي، ويمنعني من سماع انفجار قنبلة"

المفارقة في الضجيج والمنع يضعف المفارقة. فالهدوء هنا أنسب لتزكية المفارقة. ويمنعني من سماع انفجار القنبلة فيه إرادوية. والأنسب للمفارقة هو الصم.. ويصم أذني.

...

تمتزج مفارقة الفكرة بشاعرية.. تعلمت أحلام الأسماء كأبيها آدم، ولكنها تعطي للأسماء معانٍ ودلالات مختلفة ومغايرة عن المعتاد. والمتداول والمعروف, فالشهيد كبرياء الحب، والماء ليس هو الماء، والوردة مسلمة لا شية فيها فالحب واهب الحياة، وبارئ الصورة

الحب عند ابن عربي دين وإيمان، ولكنه، عند الشاعرة كل تفاصيل الحياة.. إنه المعنى العميق للسمع، والإبصار، والعيش، والشرب.

أحلام تتحول أو تصبح وتمسي قبلة عاشقها، عكس قيس ابن الملوح الذي يجعل ليلى مصلاه وقبلته.

أراني إذا صليت يممت نحوها
بوجهي ولو كان المصلي ورائيا

قيس الشاعر العاشق المجنون يحول معشوقته قبلته، أما أحلام فهي من يجعل عاشقها ييمم وجهه نحوها.

...

لدى الشاعرة الكون كله رجل وامرأة، شاعر وقصيدة. الديوان (سِفْر عشق) من يائه إلى ألفه.

في القصيدة يجتمع الحوار الداخلي: المونولوج، والديا لوج. في النصف الأول من الديوان تتجلى العاطفة وتتسامق، أما في النصف الآخر فتطغى التجربة الحياتية الأميل للعقلانية، وفيها يقوى الرأي شيئاً فشيئاً على حساب دفق العاطفة..

...

في قصيدة "تنهيدة رجل» فكرة شاعرية بامتياز تمتزج الحكمة بالشعرية بمستوى رفيع من الإبداع. مدرسة جبران خليل جبران، والشاعر الحكيم ميخائيل نعيمة، وبعض رموز الصوفية الكبار ابن عربي، والحلاج، وابن سبعين، وابن الفارض، وابن علوان، والبرعي، وعبد الهادي السودي، والنفري, هم الرموز الخالدة في مزج الحكمة بالحب، بالشعر، بل تحويل الحكمة إلى محبة، والمحبة إلى شعر خالد و متجاوز. فمزج الشعرية بالسرد، بالقص -كما في «منطق الطير»- عند فريد الدين العطار، أو «المثنوي» لجلال الدين الرومي لون رفيع وراقٍ من الآداب الإنسانية التي تمثل أسمى ما في الآداب الإنسانية.
...

الشاعرة الواعدة والمبشرة أحلام تتلمس طريق الإبداع، وديوانها أول بشارة بوعد صادق، بإبداع يكون له شأن -أي شأن- في مستقبل ليس بالبعيد!
.
.

م2018/6/6

باحث في مركز الدراسات والبحوث اليمني
عضو المجلس التنفيذي لاتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين
رئيس نقابة الصحفيين اليمنيين سابقاً
رئيس الهيئة العامة للكتاب والنشر حالياً- اليمن

  1. الناقد الأدبي الدكتور قائد غيلان

28/10/2018

"أبجدية امرأة في الحب .. إلى رجل يقرأني الآن" هو الديوان الشعري الأول للشاعرة اليمنية أحلام الدميني

 وهو ديوان شعري جريء ومثير ابتداء من العنوان، فهو

 " أبجدية امرأة" أي ألف بائها التي تشكل عالمها الإبداعي، والأبجدية ليست مجرد رموز مجرّدة، ولكنها طاقة مواجهة حين ترتبط بالحب. ثم يأتي العنوان الفرعي ليحل ما غمض في العنوان الرئيسي، ويخصص ما كان عاما، فهو رسالة أو خطاب

 " إلى رجلٍ يقرأني الآن". نحن هنا أمام خطاب شعري مؤنث يتخذ الرجل، أيّ رجل في أي مكان وفي أي زمان هدفا لرسالته، إنه حوار مفتوح بين كاتبة النصوص وأي قارئ سيصل إليه النص. إن زمن كتابة النصوص ليس هو الزمن الذي كتبت فيه الشاعرة قصائدها، بل لحظة القراءة، اللحظة التي تقرأ أنت فيها النص هي لحظة إرسال الرسالة.
هكذا تصبح النصوص حواراً بين "امرأة" تكتب أبجديتها و

رجل" يقرأها الآن، فالمفاتيح الرئيسية هي ( امرأة، الحب،

 رجل)  امرأة ورجل نكرتان وحب معرّف. هذا الحوار يتجلى في النصوص داخل الديوان، فهنالك تسع عشرة قصيدة تحتوي على الحوار بين رجل وامرأة باستخدام "قال وقلت"، في النصوص التالية:
في الومضات:
الومضة 29 ص: 29
الومضة 36 ص: 31
الومضة 39 ص: 32
الومضة 66 ص: 39
الومضة 69 ص: 40
الومضة 70 ص: 40
الومضة72 ص: 41
الومضة 74 ص: 42

في القصائد:

الماء ص:56
أنا الحياة ص:78
أربعة أحرف ص: 91
احتلال ص: 95
كوني حياتي ص:98
وجه الكتاب ص: 99
طعنة الخنجر ص: 101
رسالة ص: 113
ربّ الكاحل والكحال ص: 127
اقتراب وابتعاد ص: 170
حقيقة ثروة ص: 198

ومع ذلك تبقى ثنائية ( أنا _ أنت ) أو ( أنا _ هو ) ملتبسة، فالآنا قد تشتمل الآخر. والآخر قد يكون ذائبا في الأنا، وذلك ربما هو ما دفع الأستاذ عبدالباري طاهر لإدراج الديوان ضمن نصوص التصوّف، وخاصة في مسألة الحلول:

" " إذا رأيتموني يوماً أكتب
(أنا)
فاعلموا أني أنادي على غائب،
لذلك
"( أنا حياتي)
الديوان، ص: 24

هكذا تصبح الكتابة عن الذات نداء للآخر وحوارا مفتوحا معه وحلولا فيه أو احلاله في الذات، إن ذلك الآخر ما هو إلا غائبا يحمل معه ذات الكاتبة، فهي عندما تكتب عن ذاتها إنما تستحضر الآخر في ذاتها وتخاطبه وجها لوجه أو قلبا لقلب، وبدلاً من أن تقول ( أنت حياتي ) تقول ( أنا حياتي ) ف" أنت " قد أصبحت ذائبة في الأنا و جزءا منها. وهذا شكل من أشكال " الحلول" عند المتصوّفة، حين تضيع المسافة بين العاشق والمعشوق "أنا من أهوى ومن أهوى أنا"، و " سبحاني ما أعظم شأني""
وإذا كانت الكتابة فعل ذكوري والقراءة فعل أنثوي حسب التحليل النفسي، فإن ذلك يظهر في العنوان بشكل معكوس، اذ تصبح المرأة هي مالكة الحرف ومنجبته ومنتجته، وينتقل الرجل إلى دور المتلقي السلبي الأنثوي " القراءة"، وعند الانتقال إلى النصوص نجد قصيدة تخرج عن هذا المنحى، وتعيد الأمور إلى نصابها:
 الحرف: رجل يكتب الإحساس رواية"
والمتعة: امرأة تتسلى بالقراءة "
الديوان، ص:36
يعود هنا الرجل ليستعيد دوره الذكوري، وترجع المرأة إلى دور المتلقية، لكنها تفعل ذلك بوعي فطري انطلاقا من أنوثتها، فتوظف المتعة والتسلية في عملية التلقي، بينما يقوم الرجل بدوره بجديّة مفرطة، فيكتب الإحساس ( وهي عملية سهلة ) على شكل رواية.
يشكل الديوان خطابا أنثويا جريئا، يعلن عن الذات بوضوح، في مواجهة ثقافة التغييب التي تتعرض له المرأة، إنه يتحدى الآخر، في نفس الوقت الذي يبني حوارا معه، إن الشعر ليس حكرا ذكوريا، فالمرأة لها أبجديتها الخاصة، ومن حقها أن توظفها كما تشاء، وخاصة في موضوع الحب الذي يعد موضوعا خطرا يتحكم به المجتمع ممثلا بالرجل.
إن هذا الديوان رسالة شجاعة لذلك الآخر/ الرجل، الرجل بشكل مطلق ،أيّ رجل يقع الديوان في يده ويباشر فعل القراءة في تلك اللحظة ذاتها، لحظة القراءة قبل أن تتسرّب الى ذهنه أحكام خارجية قادمة من المحيطين أو من أعماق ذاكرته.
إنها شاعرة شجاعة تتطوّع في التقدم إلى الصفوف الأمامية للناس مخاطبة المجتمع، وهي تضع صورتها في الغلاف كتعبير عن حضورها القوي اسماً وصورةً وتعبيرا، وصورتها المنقّبة، وهي مفارقة ذات دلالة، تتكرر إلى جانب اسم الديوان في كل صفحة، لتقول ها أنا ذي، أنا هي من كتبت هذا، وها أناذي أراقبك يا من تقرأني الآن من أعلى كل صفحة، إنه الإلحاح على حضور الذات، مقابل فرص التغييب التي تنتظر الديوان كما انتظرت قبلها جهود كاتبات كثر وحطمت أغلبهن. إنها تظهر بقوّة، تجعلك تحس ذلك من أول وهلة تمسك بها الديوان، إنه ديوان ثقيل الوزن كبير الحجم، جميل الشكل، أنيق الإخراج، يجبرك على إسناد يدك باليد الأخرى، فتحس أنك أمام ديوان مختلف، ديوان يراهن على القوة والحضور الأنيق والجمال.
إنه ديوان مطرّز بالعتبات الجميلة؛ فكلمة الدكتور المقالح تتصدر الغلاف الأخير، وهي كلمة تزكي الديوان وتشهد لصاحبته، يليها مقتطف من مقدمة الأستاذ عبد الباري طاهر، يشرح مضمون الديوان وموقعه في خريطة الأدب العربي، ثم كلمة كاتب هذه السطور، وهي تعبير عن الإعجاب والدهشة بين يدي الكتاب. كل تلك العتبات، بالإضافة الى العنوان المدهش المثير واللوحة الفنية الرائعة التي تتصدر الغلاف الأمامي، كل ذلك يجعلك تدخل إلى الديوان وأنت مطمئن أنك لن تجد فيه إلا الشعر والحب والجمال.

وقال أيضا عن ديوانها مرة أخرى أ. د. قائد غيلان

        تأتي كلماتٌكِ مثل حبّاتِ الكَرَز, عنّابية اللون مرجانيةَ الاتساق, وكأنّكِ تطعمينها عناقيدَ العنب وحبّاتِ الرمّان عند كل صباح. طوبى لمن كان له مكانُ في واحدةٍ من أغانيك, وطوبى لكلّ الطيورِ الأنيقة التي تأتي إليكِ وتغنّي معكِ.

  1. الشاعر الأستاذ فؤاد المحنبي

24/10/2018

النبوة والشعر ، الأنبياء والشعراء، هما _لا سواهما _ المهنتان اللتان يختلف الناس حولهما بين متبع ومكذب، بين محبٍ وقالٍ، بين محالفٍ ومعارض،
الأنبياء والشعراء سورتان من سور كتاب الله الكريم اللتان اصطفاهما الله تعالى ليختارهما بهذا التشريف في سور القرآن من بين جميع المهن،
هذا بحد ذاته يضع على عاتق الشعراء مسؤولية عظمى في قول الحق والانتصار للحق والخير والجمال لأن الشعر كلام متبع وقد ذم الله تعالى الشعراء المغوين الذين يتبعهم الغاوون ليكون في ذلك إشادة بالشعراء الهادين الذين يتبعهم المهتدون، الأنبياء يتلقون وحيهم من السماء وقد اصطفاهم الله تعالى من بين بعض ذكور الخلق، ليصدعوا بالحق لا بسواه،
وإذا كان المولى عز وجل هو من علم الأنبياء ما لم يكونوا يعلمون (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) فهو تعالى الذي علم الشعر من يشاء ويختار من ذكور خلقه وإناثهم

أيضا، قال الله تعالى (وما علمناه الشعر) أي أن الشعر أمر يعلمه  الله تعالى من يشاء ويختار ولم يقل جل شأنه ( وما علمناه الكهانة) ولم يقل ( وما علمناه السحر) فجعل للشعر شأنا رفيعا يُتَعلَم من لدنه وحده جل جلاله وجعل لأولئك الشعراء رسالة النصر والانتصار للحق والخير والجمال بوحي منه تعالى بروح القدس، وجعل للشعراء المغوين وحيا سفليا تتنزل عليهم الشياطين فيوحون إليهم برسالة الباطل والشر والقبح يناصرونها فيغوون بها من يتبعهم، قال تعالى ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.)
واليوم وعلى حاشية واحدة من زياراتي لأستاذ ودكتور الأجيال العربية من الأدباء والشعراء الدكتور عبد العزيز المقالح، حالفني الحظ بلقاء الشاعرة المبدعة أحلام الدميني، أخافني حجم ديوانها أبجدية امرأة في الحب إلى رجل يقرأني الآن، الطبعة الأولى 2018م.
الخوف جاء من تعودنا على حجم المنشور والمطبوع الذي تراه كبيرا في حجمه وصغيرا في معناه، ولكنني أعترف بقدرة الشاعرة أحلام على الأسر والإدهاش لقارئيها من أول كلمة في العنوان، وقد قلت لها:
-
هناك خبر سيء سيسعدك ،ديوانكِ الذي بين يدي أصبحت كل أوراقه تقريبا معطوفة، لأنني قررت أن أثني طرف الصفحة حين تسحرني القصيدة. وخلعتُ ضرس العقل.. في آخر صفحة من ديوانكِ.. أكيد كان يستحق أكثر من الخلع.
عندما تكتب هذه الشاعرة تحس بالفعل أنها تعيد أبجدية الحرف وتهتم بإعادة صياغة تراكيب المعنى بتدفق ساحر وعجيب، لا يصدر إلا من متمكنة باللغة والصورة والموسيقى، أدهشني أيضا قدرتها المذهلة على صياغة ما لا يمكن التجول في ثناياه شعرا لتصبه في قالب من الجمال، بكل صراحة أحس بشيء من الفخر والأمل في شاعرات اليمن حين تكون فيهن أحلام الدميني، أو يكون في مكتباتنا إبداع مواز لأحلام الدميني.

 

  1. إطلالة على الديوان

لقد أطلعت على ديوان الشاعرة المخبرية الأسنان والحاصلة على بكالوريوس تربية إنجليش (أحلام الدميني), عندما كان مكتوب في مجموعة من الأروق كملزمة كبيرة قبل أن يطبع, وقد استمتعت وأنا أتصفح قصائد الديوان قصيدة قصيدة , وكنت أمام شاعرة شابة تسكب عبير الكلمات بإلهام ووحي رباني وبالفطرة, لم تتطلع الشاعرة أحلام الدميني على ديوان الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح والعنوان (أبجدية الروح),إن الموهبة الشعرية هي التي تجعلك تتفق مع شعراء عظام أمثال الشاعر الاستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح, وعنوان الشاعرة أحلام الدميني لديوانها (أبجدية امرأة في الحب) مبين وموضح فلو قالت (أبجدية امرأة) لكان مبهم أبجدية امرأة بماذا؟ في القراءة والكتابة أم أبجدية امرأة في الخُلق! ولكنها قالت أبجدية امرأة في الحب, وهنا رفع الإبهام وزال الظن والاعتقاد. وكان أخر إصدارات الأستاذ الدكتور المقالح ديوانه الذي هو قديم من حيث الموضوع ولكنه حديث من حيث الطبع وهو ديوان (الحب), مثل ما هو عند الشاعرة الشابة أحلام الدميني, لكنها ذيلت العنوان بموضوع جديد ومدهش وبديع ومبتكر وهو متصل بعنوان الديوان حيث قالت (إلى رجل يقرأني الآن)

 لم تطلع الشاعرة على تجارب شعرية سابقة, وعندما شبهت ما تكتبه بالصوفيين الكبار القداماء, قالت:" لقد شبهتني بالعمالقة الذين لم أسمع عنهم, ولم أقراء لهم, لكني كنت أراني هم ".

 ثم بدأت تسأل عن دواوين الشعراء الصوفية أمثال العارف بالله الشيخ الولي (أحمد بن علوان) والعارف بالله الشيخ المصلوب ظلماً(أحمد بن الحسين ) الملقب بالحلاج. والشيخ العارف بالله (ابن الفارض). وهي تخطو خطوات موفقة نحو غيرهم من شعراء الصوفية .وعصرنا الحالي بحاجة الفرد فيه للرجوع للتجارب الصوفية في ظل هذا الركام الهائل من الزيف والاقتتال من أجل السلطة والمال, عملا بقوله تعالى " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا و العاقبة للمتقين"

إن الشاعرة الشابة (أحلام الدميني) تكتب القصيدة ببراءة ما بين التفعيلة والنثر والعمودي, وبنفس طويل وهي ضمن القليل من الشعراء الحداثة اليوم, الذين يكتفون بإشارة مختصرة واكتفى كقصيدة متأثرين بقول (النفري) "كلما أتسعت الرؤية, ضاقت العبارة". 

و(للنفري) كتابان الأول اسمه "المواقف" والآخر (المخاطبات). ويقول (النفري) إنه كَتب هذان الكتابان عن إلهام من الله. يقول في إحدى المواقف " أوققني الله وقال لي: هناك جعلت لك الغيبة مسرحا فذكرني بذكري الذي أحببت أن أذكر به فإني لا أقفك في الغيبة ولا أرضى بمثواك في العبارة, فأنصبها لك أبوابا وطرقا فإذا رأيتني أحرقت ما جئت به".

فالشاعرة الشابة أحلام الدميني عندها هذا التضمين وكثيرة فيه ففي قصيدتها في ص 48 تحت عنوان (صمود) تقول:

" لن أفتح ستار الحقيقة أمام المشاعر

وسأبتسم في وجه الظل

كي يبقى المطر على براءته

حتى وإن داهمتها عواصف

الوجوم القصي"

فهذا الإيجاز عند الشاعرة لعنوان الصمود, نجد أن مفردة الصمود عميقة وطويلة ولكنها عبرت عنها بهذا الموجز والغير مخل بما تفتضيه  العبارة "كلما أتسعت الرؤية ضاقت العبارة"  وهنا عمق الإيجاز والاستفتاء بما يراد قوله. والديوان مليء بهذا التنصيص الموجز ويمكن الرجوع إلى الديوان لمن أراد الاستزادة وذلك في الصفحات التالية ص53, ص 80, ص 111, ص 133, في تلك الصفحات المشار إليها آنفا نرى الشاعرة الشابة أحلام الدميني تفيض بالكثير من هذا النوع الشعري, وأنا على ثقة تامة من أنها لم تقرأ ( المواقف والمخاطبات) للنفري, وإنما فطرتها الشعرية  هي التي ساقتها إلى مثل ذلك الإيجاز والاقتضاب الشعري,

وأول ما أوجز في الكلام هو الله عز وجل إذ يقول الله: إنه من سليمان وإنه بسم الله  الرحمن الرحيم. ألا تعلوا عليَّ وأتوني مسلمين" فلم يقول: إنه من نبي الله سليمان إلى ملكة اليمن (بلقيس) لقد أخبرني عنكِ الهدهد أنكِ ملكة لها عرش عظيم وتعبدي أنتِ وقومكِ (الشمس)...الخ, أوجز في الرسالة موجز غير مخل في الكلام.

لقد مدح الرسول (محمد) صلى الله علي وسلم من قبل شعراء عديدين بمديح طويل قاله: (البوصيري) و(أحمد شوقي) و (محمد سعيد جرادة), وقد أطال هؤلاء الشعراء وغيرهم من مديح الرسول (محمد) صلى الله عليه وسلم. وقد مدحه بإيجاز الشاعر العظيم شاعر الرسول (محمد) صلى الله عليه وسلم (حسان بن ثابت) إذ يقول:

" وأحسن منك لم تر قط عيني

   وأجمل منك لم تلدي النساء

    خلقت مبراءً من كل عيب

    كأنك قد خلقت كما تشاء"

ولشاعرة أحلام الدميني الدميني كذلك مطولات غير مخله في طولها ونجد هذا التطويل متماسك ومسبوك ويمكن للقارئ الكريم أن يرجع لديوان إن أراد أن يعرف ذلك وسوف نُهديه إلى صفحات تلك المطولات وهي كالتالي ص 17, ص 21, ص 45, ص 91, ص 58, ص 61, ص 68, ص 75, ص 78, ص 84, ص 87, ص 104, ص 139, ص 143, ص 150, ص 157, ص 162, ص 174, ص 184, ص 205, ص 212, ص 227, ص 2339, ص 245

كان لابد من هذه الوقفة للحديث عن الإطالة والإيجاز حتى نضع الشاعرة الشابة (أحلام الدميني) في مصاف العصر الذين أجازوا وأطالوا بالقصيدة بدون إخلال يذكر من قريب أو بعيد.

إن الشاعرة الشابة (أحلام الدميني) في أول ديوان لها ولم يؤخذ عليها مأخذ, كما هو الحال عند الكثير من الشعراء المعاصرين في أول أعمالهم, فيتخذون الحيطة والحذر في أعمالهم الشعرية اللاحقة. في لغتها استقامة المعنى والمبناء والصور البلاغية والإملاء والوقع النحوي كله متماسك بعضه البعض. ولا يسعني في نهاية هذه الإطالة إلا أن أتمنى التوفيق للشاعرة الشابة العربية المبدعة (أحلام الدميني) في أعمالها القادمة.

 

                                        أ/ مأمون سلطان الربيعي

                                          3/أغسطس/2018م

                                                صنعاء

                                      باحث في الدائرة الأدبية

                              في مركز الدراسات والبحوث اليمني

                             وعضو في اتحاد الأدباء والكُتاب اليمنيين




شارك برأيك