أجرت "الأمناء" لقاءً خاصاً، مع المقاوم / فضل البهام الميسري "سلفر الجنوب" ذي القدم الواحدة، الذي اشتُهر في الحرب الأخيرة بقتاله في صفوف المقاومة أثناء الاجتياح الثاني من قبل مليشيات (الحوثي وصالح) في العام 2015م، وكان الاجتياح الأول الذي تم تحت تحالف (صالح والإصلاح) فكانت المقاومة الجنوبية بالمرصاد خلال الحرب الأخيرة على الجنوب عامة وعدن خاصة وتصدت بكل شجاعة وبسالة فحررت الجنوب وطردت المليشيات الغازية بعد أن لقنتهم دروساً قاسية.

حيث انتشرت صور للمقاوم الشجاع والبطل والفريد من نوعه على مستوى وسائل الإعلام العالمية والعربية كونه ظاهرة فريدة من نوعها ، حيث تحدى الإعاقة وكان يقاتل ويقارع بالميدان مثله مثل بقية الرجال المقاومين الأصحاء ولم تؤثر عليه الإعاقة.

من هو سلفر الجنوب؟!

• هو "فضل أحمد البهام الصالحي الميسري"، من مواليد محافظة أبين مديرية مودية، تاريخ الميلاد 1997، وهو ابن المناضل / أحمد البهام الميسري أحد رموز وزارة الدفاع، تتكون أسرته من 6 أفراد وهو ترتيبه الثالث في إخوته، ولد في مودية ، وعندما كان عمره سنة احترقت إحدى غرف منزله وتعرض هو لحروق بالغة في رجله اليمنى وأثرت على رجله هذه الحادثة وتم بتر الرجل وهو في سن التاسعة، والتحق بالتعليم الأساسي بمدرسة مران ، ثم انتقل إلى عدن لإكمال التعليم الثانوي والتحاقه بالمعهد المهني قسم مكنيك سيارات، كان متميزاً ومجتهداً في دراسته بالمعهد المهني واخترع سيارةً تعمل على مكينة سيكل نار، بعد إنهاء الدراسة افتتح ورشة خاصة لإصلاح المولدات الكهربائية ، وعند غزو الجنوب عامة وعدن خاصة لبى "فضل البهام" الملقب بسلفر الجنوب النداء وكان من أوائل من قاتلوا وتصدوا، والآن ننتقل بكم إلى تفاصيل اللقاء:

• نرحب بك أخي سلفر.. نريد منك أن تحكي بدايتك في الالتحاق بالمقاومة والجبهات ؟

• حقيقة كنت أتواجد في إنماء حين غزو العاصمة عدن من قبل مليشيات الإجرام والعفافشة ، وسمعت عن قرب الانقلابيين والحوثة من عدن ، وأخذت سلاحي الشخصي وأول اشتباكات خضتها كانت أمام محطة عدن النموذجية القريبة من إنماء ، حيث قمنا بالهجوم على طقم يحمل حوثة وتم تصفيتهم بالكامل أنا والقيادي في المقاومة "أبو همام اليافعي" ومجموعة من شباب المقاومة...ثم بعدها شاركت والتحقت مع المقاومة في عدة جبهات أهمها جبهة خط الجسر والعصيمي وسوزوكي ودار سعد والبساتين وبير أحمد وبير فضل.

• أذكر لنا مواقف حدثت لك بالجبهات وأثّرت فيك ولن تنساها ؟

• في الحقيقة المواقف كثيرة والمجال لا يسمح لسردها وعشنا أياماً صعبة للغاية ، وخسرنا فيها أعز الأصدقاء والرجال ، وأجدها فرصة لإحياء شجاعة رجال المقاومة بشكل عام دون ذكر أسماء ، فهم كانوا رجال المرحلة بامتياز وأثبتوا شجاعة أبناء الجنوب وصمودهم الأسطوري الذي تحدَثَت عنه كل وسائل الإعلام العالمية والعربية.. وأتذكر موقفأً حدث لي في جبهة البساتين خلال تواجدي فيها وكانت المليشيات الحوثية تقصفنا بالهاونات وتعرض أحد المقاومين لإصابة بليغة وكان ينزف ونحن كنا نحتمي بمترس وهو قريب منا ولم يستطع أحد إخراجه من الموقع وإسعافه كوننا نتعرض للقصف بالهاون ، وقمت بإخراجه بصعوبة وهو يَئِن وينزف ، وحملته على إحدى سيارات الجبهة وخاطرت بنفسي وبالسيارة ونقلته إلى مستشفى أطباء بلا حدود وكانت الهاونات تتساقط بالقرب منا ولكن بفضل الله لم نصب بأذى...وغيرها من المواقف التي لا يسعني أن أسردها لكونها تحتاج إلى أكثر من صفحة وكلها تضحيات وبطولات سطرها أبطال المقاومة.

• هنالك صورة لك انتشرت بوسائل الإعلام العالمية والعربية ..متى التُقِطت ؟ وأين ؟

• الصورة التي انتشرت لي بوسائل الإعلام العالمية والعربية التُقطت في جبهة بير فضل قبل شهر رمضان بأيام حيث كنت برفقة القائد أبو همام ومراد العولقي ولم أتوقع أن تنتشر هذه الصورة بشكل كبير كونني كنت فرداً من أفراد المقاومة وهناك الكثير من المقاومين أمثالي .

• خلال الحرب وتواجدك بالكثير من الجبهات.. من هم القيادات الذين التقيت بهم وكان لهم دور كبير في الحرب؟

• الحقيقة هنالك الكثير من القيادات المؤثرين والداعمين للجبهات والذي قادوا الجبهات ، والذين التقيت بهم وقاتلت بجانبهم وأبرزهم القائد الشيخ "سالم المرقشي" الذي يدعم المقاومة ، والقائد نائف البكري ، والشهيد اللواء أحمد سيف اليافعي ، والشهيد القائد أحمد الإدريسي ، والشهيد القائد أيمن قراطيس ، والقائد الشيخ هاشم السيد ، والقائد مهران القباطي ، والقيادي خالد باحاج ، والقائد أبو همام اليافعي ، والقائد محمد البوكري  ، والقائد أمجد أبو الزبير ، والقائد هاني اليزيدي.. وغيرهم الكثير ممن قدموا الغالي والنفيس لأجل الدفاع عن الدين والجنوب عامة.

• ما هو شعورك أثناء التحرير؟ وماذا كان دورك.؟

• أسعد أيام حياتي التي عشتها كانت أيام الهجمات المتتالية لتحرير عدن ، وكنت أحد الأفراد الذين كانوا يتنقلون مع المقاومة للتحرير من جبهة إلى جبهة ، حيث بدأنا بهجمة تحرير العريش ثم خورمكسر ثم المعلا والتقيت يومها بتقاطع جزيرة العمال في الخط البحري بالشهيد اللواء أحمد سيف اليافعي رحمة الله عليه ، والقائد نائف البكري الذين كانوا معنا خطوة بخطوة وبعد أن تم التطهير بالكامل..

 ثم دخلنا المعلا وتطهير التواهي لاحقاً ، ثم الانتقال إلى العلم ، ومن بعدها إلى الحسيني وبعدها مباشرة الانتفال والمشاركة بتحرير العند ، حيث كنت تحت قيادة اللواء فرج حسين العتيقي ثم بعدها انتقلنا إلى تطهير وتحرير أبين بقيادة اللواء عبدالله الصبيحي قائد معركة السهم الذهبي ، واللواء فرج العتيقي ثم دخلنا شقرة وواصلنا المسير والتطهير إلى جمهورية دثينة .

• أين ذهبت بعد التحرير؟ وما هو اتجاهك ؟

• بعد التحرير عدت العاصمة عدن وبعدها بفترة ذهبت للملكة بتنسيق بعض الأشخاص الذين كذبوا عليّ وأخبروني أن طلوعي للملكة هو طلب واستدعاء من الملك سلمان ، وعند وصولي إلى الرياض اتضح أنهم استغلوني للمتاجرة بوجودي واستغلوا طيبتي ليستثمروها لغرض شخصي لهم للأسف.. وعندما علمت بهذا الشيء غادرتهم بهدوء كونني كنت أكنّ لهم الاحترام ، واتضح أن البعض منهم مجرد مرتزقة ولم يوفوا بما وعدوني فيه والبعض كانوا رجالاً بكل ما تحمل الكلمة من معنى وأقدم لهم جزيل الشكر والتقدير ، ثم ذهبت إلى مكة وعملت عمرة وقمت بالعمل على كرين لفترة قصيرة ثم عدت للعاصمة عدن.

• ما هو سبب التحاقك بجبهة البقع بعد عودتك من المملكة؟

• فضلت المغادرة لوجود أخطاء وظلم للبعض من إخواننا المقاومين  ،ولا أستطيع التحمل والتغاضي والسكوت عن الظلم والأخطاء فقررت الذهاب للمشاركة مع إخواننا المقاومين في البقع بعد التنسيق مع جعمان الجنيدي والقائد مهران القباطي وشاركت لمدة أربعة أشهر بالبقع كقائد مجموعة ، واستشهد ابن خالي الشهيد "عبدالعزيز محمد أحمد شيخ" وهو أحد أفرادي رحمة الله عليه.. وعدت للعاصمة عدن بعد منحي إجازة رسمية وبعدي بفترة قصيرة عاد اللواء بالكامل للعاصمة عدن.

• أعلن الشيخ هاني بن بريك عن مكرمة من الإمارات لتركيب طرف صناعي.. متى سيتم السفر؟

• تواصل معي الشيخ هاني وأرسلت له الجواز قبل ثلاثة أشهر ، وللأسف إلى هذه اللحظة لم يصلني الرد ، وللتوضيح هم من أعلن بالإعلام عن المكرمة وبعض الصحف التابعة لدولة الإمارات كصحيفة العين تواصلوا معي وطلبوا مني التعبير عن شعوري بهذه المنحة ، وقدمت شكري للإمارات حكومةً وشعباً... و هم من تواصل معي وأعلنوا عن المكرمة إن تم الوفاء وتحقيق المكرمة فهذا ليس بغريب عنهم فهم منبع الكرم والجود مالم فأنا بغنى عنها كونني ولله الحمد أنعم بعافية وصحة وأعيش برجل واحدة منذ العاشرة من عمري..

• الرئيس هادي بشكل خاص والدولة ومسؤولو الدولة بشكل عام.. ماذا قدموا لسلفر ؟

• تحية بحجم الوطن لصانع النصر وحامي حمى الوطن فخامة الأب المشير "هادي" الذي كسر شوكة عفاش وأزلامه وانتصر للوطن..

والحقيقة لم يتواصل معي أحد من طرف الرئاسة لانشغالهم بأمور وهموم أكبر مني ولنا الشرف أن نلتقي ولو لقاء ودي بالرئيس هادي الذي نكنّ له كل حب واحترام ونحن جنوده ورهن إشارة الرئيس، وأيضا لم يتواصل معي من أي أحد من الحكومة أو المسؤولين.

• ما هو رأيك بما هو حاصل حاليا في عدن خاصة والجنوب عامة ؟

للأسف الأوضاع الخدمية سيئة للغاية وتعاني عدن وأبين وكل محافظات الجنوب عامة والمحررة من سوء الأوضاع الخدمية وبعض الاختلالات الأمنية.

ويؤسفنا ويؤلمنا أوضاع الجرحى وأسر الشهداء ، وشاهدت بأم عيني أسرة شهيد تشحت بالشارع وأتحفظ بذكر اسم الشهيد حفاظاً على كرامتهم المجروحة.. فحقيقة هذان الملفان لم يتم إنصافهم أو الاهتمام بهم ورعاية ذويهم من أي جهة كانت سواء التحالف أو الشرعية ، ونوجه مناشدة عبركم للرئيس وللحكومة والتحالف أن ينصفوا الجرحى وأسر الشهداء والعناية بهم ورعايتهم كونهم قدموا أرواحهم ودماءهم رخيصة للوطن وللدفاع عن الوطن وبهم أنتم أقوياء .

• هل تم ترقيتك أو تعيينك بوظيفة تعيل بها أسرتك ؟

• يحزّ في النفس أن نشاهد أشخاصاً لم يكونوا متواجدين بالحرب أو لهم دور  تمت ترقيتهم ، والبعض الآخر تم تعيينهم بوظائف مدنية ورواتب مجزية ، بينما المقاومين ومن يحمل الشهادات الجامعية منهم تم ترقيمهم بالجيش فقط ولم يتم إنصافهم وأنا أحدهم ، حيث ترقمت بالجيش كجندي ولكن مثل ما تعرفون أن الرواتب تصلنا كل ثلاثة أشهر والوضع سيء للغاية لسلفر وأمثال سلفر مئات الآلاف من المتضررين من هذه الأوضاع.

• بحكم اختراعك لسيارة أثناء دراستك قبل الحرب ..هل لديك المقدرة على مواصلة الدراسة إذا قُدِّمت لك منحة دراسية خارج البلاد ؟

• نعم أتمنى ذلك ..وهذا هو حلم حياتي منذ إنهاء الدراسة واختراعي للسيارة ، حيث كانت ولازالت رغبتي وحلمي إكمال الدراسة في الخارج لزيادة المعرفة والتخصص في المجال الذي أبدع وهو صناعة السيارات كي أفيد وأنفع نفسي والوطن.

•  كلمة أخيرة تود توجيهها وقولها ؟

• أشكر صحيفة "الأمناء" على هذا اللقاء ، وأشكرك أخي "سامح" على إتاحة الفرصة ، وعبركم نبعث بتحية لفخامة الرئيس هادي وللتحالف العربي على ما قدموه خلال السنتين وكسر التمدد المجوسي الفارسي الإيراني ، ونترحم على شهداء الوطن ، ونتمنى من الله أن يشفي الجرحى ، ونطالب فخامة الرئيس هادي والحكومة الشرعية ومن التحالف بتوفير الخدمات الأساسية للعاصمة عدن وللمحافظات المحررة ورفع المعاناة عنهم ، ونطالبهم ببذل المزيد في هذا المجال كون الأوضاع صعبة ورمضان على الأبواب ، ونسأل الله أن يوفقهم في تأدية واجبهم الإنساني والوطني ، وأشكر والدي "أحمد محمد سالم البهام الميسري" ووالدتي على كل ما بذلوه معي ، وأسأل الله أن يحفظهم ويديمهم تاجاً على رأسي .