آخر تحديث :الاربعاء 13 اغسطس 2025 - الساعة:15:17:27
أجمل وأروع مافي الزمن
(الأمناء نت / كتب / المحامي محمد علي الطشي)

نظرية غوبلز (وزير الدعاية الألماني إبان حكم هتلر) في السيطرة على العقول وفق نظرية التأطير، والتي أصبحت وسيلة مهمة في تمرطير السياسات فيما بعد.
 
إليك هذا المثال: عندما تزور صديقا لك في بيته ويسألك: تشرب شاي أو قهوة؟ فإنه يستحيل أن يخطر ببالك أن تطلب عصيرا مثلا، وهذا الوضع يسمى "أسلوب التأطير"، فهو قد جعل عقلك ينحصر في اختيارات محددة فرضت عليك لا إراديا، ومنعت عقلك
من البحث عن جميع الاختيارات المتاحة. بعضنا يمارس ذلك بدون إدراك، وبعضنا
يفعله بهندسة وذكاء. والقوة الحقيقية عندما نمارس هذا الأسلوب بقصد، وعندما أجعلك تختار ما أريد أنا بدون أن تشعر أنت.
 
تقول أم لطفلها: ما رأيك..هل تذهب للفراش الساعة الثامنة أم التاسعة؟ سوف يختار الطفل الساعة التاسعة، وهو ما تريده الأم مسبقا دون أن يشعر أنه مجبر على فعل ذلك، بل يشعر أنه هو من قام بالاختيار.
 
ونفس الأسلوب يستخدم في السياسة والإعلام، ففي حادث تحطم طائرة تجسس أمريكية
في الأجواء الصينية وبعد توتر العلاقات بين البلدين، خرج الرئيس الأمريكي وقال: إن الإدارة الأمريكية تستنكر تأخر الصين في تسليم الطائرة الأمريكية. جاء الرد قاسيا من الإدارة الصينية بأنهم سوف يقومون بتفتيش الطائرة للبحث عن أجهزة تصنت قبل تسليمها! الحقيقة هنا، هو أن القضية هي هل تسلم الصين الطائرة لأمريكا أم لا؟ ولكن الخطاب الأمريكي جعل القضية هي التأخر! لماذا تأخرتم، فجاء الرد الصيني أنهم قبل
التسليم سوف يتم تفتيشها وهذه موافقة مضمنه على تسليم الطائرة. لكن متى أراد الصينيون ذلك.
 
وفي حرب العراق الأخيرة كانت المعركة الفاصلة معركة المطار، فقامت وسائل
الإعلام بتعبئة الطرفين على أن المعركة الحاسمة هي معركة المطار، فأصبحت جميع وحدات القوات المسلحة العراقية تترقب هذه المعركة، وعندما سقط المطار شعر الجميع أن العراق كله سقط وماتت الروح المعنوية! بالرغم أنه في ذلك الوقت لم يسقط سوى المطار!
 
والآن تلعب وسائل الإعلام نفس اللعبة في مجتمعاتنا المنهكة بالجهل وانعدام الوعي. هذا أسلوب واحد من عدد كبير من الأساليب التي تجعلك لا ترى إلا ما أريد أنا، وهو أسلوب قوي في قيادة الآخرين والرأي العام من خلال وضع خيارات وهمية تقيد تفكير الطرف الآخر!
 
وهكذا الإعلام، دائما ما يضع الحدث في إطار يدعم به القضية التي يريدها، انتبه لكل سؤال يقال لك، أو خبر، أو معلومة تصلك، فإنه قد يسلبك عقلك وقرارك وقناعاتك، سوف يقيدك. كثير من المذيعين يضع ضيفه في الزاوية والصف الذي يريده.
 
كلما زاد وعي الإنسان ومعرفته استطاع أن يخرج من هذه الأطار والقيود، وهذه الأطار هي لعبة الإعلام والسياسة والخطباء والكتاب، لكي يقودونك إلى مايريدون هم، لا ما تريده أنت.
تحياتي.


#
#
#
#
#
#

شارك برأيك