- ناشط موالي للحوثي يفجرها مدوية .. الوزارات في صنعاء تحولت الى مكاتب لنهب المواطنين وابتزازهم
- عاجل : تجدد القصف الجوي على مناطق بشمال اليمن
- نائب مدير المياه يشرف على أعمال الصيانة في خطوط المياه بحقل المناصرة
- فريق من أمن الطيران يطلع على سير الإجراءات الأمنية في مطار سقطرى الدولي
- تنديداً بجرائم الحوثيين وقفة احتجاجية حاشدة في حيس تدعو لتحرك دولي عاجل
- بحضور رسمي وجماهيري.. مديرية المسيمير (الحواشب) تودّع الشهيد البطل عبد العليم حسن الحوشبي
- مليشيا الحوثي تقول إنها استهدفت قاعدة إسرائيلية بصاروخ بالستي
- مهلة شهرين لشركات الصرافة لتجديد التراخيص
- المحافظ بن ماضي يطلع على خطة عمل مؤسسة كهرباء وادي وصحراء حضرموت للعام 2025م
- مناشدة أممية لحماية مطار صنعاء خلال الصراع الإسرائيلي الحوثي
الحديث عن فارس الخبر في بلاط صاحبة الجلالة وعلم من أعلامها، حديث ذو شجون ويقتضي إفراد صفحات عدة تليق بمقامه. فشخصية إعلامية كبيرة مثل الأستاذ عبد الباسط السروري، لا يجب المرور أمامها مرور الكرام أو إلقاء كلام عابر في حقه والسلام، لا والله؛ فالإعلامي المناضل والأب الروحي لعديد من الصحفيين اليمنيين في صحيفة 14 أكتوبر، الحكومية في جنوب اليمن، كان قلمه سلاحه، وموهبته، التي أشاد بها الجميع، جواز مروره إلى قلوب قرائه.
برز الصحفي عبد الباسط السروري مناضلا، لم يفقد الأمل قط في إحداث تغيير حقيقي وجذري على الأرض، ولطالما حلم بميلاد دولة حديثة، خالية من البطش السياسي والفكري ..
الفقيد عبد الباسط علي سيف السروري ، كان صحفياً حراً وكاتباً متميزاً وقيادياً حكيماً. وُلد في 21- أكتوبر عام 1949م في مدينة تعز، قرية جبل السريرة، مديرية المعافر وتربى في حي الشيخ عثمان بمدينة عدن، لأسرة متدينة، انتقلت من قرية السريرة إلى مدينة عدن. وقد تلقى مبادئ تعلم قواعد اللغة وبلاغتها، وبعض من كتب التفسير والحديث على يد عمه ومربيه، عالم الدين، الفقيه السيد عبد الرب سيف السروري، الذي كان يعيش في عدن قبل قدومه إليها.
وكانت للفقيد عبد الباسط السروري اهتمامات أدبيه وثقافيه عديدة، وتأثر كثيراً بالبيئة الحاضنة له في مدينة عدن، حيث كان الحراك الثقافي، آنذاك، في أوجه من خلال المنتديات الثقافية والأدبية المتناثر في أرجاء المدينة، التي أسسها أساطين الفكر والأدب في مدينة عدن، وكذا ظهور دور العرض السينمائي وانتشار الصحف والمجلات العربية، المختلفة، القادمة من مصر ولبنان، ونشوء محطة عدن للإذاعة المسموعة (1954)م وتليفزيون عدن (1964)م.
درس في ثانوية البنين في مدينة عدن، قبل أن ينتقل إلى جمهورية مصر العربية، ليواصل دراسته الجامعية في كلية الصحافة والإعلام/ جامعة القاهرة.
يُعد الصحفي و الكاتب عبد الباسط سروري من أبرز الرموز الطلابية في اتحاد طلبة الجنوب اليمني المحتل، وأبرز القيادات الطلابية، أثناء حرب التحرير والاستقلال، بعد تحويل الاتحاد الطلابي إلى الاتحاد الوطني لطلبة اليمن.
تناول العديد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والفنية من خلال التحقيقات الصحفية والمقالات والمقابلات السياسية، في العديد من المجلات والصحف اليومية.
عمل رئيسا لإدارة الأخبار في صحيفة 14 أكتوبر، ثم سكرتيراً للتحرير. انتقل بعد ذلك للعمل في صحيفة (صوت العمال)، لسان حال الاتحاد العام لنقابات عمال ج. ي. د. ش، في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي. و ظل يعمل فيها حتى حرب 1994م، حين أجبرته ظروف الحرب على جنوب اليمن، للهجرة إلى جمهورية مصر العربية، ليعيش مرة أخرى ،حياة الاغتراب، مدة تجاوزت السبع سنوات، حتى إصدار قرار العفو العام، ليعود إلى أرضه من جديد. ومنذ العام 2002م عمل عضوا في هيئة تحرير وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” ونائباً لرئيس تحرير صحيفة (التحديث) الصادرة عن مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، في عدن، حتى وفاته.
ولإثراء السيرة الذاتية، لفقيد الصحافة اليمنية، عبد الباسط السروري، كان لا بد من عرض شهادات إضافية ممن زامله في مختلف مراحل عمله في مهنة المتاعب .
الاستاذ / محمد عمر بحاح :
من أصعب الأشياء أن تكتب عن صديق عزيز وزميل عمل تزاملت أنت وإياه سنوات ، تلتقيان فيه كل يوم تقريبا، تناقشان خطط العمل، خطة التحرير، الفصلية، الشهرية، الأسبوعية، اليومية، تشتركان في توزيع المهام ، تنفيذ الخطط ، متابعة المحررين ، وضع العناوين ، رسم الماكيت ، اختيار الصور، المانشيتات الرئيسة ، المراجعة ، تصحيح البروفات ، متابعة التنضيد والعمال في المطبعة، السهر حتى الفجر.. حتى خروج العدد الأول من المطبعة وإعطاء الأمر بالطبع!
هذا غير الحياة الخاصة ، الأسرة ، الصداقة خارج العمل ، الذهاب إلى السينما ، الشاطئ ، ولكن عندما تمسك بالقلم بعد أن تكون قد فقدته من سنوات ، لا تتذكر كل تلك الحياة الحافلة ، بكل ما فيها من لذة ، تعب ، إرهاق ، طموح ، أمل ، نجاح ، إخفاقات . أو تتذكرها، لكن لا تعرف كيف تكتبها ، تعبر عنها ، ليس لأن عقوداً قد مرت على تلك الحياة التي عشتماها معا ، بل لأن الكتابة عن صديق فقدته ولو بعد كل هذه السنوات من أصعب الأشياء على النفس ، لأنها تثير فيها مواجع ، آلام، تعتقد أن السنوات كانت كفيلة بأن تنساها فإذا بها تقفز إلى الذاكرة ، الواجهة .. دون أن يكون أو تكون أنت من صنعها ! _x000B_ أتحدث طبعا عن صديقي وزميلي الراحل عبد الباسط سروري الذي تزاملنا وإياه في العمل في صحيفة 14 أكتوبر اليومية الصادرة في عدن ، كنت مديرا للتحرير ، وهو تخرج حديثاً صحافياً من جامعة القاهرة والتحق محرراً فيها، مع زميليه محمد قاسم نعمان وعمر باوزير ، واذكر إن الثلاثة ادخلوا روحاً جديدة إلى الصحيفة ، واخذوا يكتسبون الخبرة بسرعة ، وثقة وصداقة زملائهم الأقدم خبرة وتجربة.. _x000B_اذكر إن عبد الباسط، بالذات، كان عنده روح الابتكار وإدخال أفكار جديدة إلى الصحيفة . من ذلك أن الحكومة أصدرت قراراً بمنع تعاطي القات، ماعدا يومين في الأسبوع ،ماعدا في مناطق زراعته .كان ذلك بعد التحاقه بالصحيفة بفترة قصيرة ، وقد تبنّى الحملة التي قادتها الصحيفة لإنجاح قرار منع تعاطي القات ، وكان من اكبر المتحمسين لها . كان أول من ادخل الكاريكاتير إلى 14 أكتوبر ، وكان يرسمها بنفسه ، وأول رسومه، بهذا الصدد، كانت موجهة ضد القات . واذكر إن أول كاريكاتير رسمه وأنزلناه كان يصور غنمة تخزن قات !!! كنوع من السخرية من متعاطي القات. وقد اغضب ذلك الرسم كثيرين، بما فيهم مسئولين في الدولة. وقد عز عليهم تشبيههم بالغنم !!! لكن لما كان قرار منع القات من أعلى سلطة في الدولة وبموافقة الحزب الحاكم، لم نتعرض للوم أو المنع ، لكن وزير الإعلام، وكان يومها الأستاذ علي باذيب، طلب إلينا التخفيف من حدة سخريتنا، فالإنسان مكرم رغم كل شيء أكثر من الحيوان ومن سائر مخلوقات الله وفضله على العالمين. _x000B_ ظل عبد الباسط يرسم الكاريكاتير في الصحيفة لفترة ، متناولا العديد من الظواهر السلبية التي كان يرى أنها تستحق النقد ، لم تكن خطوط رسوماته جيدة ، لأنه لم يكن رساماً، لكن أفكاره وتعليقاته كانت قوية ولاذعة ، وتؤدي الغرض .
_x000B_ ذات يوم جاء إلى الصحيفة شاب صغير وسيم ، متأبطاً أوراقاً عليها رسوما كاريكاتيرية . ما أن وقعت عليها عيوننا حتى شهقنا من الدهشة والإعجاب . كان فناناً بحق ، رسام كاريكاتير من الدرجة الأولى ، لكن تعليقاته لم تكن بنفس قوة رسومه. وقد وجد فيه عبد الباسط ضالته ، تبناه وشجعه ، وكان يعطيه الأفكار ، ويطلب إليه أن يرسمها ، ويساعده في كتابة التعليقات، بحيث تكون في أقل الكلمات ، وأقوى العبارات ، ولاذعة وحراقة . هذا الشاب هو رسام الكاريكاتير الذي أصبح مشهوراً فيما بعد ، عدنان جمن . وكانت 14 أكتوبر مدرسته ، وعبد الباسط سروري أستاذه .. وكان يملك الموهبة والطموح.
***
الأستاذ حسن عبد الوارث:
يُعَدّ عبد الباسط سروري – رحمة الله تغشاه – من أفضل الزملاء الذين تشرّفتْ الصحافة اليمنية (وصحافة عدن بالذات) بانتسابه إليها، منذ أواخر السبعينات . وقد أتّصف بالمهارة المهنية في تحرير وتنفيذ المادة الصحافية على نحوٍ لافت ، وأبدع في غير مجالٍ تحريري وفني ، وبرعَ في شتى الأعمال التي أنجزها ، أكان في صحيفته الأم ” 14 أكتوبر ” أو في ” صوت العمال ” الصحيفة التي أنتقل اليها منذ النصف الثاني من الثمانينات مع ثلَّةٍ من أصدقائه وزملائه قادمين إليها من الصحيفة الأم ._x000B_ كان ” باسط ” محترفاً بكل ما في الكلمة من معنى . كتبَ الخبر والتقرير ، وحرَّر التحقيق والاستطلاع ، وأجرى المقابلة ، ثم أستخدم عدسة التصوير في لحظات الضرورة ، بل وأسهم في تصميم الصفحات فنياً على صدر ” الماكيت “. وهل أزيد من الشعر بيتاً ؟ لقد أطلق عدداً من أفكار الكاريكاتير ، فقد كان ذا روح ساخرة وصاحب نكتة لاذعة . كما كان “باسط ” أستاذاً في كل مجال من مجالات الإبداع الصحافي – التحريري منه والفني – ويشهد له بهذا كل من زامله وجايله أو تتلمذ على يديه ، وأنا أحد هؤلاء وأولئك ._x000B_وأحمد الله كثيراً أنني ممَّن زاملَ وصادقَ عبد الباسط سروري ، منذ ناصفة الثمانينات وحتى يوم رحيله عن هذه الدنيا في 12 ابريل 2006 . وقد ازدانت علاقتي المهنية والشخصية معه بالعديد من الدروس والعبر والمواقف والذكريات التي اكتنزت بكل ما هو جميل ونبيل ومفيد ومبهج بحق وحقيق._x000B_رحمة الله تغشى عبد الباسط علي سيف سروري ، الإنسان والفنان ، الروح والقلم ، الحيوية والدماثة وصناعة البشاشة .. ويرحم الله زميله الحميم وصديقه الأثير ونصفه المهني الآخر عمر باوزير .. فقد كانا معاً زبدة وفاكهة الوسط الصحافي الذي تواجدا فيه لفترة طويلة من العمر .. عملا معاً وأبدعا معاً ورحلا معاً ._x000B_لقد أودع ” باسط ” برحيله لدى كل من عرفه ذكرى طيبة وإرثاً حميداً ومحبة جمَّة، تَسَعُ الكون وتتّسع للأجيال التي افتقدت روح الزمان الجميل في الصحافة والحياة على السواء !
***
الأستاذ / نصر صالح
تعرفت على الزميل عبد الباسط سروري عن طريق الزميل عصام سعيد سالم (رحمهما الله)._x000B_ كنت أنا وعصام سعيد سالم نعمل في سلك التدريس، قبل الصحافة. وكنا نلتقي باستمرار. وكان عبد الباسط سروري يلتقي بنا لدى عودته إلى الديار (الشيخ عثمان) في الإجازة السنوية الصيفية قادما من القاهرة، حيث كان يدرس الإعلام بمصر._x000B_ أتذكر في صيف العام 1976 كان معنا، عصام وأنا، نسخة من مجلة مدرسية وبعض الملازم التدريسية التي كنت أقوم بإخراجها للطلبة مع الزميل شائف، مدير مطبعة الوسائل التعليمية لوزارة التربية والتعليم في (خورمكسر). وحينما عرف أنني من كنت أقوم بالخط والرسم والإخراج لبعض تلك الملازم التعليمية، أصر على أن ألتحق بالعمل في صحيفة 14 أكتوبر._x000B_ كان الزميل الراحل عبد الباسط سروري – آنذاك – يزاول العمل الصحفي التطبيقي في الصحيفة، هو والأخ الزميل محمد قاسم نعمان خلال إجازتيهما._x000B_ عملت في الصحيفة أول الأمر كخطاط مساهم في الصحيفة، ثم وفي العام 1977 وبعد اخذي دورة تدريبية قصيرة عملية لتعلم الإخراج الصحفي في بيروت، تخرجت كأول مخرج صحفي لصحيفة 14 أكتوبر. وكان حينها الأخ علي ناصر محمد، رئيس وزراء جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، يُشرف شخصيا على عملية تطوير صحيفة 14 أكتوبر، وقد استقدم لذلك الغرض خبيرين في المهنة، من الحزب الشيوعي اللبناني، أحدهما المخرج الصحفي اللبناني أميل منعم الذي أشرف على تدريبي على عملية الإخراج في مؤسسة 14 أكتوبر للصحافة والطباعة هنا، ثم في بيروت في صحيفة منظمة التحرير الفلسطينية “فلسطين الثورة” وفي صحيفة الحزب الشيوعي اللبناني “النداء”._x000B_ وحدث أن تفرغ الأخ عبد الباسط، هو الآخر للعمل نهائيا في صحيفة 14 أكتوبر في نفس العام، لدى عودته هو والأخ محمد قاسم نعمان من مصر، إثر مظاهرات الطلبة العنيفة يومي 18 و 19 يناير 1977 فيما سُمي بـ”انتفاضة الخبز″ التي اجتاحت عدة مدن مصرية في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ولما كان الزميل محمد قاسم نعمان والزميل عبد الباسط سروري، آنذاك، من نشطاء الحركة الطلابية المصرية، فقد اعتقلا خلال الأحداث، ورحّلا إلى عدن._x000B_ عرفت الزميل الأستاذ عبد الباسط سروري، كصحفي مجتهد، وكسكرتير تحرير ناجح. وجمعنا العمل سوياً، هو كسكرتير تحرير وأنا كمخرج وسكرتير فني للصحيفة، منذ ذلك العام وحتى العام 1994.
كان من ميزات الأخ عبد الباسط دقته في العمل ومتابعته لسير عملية الإخراج حتى ساعة طباعة الصحيفة، فجر اليوم التالي._x000B_كان عبد الباسط سروري يتمتع بشخصية محببة، فقد كان يتمتع بخفة الظل والشقاوة. إلا أن شقاوته، وقد كانت شقاوة محببة على أية حال، لم تكن تحول دون مثابرته في عمله. كان، إلى جانب عمله كسكرتير تحرير النوبة، يقوم، معي كمخرج مناوب، بالمتابعة الدقيقة لجميع حلقات إخراج الصحيفة. كان عملنا بطبيعته يجري في الليل. وكان عبد الباسط، على خلاف سكرتيري التحرير الآخرين، يسهر يساعد الفنيين في المطبعة في عملهم، بدأ من جامع الحروف على “اللينيوتايب” قديما، والجمع بجهاز الكمبيوتر فيما بعد، مرورا بفني توضيب الصفحات قديما، فمراجعة الأخطاء المطبعية، وعند عملية تنفيذ الصفحات في قسم الإخراج الصحفي، ثم عند وصول الصفحات إلى قسم “الأوفست” وحتى طباعة الصحيفة على آلة “الجوس”.
***
الأستاذ حسن قاسم:
الحديث عن الصحفي الكبير عبد الباسط سروري صعب،لأنني مهما كتبت لن اوفى هذه الهامة حقها._x000B_ كان السروري يمتلك رؤية صحفية وبعداً سياسياً حول مختلف الأحداث، من خلال كتاباته الصحفية في صحيفة 14أكتوبر تم صحيفة صوت العمال._x000B_ وكان قد برز كثيراً من خلال كتاباته الناقدة، بقلم مستنير في صحيفة (صوت العمال)، حيث شكل ومعه الإعلاميان محمد قاسم نعمان وعمر باوزير حلقة ناقدة للسلبيات في الجنوب قبل الوحدة، معبرة عن هموم المواطن وتطلعاته لغد مشرق وكانت الصحيفة هي الأولى في النظام الشمولي التي تكتب بحريه ولاقت إقبالاً واسعا من الناس._x000B_ التقيته في القاهرة بعد 1994م ،حيث برز أيضاً في صحيفة (الوثيقة)، الصادرة في القاهرة، عن المعارضة لنظام المخلوع صالح. وعدنا معا إلى الوطن في إطار عفو عام 2000م._x000B_ السروري شخصية عصاميه حقانية وصاحب قضية.. يكفي أنه رحل وترك خلفه ابنته الصحفية وئام، لتواصل من بعدة رسالة الصحافة التي ناضل من بعدها حتى وفاته.
***
الاستاذ نبيل غالب:
( السروري ذلك الإنسان )
قد أكون احد المحظوظين، ممن سنحت لهم ظروف العمل ، الاستفادة ممن لهم خبرات وكفاءات تمتع بها من حولنا شخصيات كل في مجال عمله في مهنة الصحافة .
ربما كان الزمن، بمرحلته التي عشتها، أعطاني مساحه للاختلاط بهامات متميزة، في هذا المجال ، حيت تشربتُ من خبراتهم وأفكارهم وقيمهم الجميلة.
ومن هذه الهامات التي تتلمذتُ على يدها، الأستاذ القدير الصحفي/ عبد الباسط سروري، حينما كنت في بداية مرحلة حياتي العملية ، كنت في ظروف ليس لي هم فيها، سوى عملي ولا شي غيره. في مرحله لم تكن فيها وسائل التواصل الاجتماعي قد انتشرت بهذا الشكل المخيف ، بالرغم من أهميتها ، لكنها للأسف شغلتنا ليل نهار عن حياتنا اليومية ومتطلباتها .
الأستاذ عبد الباسط من الشخصيات الإعلامية التي كان لها حظور لافت حينها (فترة الثمانينيات) من القرن الماضي، كان يستقبلك بابتسامته الهادئة المعهوده ، وبنظراته الحالمة ، تشعرك مجتمعة بحفاوة استقبال لشخص عزيز عليه ، بروح فكاهية .
لم يكن حينها الأستاذ السروري يبخل علي بالنصيحة في إرشاده لي إلى بعض الخطوط العريضة التي يمكن لي من خلالها تطوير مهاراتي الإعلامية ، عندما كنت حينها مصوراً فوتوغرافياً ، وبداياتي في تلمُّس عناصر تكوين الخبر الصحافي .
حيت كان يكلفنا دائماً بمرافقة ألرئيس / علي ناصر محمد ، وغيرها من التغطيات ألصحفيه في تلك الفترة ، ويمكن ألرجوع إلى أرشيف الصحيفة ، وذلك أيماناً منه بقدراتي على أعطائه نتائج صور مُرضيه ، وهو في انتظاري بمكتبه، كـ “سكرتير تحرير” .
كان غني الخصال الجميلة التي يحيطني بها وزملاءنا ، تعلّمنا منه الالتزام بمبادئ المهنة، والإخلاص لها ، واحترام الآخرين ، والتمتع بعزة النفس ، والرجولة تجاه المواقف الصعبة .
طيب الله ثراه .. لقد كان طيب المعشر.
***
الأستاذ لطفي شطاره:
في عام 88 التحقتُ بالعمل في صحيفة 14 أكتوبر، كمحرر في قسم الأخبار.. كانت الصحيفة بالنسبة لي وأسرة تحريرها هي أسرتي التي تعلمت منها الكثير من المهارات الصحفية، كمساهم متدرب في أقسامها، قبل سفري للدراسة عام 82. عند عودتي لأسرتي الصحفية، وجدت أفرادها مهتمين بعودتي ومساعدتي في الاندماج، ليس كمتدرب، بل كمحرر بدرجة كاملة، كنت محظوظا في أن طاقم العمل في قسم الأخبار كلهم أساتذة في صنع الخبر، بمهنية عالية واجتهاد عال أيضا، كان الفقيد عبد الباسط السروري أحد الذين تركوا أثراً في مهنتي الصحافية، أسوة بعمالقة الخبر، حين ذاك، ولعل أشهرهم الأستاذ محمد عبد الله مخشف، أطال الله في عمره ، عبد الباسط السروري، رحمة الله عليه ،كان الرجل الذي ينصت كثيراً ويتحدث قليلا ، كان صحافياً نادراً، يعطي من حوله، سواء كان محترفاً أو مبتدئاً، كل أهمية في العمل إنصاتاً ومساعدة . تعلمت منه الدقة في العمل والاحترافية في صياغة الخبر وعناصره.عملت تحت إشرافه في الأخبار وكان يدفعني ويشجعني في عدم الاكتفاء بصياغة الأخبار أو إعدادها، أو أثناء نزولي لتغطية الأحداث على الأرض من أنشطة وفعاليات .. بل كان يحثني أن أتجاوز محيط دائرة الأخبار إلى كتابة التحقيقات الميدانية والاستطلاعات الصحفية ، ليس داخل العاصمة عدن، فحسب ، بل كان يقدِّر نشاطي وحبي للمهنة؛ فيدفعني للسفر إلى محافظات بعيدة وتقديم عمل صحافي متميز للقسم الذي يرأسه والصحيفة التي كان أحد أعمدتها الذين صنعوا تاريخاً مهنياً لها ولأنفسهم..
السروري لم يكن صحافياً عادياً، بل إنساناً حكيماً في التعامل مع من حوله بشخصيته الجذابة التي مزجت بين نقاء روحه وصفاء قلبه وبشاشة وجهه الذي لا تفارقه الابتسامة والفرفشة.. عندما أميز الفقيد عبد الباسط السروري ومن عملت معهم، أو تحت إدارتهم، من كبار الصحافيين حينذاك، فإن مرد ذلك إلى التصاقي بالعمل معه في النوبات المسائية في قسم الأخبار، عندما عمل سكرتيراً للتحرير، وكنا نقوم بتجهيز الصحيفة للنشر.. كانت سكرتارية التحرير مكونة من: جميل إمداد وعبد الله باوزير، كمخرجين للصحيفة.
السنوات التي عشتها في الصحيفة تركَتْ أثرها في عملي الصحفي، في جريدة الشرق الأوسط اللندنية التي عملت مراسلا لها في عدن، قبل التحاقي للعمل في مكتبها الرئيسي في العاصمة البريطانية، نهاية 93. كان وما يزال الفقيد عبد الباسط السروري أستاذاً أُدين له، إلى جانب عمالقة الصحافة بعدن، بالوفاء لما حققته في مشواري الصحافي داخلياً وخارجياً. رحمة الله على المعلم الأستاذ عبد الباسط السروري، الذي مات جسداً ولكن تعاليمه وأسلوبه ومهاراته المهنية، ظلت محفورة في تاريخ الصحيفة العريقة، ولن تموت.
***
الأستاذ عدنان جمن:
كنت موهوباً، منذ صغري، بالرسم، و بدأت رسم الكاريكاتير وأنا في المرحلة الابتدائية والإعدادية. في بداية السبعينات اكتشفني، كرسام كاريكاتير، الصحفي القدير محبوب علي، في دار الثقافة بمنطقة الرزمت؛ حيث كنت أرسم كاريكاتيرات اجتماعية في المجلة الحائطية والمنشورة ب(الاستنسل). وفي تلك الأيام، لم يكن هناك رسام كاريكاتير في صحيفة 14 أكتوبر وكان الفقيد عبد الباسط سروري يقوم بتغطية ذلك الفراغ برسم كاريكاتير يومي يفتقد إلى المهارة المطلوبة في الرسم، فهو لم يكن رساماً أصلاً، ولكنه كان رجلاً خفيف الدم للغاية وصاحب نكتة و سرعة بديهة. تعرفت عليه وأنا في الصف الأول إعدادي. وعندما رأى رسوماتي ضحك وقال: هذا رسم كاريكاتير حقيقي.. أخيراً حصلنا على فنان موهوب للصحيفة!_x000B_ فيما بعد، واصلت الرسم مع بعض التقطعات، لكني استطعت أن أكوّن علاقة طيبة مع القراء، فترة الثانوية العامة، وكانت علاقتي بعبد الباسط تزداد وثاقا، فكان يشغل منصب سكرتير التحرير وما فتئ يرشدني ويقدم لي الأفكار المبدعة باستمرار. إذا أردنا أن نتذكر عبد الباسط سروري كإنسان؛ فأنا أزعم أن ذلك الرجل القصير بشعره المنكوش ذو الضحكة الصاخبة والمقالب التي لا تنتهي، كان من أطيب الناس الذين قابلتهم في حياتي!_x000B_ أثناء تداعيات حرب 1986 زج بي أنا والشاعر عبدالله الدويلة في سجن أمن الدولة بسبب رسمة تعبيرية وضعتها بجانب قصيدته بعنوان (الانتهازي)..
لكن عبد الباسط لم يتركني أمضي ليلتي هناك، أتصل بكل من يعرفهم، ليخرجني من هناك.. هذا هو عبد الباسط سروري الذي عرفته!
***
الأستاذ فواد قائد:
كانت حقبة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، حافلة بالمبدعين، وهي امتداد حضاري للزمن الجميل الذي تمتد جذوره إلى بدايات الأربعينيات التي شهدت طفرة صحفية فرضتها مدينة عدن، كمدينة مزدهرة، عريقة وعالمية هيأت مناخات ملائمة للإبداع الحر، بكل صوره ومجالاته، عندما كانت عدن رائدة في زمن عظمتها ومجدها ومفتاح النجاح للمواهب التي أثرت الحياة الثقافية وأفرزت نخبا متميزة من حملة الفكر الحر، المستنير، لاسيما وان الصحافة العدنية كانت قد برزت وأصبحت مدرسة وطنية، رائدة ولها حضور واسع في المجتمع ._x000B_ وفي خضم تلك النهضة الصحفية الرائدة، برز ساطعاً نجم الأستاذ عبد الباسط سروري، كواحد من الكفاءات الصحفية والثقافية المتميزة الذي كان له حضور صحفي على مستويات متعددة، برز متألقاً في كتاباته وموضوعاته ومقالاته التي كانت على الدوام تنحاز إلى صف الجماهير وتطلعاتها، إلى حياة أفضل، معبراً أميناً عن قضاياها العادلة وتحسين أوضاعها والدفاع عن حقها في حياة كريمة مستقرة .
الأستاذ عبد الباسط سروري وفي كل مواقع العمل الصحفي في صحيفتي 14 أكتوبر وصوت العمال، أكان صحفياً بارزاً أو قيادياً حكيماً واعياً لمهام منصبه ومسؤولياته كان حاملاً صادقاً للكلمة الحرة التي تمثل الرأي العام، منتصراً لقضايا العمال ومدافعاً أميناً عن حقوقهم ومنتصراً لحقوق المثقفين والمبدعين، ناقداً بالكلمة الشجاعة، كل صور وأشكال الظلم والاستبداد والفساد والغلو والطغيان .. كما كان مدافعا عن حقوق المرأة والشباب وكل فئات المجتمع المقهورة .. كان إنساناً رائعاً، يحمل قلبه وعقله كل قيم الإنسانية._x000B_ كذلك كان الأستاذ عبد الباسط سروري ومن خلال المواقع القيادية التي تولاها، في عديد من الصحف مشجعاً للمواهب المبدعة من الشباب، وأتاح لكثير منهم فرصا للكتابة وإبراز مواهبهم ومهاراتهم، وبرز منهم صحفيون وكتاب وأصبحت لهم مكانة في بلاط صاحبة الجلالة.
***
وختامها مسك مع نقيب الصحفيين السابق /عدن
الأستاذ القدير / واثق شاذلي:
عشت مع زميل المهنة ورفيق الدرب الفقيد عبد الباسط السروري زمناً ليس بالقصير، إلا أن مشاغلنا المهنية والتزاماتنا النقابية، أحياناً، تبعدنا مسافات عمن نحبهم ونودهم. أخي وزميلي الذي لن أنساه ما حييت، السروري، كان من الزملاء الغيورين على مهنتهم، فلا يكلون ولا يملون العمل، بل وتعليم الآخرين من الشباب المستجد في مهنة المتاعب، ويمنحونهم مفاتيح الأبواب المغلقة أمامهم ليلجوا مطمئنين إلى بلاط صاحبة الجلالة، دون خوف أو وجل. فكم من شاب وقف إلى جانبه المعلم عبد الباسط ودفع به ليغترف من كنوز المعرفة من خلال مهنة الصحافة؟ وكم من هؤلاء أضحوا اليوم أسماءً لامعة في دنيا الحرف والكلمة، بل وفي العمل السياسي والثقافي والأدبي والاجتماعي؟
لقد عشنا سوياً زمناً لا يقارن باليوم.. ذلك الزمن الجميل الذي كان الشباب، إناثاً وذكوراً، من المستجدين في العمل الصحفي، يحترمون الكبير ويجلّونه وينصتون إليه باهتمام وهو يمدهم بالمعلومة وبالنصيحة والموعظة، ولا يرفعون أصواتهم عليه، وينصاعون لتوجيهاته وتعليماته، ذلك لأن ما كان يُعطى لهم يُعد نبراساً ينير طريقهم نحو تحقيق طموحاتهم وآمالهم في مهنة الصحافة، مهنة المعرفة والتعلم. الأستاذ المعلم عبد الباسط، كان مؤمناً، كما نؤمن نحن، أبناء ذلك الجيل وذلك الزمن، بأن الصحفي قدوة في المجتمع، لذلك، يجب أن يتحلى بأخلاق عالية وسمعة طيبة وثقافة واسعة وفكر متقد ونظرة ثاقبة وروح وثابة.
ولكنني هنا أعبر عن أسفي وحزني العميقين لما وصل إليه حال بلاط صاحبة الجلالة، فلم تعد لها هيبتها بسبب تدني أخلاقيات كثير من منتسبيها، فأساءوا لجلالتها، فللمهنة أخلاقيات وأشراط للانتساب إليها. ولكن بسبب التطور التقني في وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي المختلفة، اختلط الحابل بالنابل. وأصبح بعض من يمتلك صحيفة ورقية أو إلكترونية أو قناة فضائية أو إذاعة مسموعة، يظن نفسه فوق الجميع، وأنه قادر على نشر أو بث ما يحلو له من معلومات.
رحم الله فقيدنا عبد الباسط السروري.