آخر تحديث :الاثنين 17 مارس 2025 - الساعة:05:52:00
لماذا ندم الحوثيون على قبول "استوكهولم"؟ وما وراء مواصلة ممثليهم تعطيل عمل اللجنة المشتركة في الحديدة؟
(الأمناء نت / غرفة الأخبار )

أجرت ميليشيات الحوثي الانقلابية مؤخراً تغييراً على المناهج الدراسية لطلاب المدارس والجامعات اليمنية، بقصد تغيير الهوية اليمنية بأفكار طائفية، وتفخيخ عقول الأطفال والشباب بأفكارهم المستوردة من إيران.

 

فخلال العامين الماضيين؛ أجرت الميليشيا، المدعومة من إيران، تعديلات كبيرة على المناهج التعليمية في عدد من المواد الدراسية، منها مادة الثقافة الإسلامية لطلاب الجامعات اليمنية، والتي أدخلت فيها الكثير من الدروس ذات الصبغة الطائفية المستنسخة من التجربة الإيرانية.

ووصف معمر الإرياني، وزير الإعلام اليمني، وفق ما نقل موقع "العين" الإخبارية، ما قامت به المليشيا من تغيير في المناهج التعليمية وإقحام الأفكار الإيرانية الطائفية في المواد الدراسية، بأنها "محاولة لتدمير الهوية والنسيج والسلم الاجتماعي في اليمن".

وحذّر الإرياني مما أسماه "حوثنة التعليم"، وأكّد في تغريدات له على صفحته بموقع تويتر؛ أنّ "هذا الأمر يمثل تهديداً خطيراً، وستكون له عواقب وخيمة، ليس على اليمن فحسب؛ بل المنطقة العربية عموماً، ما لم يتم التدارك قبل أن يتغلغل الفكر الخبيث والمتخلف في عقول هذا الجيل والأجيال القادمة".

 

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أنّ الخطورة تكمن في أنّ تلك الأفكار الطائفية والخرافات التي يدعيها الحوثي، وكان يتم تدريسها فقط فيما يسمى بالدورات الثقافية لمن يوالونهم، باتت في صلب العملية التعليمية بالمدارس والجامعات والمعاهد اليمنية.

من جهته، أكّد وائل الحمادي، وهو معلم في إحدى المدارس اليمنية، أنّ إجراء التغييرات في المنهج التعليمي هو في الأساس حرب غير معلنة ضدّ اليمن واليمنيين، لا تقلّ ضراوة عن تلك التي يخوضونها في جبهات القتال على امتداد التراب اليمني، لكنّها وبكلّ تأكيد ستكون أكثر ضرراً على البلد، وعلى مستقبل الأجيال القادمة.

وأوضح الحمادي، أنّ "الهدف الأساسي هو إلغاء الهوية اليمنية، وصناعة جيل مسخ ومشوّه، يحمل أفكاراً سلالية وطائفية خاطئة كاذبة، تناسب وتخدم مخططات ملالي إيران، ليصبح في نهاية المطاف هذا الجيل أشبه بقنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أيّ وقت لتدمير الوطن وإيذاء دول الجوار".

وفي سياق متصل؛ أكّد الناطق الرسمي باسم مركز سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، سامر الجطيلي، أنّ عملية التجنيد تبدأ في المناطق التي تخضع لسيطرة العصابات الحوثية عن طريق المدارس؛ من خلال البرامج المكثفة التي يقدمها عدد من الحوثيين، وتدير عملية ممنهجة لتغيير الأفكار في هذه المدارس، كما أقدمت هذه العناصر في وزارة التعليم على تغيير المناهج، وأصبحت المناهج الجديدة تقوم على تلقين الأطفال الطائفية وغرس قيمٍ تقوم على كراهية الآخر واعتبار العنف والقتل وسيلة حل الصراعات، ومع هذا التغيّر الفكري؛ يخضع الطالب إلى دورات عسكرية مكثّفة يتعلم من خلالها حمل السلاح والانتظام ضمن مجموعات قتالية، ثم بعد ذلك يتم أخذ الأطفال إلى الجبهات.

وأضاف الجطيلي، في تصريح صحفي لصحيفة "البيان"؛ "تستخدم وسائل أخرى لتجنيد الأطفال؛ مثل الإغراء بالمال للطفل أو لأبويه، أو سياسة الضغط والتهديد والابتزاز، كما سجلت عمليات اختطاف للطلاب من المدارس والزجّ بهم في الجبهات".

ويؤكّد أنّ تجنيد الأطفال جزء من ثقافة المعركة لدى العصابات الحوثية؛ حيث إنّ وسائل التواصل الاجتماعي تمتلئ بصور الجنود الأطفال الذين يكرمون كشهداء لجماعة الحوثي، كما تنتشر آلاف من الصور للأطفال المجندين لدى الحوثي الذين يحملون السلاح والفيديوهات التي تصور الأطفال المجندين وهم في الجبهات ومعسكرات التدريب.

 

ندم الحوثيين على قبول "استوكهولم"

من جانب اخر، جدّد قادة الجماعة الحوثية أمس إبداء ندمهم على قبولهم «اتفاق السويد» الشهر الماضي، وذلك في الوقت الذي استمر ممثلو الجماعة في اللجنة المشتركة لإعادة تنسيق الانتشار، التي يرأسها الجنرال الهولندي باتريك كومارت، في تعطيل عمل اللجنة ورفض المقترحات الإجرائية لتنفيذ الاتفاق الخاص بالانسحاب من الحديدة والموانئ الثلاثة.

وفي أحدث تصريح لقيادي في الجماعة الحوثية، اعتبر وزير الجماعة الحوثية في حكومة الانقلاب غير المعترف بها حسن زيد موافقة جماعته على اتفاق السويد خطأ استراتيجياً لجهة أن جماعته خسرت الكثير من الأوراق الإنسانية التي كانت تزايد بها في أروقة المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وأصبحت الأنظار مسلطة فقط على تعنت الجماعة ورفضها تنفيذ الاتفاق. وقال القيادي زيد الذي يعد ضمن المطلوبين للتحالف الداعم للشرعية على قائمة الأربعين في منشور على «فيسبوك» أمس: «ما بعد مشاورات السويد ليس كما قبلها»، إذ إن المشاورات امتصت «الحملة الإعلامية والحقوقية (التي كانت تتبناها الجماعة) في وسائل الاتصال العالمي وكذلك في الهيئات والمنظمات الرسمية والأممية والجماهيرية»، على حد زعمه. واعترف زيد بأنه عوضاً عن ذلك، بات التركيز حالياً «على العراقيل والمعرقل لتنفيذ الاتفاق وتفاصيل الاتفاق وكيفية تنفيذه»، معتبراً أن «الشيطان»، على حد تعبيره، أدخل جماعته «في نفق مظلم» جراء الموافقة على اتفاق السويد.

وكان زيد في وقت سابق مع قيادات حوثية أخرى دعا إلى طرد رئيس فريق المراقبين الدوليين ولجنة إعادة الانتشار الجنرال كومارت، بعد رفض الأخير مسرحية الجماعة التي حاولت تمريرها وإيهام المجتمع الدولي بانسحابها من ميناء الحديدة بعد أن سلمته إلى قوات أمنية من عناصرها ألبستهم زي قوات خفر السواحل. وكان المتحدث باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام قد وصف قبل أيام الجنرال الهولندي بالضعف وعدم القدرة على تنفيذ مهمته، داعيا المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى التدخل من أجل إنقاذ الموقف.

وبحسب مصادر حكومية، لا يزال ممثلو الجماعة الحوثية في لجنة تنسيق إعادة الانتشار يرفضون حضور اجتماعات مشتركة مع ممثلي الحكومة الشرعية، وذلك بالتزامن مع استمرار الجماعة في التصعيد الميداني وانتهاك وقف إطلاق النار بالمزيد من الهجمات وحشد المسلحين وإطلاق الصواريخ والقذائف في مختلف مناطق محافظة الحديدة.

وفي أحدث تعليق للأمم المتحدة، على ما يدور في الحديدة، أعلنت المنظمة الدولية على لسان المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك خلال مؤتمر صحافي، مساء أول من أمس، أن الجنرال الهولندي باتريك كومارت، رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة اضطر الأسبوع الماضي للقيام برحلات مكوكية بين أعضاء اللجنة المشكلة من طرفي الصراع في اليمن بسبب «عدم القدرة على عقد اجتماعات مشتركة». وقال دوجاريك إن «رئيس اللجنة اجتمع مع كل من الطرفين مرتين خلال الأسبوع الماضي، سعياً لإيجاد طريقة مقبولة لكل منهما بشأن إعادة نشر القوات من الموانئ الثلاثة، والمناطق الحساسة من الحديدة والمرتبطة بالمنشآت الإنسانية، وذلك تنفيذاً لما هو منصوص عليه في المرحلة الأولى من اتفاق استوكهولم».

ورداً على أسئلة الصحافيين بشأن إخفاق الجنرال كومارت في عقد اجتماعات مشتركة لأعضاء اللجنة، اكتفى المتحدث الأممي بقوله: «عندما يتمكن الجنرال كومارت من عقد هكذا لقاءات فإنه سيقوم بعقدها»، مشيراً إلى أن الضابط الهولندي المتقاعد «يواصل تشجيع الأطراف على استئناف الاجتماعات المشتركة من أجل وضع خطة إعادة انتشار متفق عليها».

وكشف دوجاريك أن الجنرال الهولندي يقوم حالياً في إطار اللجنة التي يترأسها بإجراء مناقشات بخصوص كيفية تسهيل العمليات الإنسانية، وذلك بعد أن كانت الجماعة الحوثية رفضت مقترحاً سابقاً وافق عليه ممثلو الجانب الحكومي ويتضمن فتح الطريق الجنوبية الشرقية وتسيير قافلة غذائية من ذات الطريق باتجاه صنعاء انطلاقاً من ميناء الحديدة.

وعلى الرغم من مرور شهر على انتهاء مشاورات السويد، فإن مجمل ما تم التوصل إليه بشأن الحديدة وتعز وملف الأسرى لا يزال حبراً على ورق، باستثناء بعض الآمال التي تلوح حول إمكانية حدوث اختراق في ملف الأسرى والمعتقلين المقرر أن يتم التشاور حوله في العاصمة الأردنية عمان.

وفي تصريحات سابقة لوزير الخارجية اليمني خالد اليماني، أكد أن شيئا لم يتحقق رغم مرور شهر على اتفاق السويد، ولم تنسحب ميليشيات الحوثي من الموانئ ومن أي مكان، ولم يتم التوافق على إجراءات بناء الثقة. وكشف اليماني أن البعثات اليمنية والسعودية والإماراتية ستبعث تقريرا مفصلا إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن حول انتهاكات وخروقات الحوثيين. وقال اليماني إن «الحوثيين لم ينفذوا أي اتفاق معهم، وهناك أكثر من 75 اتفاقاً منذ الحروب الست معهم». وأشار إلى أن اليمن اليوم تحت الإشراف الدولي، وهناك تفويض أممي من القرار 2451، واصفاً مهمة رئيس بعثة المراقبين الجنرال كومارت بالصعبة، لأنه يتعامل «مع عصابات منفلتة لا تحترم القانون الدولي ولا أي اتفاق»، على حد قوله.




شارك برأيك