يُعد مكتب التربية والتعليم محافظة لحج من أنشط القطاعات في المحافظة ، وهو ما تؤكده جملة النشاطات المنفذة خلال النصف الأول من العام الدراسي الجاري 2016 ــ 2017م ، ولتسليط الضوء أكثر على هذا القطاع التقت "الأمناء" بمدير عام مكتب التربية والتعليم بمحافظة لحج الأستاذ "نصر سعيد اللحجي" وخرجت بهذه التفاصيل.

في البداية قال الأستاذ / نصر سعيد اللحجي - مدير عام مكتب التربية والتعليم محافظة لحج - : " منذ تسلمنا زمام قافلة التعليم في المحافظة ونحن نحاول أن نعيد ونرتب هذه القافلة بعد أن فقدت الكثير من مسماها كقطاع يعنى بالتربية والتعليم وتنشئة الأجيال بالطرق السليمة ، حتى تعود وتنهض بالمحافظة بشكل خاص والوطن بشكل عام . ومن يتابع واقع التعليم في بلادنا خلال الرحلات الماضية من عمر القافلة التعليمية وتحديداً منذ عام1990م ، فإنه يدرك تمام الإدراك أن التعليم تراجع بشكل مخيف في المحافظات الجنوبية ,حتى انتشرت الأميّة بين أوساط المتعلمين وحاملي الشهادات العلياء! ، وتهاوت الثقافة السلوكية والمعرفية إلى الحضيض. وهذا كان المبتغى من تدمير التعليم في المحافظات الجنوبية حتى يظل أبناءها تابعين لا يملكون قرارهم ، وخاضعين لمن يسيرهم ، ولهذا نبذل جهوداً مضاعفة اليوم بهدف تصحيح سير القافلة بعد أن ضلت طريقها" .

مهمة صعبة

وأضاف اللحجي : " إن قبولنا اليوم بإدارة قطاع التعليم في المحافظة لم يكن من منطلق التباهي بالمنصب بقدر ما كان أمانة عظيمة أُلقيت على عاتقنا في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد بسبب الحرب التي شنتها مليشيات الحوثي والمخلوع صالح, وقد قبلنا هذا التحدي من منطلق إيماننا بأهمية التعليم ودوره في صناعة الأجيال القادرة على بناء المجتمعات وتصحيح العديد من المفاهيم المغلوطة التي علقت في أذهان النشأ نتيجةً للسياسات الخاطئة التي مارسها النظام السابق وكان هدفها التجهيل لزرع الفوضى في المحافظات الجنوبية إذا حاولت الخروج عن طاعته ، وهو ما لاحظناه مؤخراً من أعمال وسلوكيات لا تمت لأبناء محافظة لحج بصله لا من بعيد ولا من قريب" .

عام التحدي

وأشار "نصر" بالقول : " إلا أن العام الماضي 2015 ــ 2016م كان يعد أكبر تحدٍ للعملية التعليمية في محافظة لحج بسبب عدم الاستقرار الأمني وانتشار السلاح في أيدي الجميع وظهور الجماعات المسلحة وغياب السلطة المحلية ممثلةَ الدولة . خاصة وأن المحافظة كانت قد تحررت من المليشيات مطلع أغسطس من نفس العام ، وتأخر رواتب المعلمين ، ووجود مدارس مدمرة.. وغيرها من المشاكل الكثير.. إلا أننا كنا القطاع الوحيد الذي يباشر عمله بتفانٍ وإخلاص حتى لا يفوّت أبناءنا الطلاب عامهم الدراسي ، ضاربين عرض الحائط كل التهديدات ، وتعاملنا مع الواقع بكل حكمة واقتدار ، وخلقنا الوحدة والانسجام بين الإدارة العامة وإدارات المديريات , وذهبنا إلى أبعد من ذلك من خلال نزولنا المستمر إلى المدارس والمديريات  والتواصل الدائم مع المدراء ، ومحاولة تذليل الصعاب وتسوية العقبات وإزالة الحواجز  من أجل أن تمضي عجلة التعليم من جديد.

وهنا لا يفوتنا أن نقدم جزيل الشكر والتقدير للأخ المناضل الجسور الدكتور / ناصر محمد ثابت الخبجي - محافظ محافظة لحج - الذي تحمّل قيادة المحافظة في أصعب الظروف وأصرّ على أن لا يقود السفينة إلا من داخل عاصمتها الحوطة رغم المخاطر التي كانت تحيط به في ظل انعدام الجانب الأمني ، ولكن بحنكته وخبرته استطاع أن يضبط الجانب الأمني في المحافظة ومن ثم حثه ودعمه لبقية القطاعات بممارسة أعمالها بشكل طبيعي رغم تهدم مرافقها إلا أنه أوجد لهم بدائل مؤقته لتسيير أعمال ومعاملات الموظفين والمواطنين ، وكان( أبونبراس) ولازال من أكثر المهتمين والداعمين لقطاع التعليم في المحافظة"

عمل واقعي

وألمح "بن سعيد" إلى أن هناك تحسن كبير في معظم القطاعات ، ومنها قطاع التعليم في محافظة لحج ، ويمضي بشكل متوافق مع مختلف آليات العملية التعليمية في إطار المكتب العام وإداراته وشعبه وإدارات المكتب في المديريات وإن كان متثاقلاً فإن الداء ينزل مرة واحدة لكن العافية تأتي تدريجياً ، فنحن نعمل على مختلف الصعد التربوية الإدارية والتعليمية بالتوازي وبعيداً عن التعالي على الواقع حتى لانترك للمتربصين ثغرات ينفذون من خلالها لتحطيم ما نقوم به من جهود وبعثرتها في مهب الريح . ولاشك أن ما من عمل ناجح إلا وتعترضه الكثير من العقبات ، لكن تظل أصعبها تلك المعوقات التي يصطنعاها أعداء النجاح والمأزومين ممن فقدوا مصالحهم ولم يقدموا للعملية التعليمية إلا نكبات ومآسي رغم كل الإمكانيات التي سخرت لهم فذهبت إلى جيوبهم الخاصة دون التفكير بالأجيال المتعاقبة ..

بدايات التباشير

وقال "أبو مهدي" : " لقد حمل منتصف العام الدراسي الجاري2016 ـ 2017م الكثير من الأخبار السارة على واقع التعليم بالمحافظة من خلال جملة من الأنشطة والفعاليات والبرامج التي ساعدت إلى حد ما في استقرار العملية التعليمية وعدم تعثرها. وقد تبلورت تلك التباشير بما قدمته عدد من المنظمات والجمعيات والمؤسسات من مساندة حقيقية للتعليم ، ومن أبرز تلك المنظمات والجمعيات الهيئة اليمنية الكويتية للإغاثة في حملتها (الكويت إلى جانبكم) حيث قامت بتقديم أثاث مكتبية للمكتب العام بالإضافة إلى ناسخة أوراق وجهاز كمبيوتر ، كما قامت بتوزيع( 500 )حقيبة مدرسية لمدرستي "خديجة" و"دار السلام" العند ، ومؤخرا التوقيع على عدد من العقود التي تنص على إعادة تأهيل مدارس خديجة والقادسية إلى جانب بناء مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة ، وهي أول مدرسة تنشأ في المحافظة . وهنا لا يمكننا أيضا أن نغفل عما قدمته جمعية الهلال الأحمر اليمني فرع لحج من مشاريع الصحة المدرسية لعشر مدارس من تبن والحوطة وتتمثل في بناء حمامات ومقاصف ومضلات . وقد كان للهلال الأحمر الإماراتي حضور بارز في قطاع التربية والتعليم محافظة لحج عبر تنفيذ عدد من المشاريع كان من أبرزها صيانة 17مدرسة في تبن وطور الباحة والمضاربة ، بالإضافة إلى توزيع( 900)حقيبة مدرسية لمدارس الحمراء الشظيف عبر لسلوم ، وكذا(200 ) سبورة استفادت منها المدارس المرممة وبعض المدارس ذات الاحتياج . وقد كان لمنظمة "اليونيسيف" حضور متميز في قطاع التربية والتعليم محافظة لحج من خلال دعم المدارس ، حيث قدمت صناديق أدوات هندسية ورياضية لمختلف مديريات المحافظة بالإضافة إلى( 4000) حقيبة لطلاب المدارس التي هدمت بفعل الحرب في (تبن ـ المسيمير ـ يهرـ طور الباحة ـ حبيل جبر المقاطرة).بالإضافة إلى( 64) خيمة للمدارس المهدمة والمدارس التي تعاني من كثافة طلابية كما قدم المجلس النرويجي حقائب وصناديق رياضية لمداس معليبه كوكبان والنازحين في مدرستي دار السلام بنين وبنات والمجمع السعيد ومدرسة سعد بن معاد بطور الباحة ، وأخيراً مؤسسة التواصل والتي بدورها قدمت(720) حقيبة و ( 700) زي مدرسي توزعت على 10 مدارس بمديريات ( المسيمير ـ الحوطة ـ تبن)

مشروع عملاق

واستطرد "بن سعيد" في حديثة إلى أن  : " ما قدمته المؤسسات والمنظمات والجمعيات المحلية والدولية يتم النظر إليه بعين الاعتبار والإجلال ، خاصة وأن تلك الأعمال ساعدت في التخفيف على الحكومة وعلى الكثير من الأسر في مديريات محافظة لحج . واستمرار لدور المنظمات والجمعيات فإن هناك مشروع عملاق سوف يدخل محافظة لحج في عدد من القطاعات وفي مقدمتها القطاع التربوي ، حيث سيتم استهداف مدارس مديريتي طور الباحة وتبن بالطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية ) وقد بدأ تنفيذ المشروع في أربع مدارس في إطار التجربة .مدرستين في طور الباحة ومدرستين في مديرية تبن وإدارتي  التربية في تبن وطور الباحة  ، وفي حال نجح المشروع وتم الحفاظ عليه فإنه سيتم تعميمه على جميع مدارس المديريتين والتوسع في باقي المديريات ، وهذا المشروع سوف ينفذ من قبل منظمة (بو إن دي بي ) في محافظتي لحج وأبين ".

افتتاح مدرستين

مدير عام مكتب التربية والتعليم قال أن مديرية تبن تشهد توسعاً عمرانياً كبيراً وكثافةً سكانيةً عاليةً في ظل هجرة داخلية بين مديريات المحافظة ، وهو ما استدعى افتتاح مدرستين جديدتين في مديرية تبن بهدف محاولة استيعاب جميع الطلاب وتسهيل عملية الوصول إلى المدارس ، خاصة وأن هذه المديرية مترامية الأطراف ، وتلك المدرستين في منطقة جول يماني ومنطقة الفيوش . لكن تظل هذه المديرية وغيرها من المديريات بحاجة ماسة إلى مشاريع جديدة في إطار التربية ومدارس حديثة غير تقليدية حتى تكون مركز جذب للطلاب وليس طاردة لهم وتحتوي على كل متطلبات التعليم بمختلف الأساليب والطرق ، أي أنها مدارس وليست معسكرات ، يستطيع الطالب من خلالها أن يتحصل على التعليم ويمارس هواياته المختلفة أكانت تلك الهوايات رياضية أو فنية أو ثقافية أو غيرها من الهوايات ، المهم أن يجد الطالب ضالته في المدرسة لأنها أساس صنع المواهب في مختلف الجوانب والاتجاهات والمرتكز الأساس في صنع العباقرة والعلماء وحماة الوطن وغيرها من العقول المستنيرة " .

خطوات طموحة

وأردف "نصر اللحجي" : " لدينا طموحات كبيرة وعزيمة قوية لتحسين وضع التعليم في المحافظة ، وقد كانت أولى خطواتنا الطموحة تشكيل ورشة عمل في مكتب التربية والتعليم مكونة من الإدارات والشعب المختصة لدراسة إمكانية تدريس مادة اللغة الإنجليزية من الصف الرابع الأساسي لأهمية هذه المادة وارتباطاتها العملية باعتبارها لغة العصر ، وإعادة تفعيل الأنشطة اللاصفية ، وتفعيل المسابقات بين المدارس والمديريات وتشكيل فرق فنية ورياضية وثقافية وعلمية في المديريات ، ومن ثم في المحافظة وغيرها الكثير .. لكن هذه الخطوة وغيرها من الخطوات لن تصل إلى قمة النجاح إلا إذا حصلت على الدعم المناسب من قبل الحكومة ممثلة بالدكتور/ عبدالله لملس وزير التربية والتعليم ، والسلطة المحلية بالمحافظة ممثلة بالدكتور / ناصر الخبجي محافظ المحافظة . وبهذا سيكون مكتب التربية رائد هذه الخطوة الطموحة إذا ما تم تعميمها على مختلف مدارس محافظاتنا الغالية.

جهود تشكر..

"أبو مهدي" أثنى على الجهود التي بُذلت من قبل إدارات وشعب مكتب التربية والتعليم في محافظة لحج على مدى العام والنصف في ظل الظروف الصعبة  والإمكانيات الشحيحة ، لأن تلك الجهود متظافرة مع إدارات مكاتب التربية والتعليم في المديريات ، ومدراء المدارس استطاعت أن تجعل من العام الماضي عاماً استثنائياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، واستطاعت تلك الجهود أن تمضي بالقافلة التعليمية حتى منتصف هذا العام بكل حنكة واقتدار ، ولهذا تستحق تلك الجهود الشكر والتقدير وهو أبسط ما يمكن أن نقدمه نظير تلك الجهود ، والتي ندرك تمام الإدراك أنها ستتضاعف في المرحلة القادمة من مسيرة القافلة التعليمية في محافظة لحج ، هذه المحافظة التي تمثل مركز الإبداع رغم الظروف الصعبة في الماضي وفي الحاضر.

دعوة المنظمات

دعا الأستاذ / نصر اللحجي في ختام حديثه كل المنظمات والمؤسسات والجمعيات التي قدمت لها مصفوفة احتياجات قطاع التربية والتعليم لكافة المديريات أن تفي بوعودها في تنفيذ مشاريعها المختلفة من بناء وترميم وتأثيث وتجهيز مختلف مدارس المحافظة بمختلف الوسائل ، لأهمية ذلك على واقع التعليم ، ونحن متفائلون جدا بتنفيذ ذلك من قبلهم في القريب العاجل ونمد أيديينا للعمل مع اي منظمات أو جمعيات أو مؤسسات أخرى تريد أن تخدم التعليم في محافظة لحج بشكل خاص ومحافظات الجنوب بشكل عام.