آخر تحديث :الثلاثاء 07 يناير 2025 - الساعة:15:19:10
للحزن مذاق يختلف ..
(الأمناء نت / د. محمد الزعوري :)

للحزن مذاق يختلف ..

د. محمد الزعوري

مر علي وقت ليس بالقصير ومازلت مصراً لكتابة مرثيتي الأخيرة لوداعك يا مهندس التحرير والخلاص .. حاولت مراراً وتكراراً أن ألملم ماتبعثر في ذاكرتي من هول الصدمة .. لكنني للأسف فشلت .. وطويلاً لازمتني الخيبة كالظل .. كلما حاولت البوح بالوجع تنتحر الكلمات قبل أن تغادر الشفاه .. وكلما حملت اليراع تتحول المفردات المكتوبة الى بقع سوداء تملأ السطور الممتدة بلا نهاية .. فيا باعث الأموات وهي رميم خفف من روعي .. وارفع من على كاهلي قهراً زرعته سنين الوداع العجاف .. لا حيلة لي .. كلما داهمتني الفاجعة يخيل إلي إن الحروف تتصدع وتتكسر كالزجاج ولا حول لي ولا قوة لجمعها من جديد .

مع كل زفرة ألم تطردها رئتاي تتنتصب حقيقة استشهادك لتتملك هدوئي وسكينتي .. ويمر الوقت ثقيلاً كوخز الابر الجارحة .. حينها تتلاشى الأمكنة والأبعاد الماثلة أمامي عياناً .. وتذوب كالثلج في حقل من الوهم والتمنيات الخائبة .. وأسفاه على رحيلك ياسيف الجنوب القاطع .. هل أصدق ؟ ما كنت لأصدق لولا اليقين تجلي ساطعاً فلا مناص من تقبل الفاجعة ولو بالبكاء المرير .. أيها الماضون على وقع المآثر .. قد تختفي البصيرة ويذهب العقل في إجازة مفتوحة وقد لا يعود بعدها ليستمع هدير المواجع والأحزان المنتفضة من الصدور .. وقد يجتمع مع كل هذا الضجيج سكون العدم فيختفي الحلم في زحمة النعوش المغادرة نحو المقابر .. فو أسفي!!!!

وا حر قلباه .. أي فضاء يتسع ليحتوي وقع الفجيعة المثخن بالجراح .. وأي مآل ننتظر حينما يرحل القادة العظام ..

تفاصيل صادمة حقاً تتداخل مع بعضها فلا تفسر .. ومع الغموص تتداخل كل الأبعاد الكونية .. وتستلقي على فراش مرسل من رمال الشاطئ الغريب .. شاطئ رماله بارودٌ ينتظر الشرار ليحترق ويحرق من فيه .

متى نصدق ؟ إنها واقعة تتخلق في مستقبل معلوم الملامح والقسمات تحكيها الحناجر الصادحة بتراتيل العشق المميت .. نشيد يهز الوجدان مازال الرجال ينشدونه بمقام المهابة والسمو إختياراً .. لا خياراً ..

ولهذا كنت من الذين قال عنهم رب العزة والجلال (فرحين بما أتاهم ) فهنيئاً ياقائد الشهداء . 




شارك برأيك